أخبار السودان

صراع على زعامة حزب «الأمة» القومي يهدد بانشقاقه

الخلاف حول «الحكومة الموازية» فجّر الأزمة وأخرجها إلى السطح

فجر توقيع «إعلان السودان التأسيسي» الذي يهدف إلى إنشاء «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، صراعات داخل حزب الأمة القومي، أكبر أحزاب السودان، وأدى إلى تبادل بيانات متضاربة من قيادات الحزب، تراوحت بين الفصل والتعيين والحل لقيادات ومؤسسات الحزب.

وأصدرت «مؤسسة الرئاسة» التي تتكون من نواب رئيس الحزب ومستشاريه، قراراً بعزل الرئيس، اللواء المتقاعد فضل الله برمة ناصر، وتسمية محمد عبد الله الدومة رئيساً مكلفاً جديداً. وأبرز أعضاء هذه المجموعة هم صديق إسماعيل، وإسماعيل كتر، ومريم الصادق المهدي.

من جانبه، فاجأ الرئيس المكلف، برمة ناصر، الجميع بإصدار قرار موازٍ حل بموجبه مؤسسة الرئاسة، وأعلن عزمه على تعيين هيئات ونواب ومساعدين جدد. وسانده في ذلك رئيس المكتب السياسي محمد الحسن المهدي، الذي عدّ قرار مؤسسة الرئاسة غير دستوري، وأن النواب والمستشارين يعينهم الرئيس ولا يملكون حق عزله.

وكانت قد بدأت بوادر هذا الخلاف حول زعامة الحزب مباشرة بعد رحيل الزعيم التاريخي الصادق المهدي، الذي كان آخر رئيس وزراء منتخب في العهد الديمقراطي. وبعد وفاته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، تم اختيار برمة ناصر رئيساً مكلفاً، مما أبقى الصراع على زعامة الحزب خفياً في ظل الصراعات الأخرى الأكبر حجماً والتي كانت تهدد مستقبل البلاد.

لكن عندما اندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) 2023، تفاقم الخلاف داخل الحزب حول المواقف المختلفة، إلى أن وصل إلى الخلاف العلني الحالي، فيما يشبه الانشقاق.

صراع الأخوة

 

الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبدالرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية - غيتي)
الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبدالرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية – غيتي)

تاريخياً ظل حزب الأمة يخضع لقيادة آل المهدي، ومع اندلاع الحرب اختار الجنرال المتقاعد برمة ناصر – مدعوماً بجناح من أسرة المهدي يقوده صديق ابن الصادق، الانحياز للقوى المدنية المناهضة للحرب والمنضوية تحت مظلة «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» المعروفة اختصاراً بـ«تقدم». وفي المقابل انحاز التيار الآخر من أسرة المهدي بقيادة الابن الأكبر عبد الرحمن، للجيش بتأييد بعض أفراد الأسرة الآخرين.

وللصراعات في حزب الأمة أبعاد سياسية ودينية وأسرية، برزت أول مرة في ستينات القرن الماضي، بين الصادق المهدي الطامح آنذاك في رئاسة الحزب، وعمه راعي الحزب الهادي المهدي. وأدى ذلك الصراع لانقسام إلى جناحين، أحدهما بقيادة الصادق، والآخر بقيادة الإمام الهادي.

لكن الحزب توحد لاحقاً تحت قيادة الصادق، بعد مقتل الإمام الهادي على أيدي السلطة العسكرية التي استولت على الحكم في انقلاب عسكري عام 1969. فجمع الصادق بين رئاسة الحزب وإمامة طائفة «الأنصار» التي تشكل الغالبية العظمى لأتباع الحزب، بعد أن كان المنصبان منفصلين، وهو ما عُرف بالجمع بين «القداسة والسياسة».

ويقول مقربون من الحزب إنه عندما تولى الجنرال المتقاعد فضل الله برمة ناصر رئاسة الحزب بعد رحيل زعيمه التاريخي الصادق المهدي، أصبح ناصر أول رئيس للحزب من خارج بيت المهدي، لذلك واجهت رئاسته تحديات عدة، على رأسها طموحات بعض أبناء المهدوي في المنصب.

وتأثر الحزب بتفاقم خلافات الأسرة المهدوية، خصوصاً بعد اندلاع الحرب وبروز تيارين داخل الأسرة، ثم تفجر الوضع مؤخراً بعد توقيع رئيس الحزب برمة ناصر على «إعلان السودان التأسيسي» الذي يطالب بدولة علمانية فيدرالية. وتاريخياً يستند حزب الأمة إلى إرث الثورة المهدية في منتصف القرن التاسع التي كانت دينية الطابع، لكن الحزب ساند الأنظمة الديمقراطية في معظم الأوقات الحديثة بعد الاستقلال.

تيارات ثلاثة

 

صديق الصادق المهدي خلال كلمته في اجتماع لتحالف الحرية والتغيير المدني في القاهرة (اللجنة الإعلامية للتحالف)
صديق الصادق المهدي خلال كلمته في اجتماع لتحالف الحرية والتغيير المدني في القاهرة (اللجنة الإعلامية للتحالف)

وقال القيادي في الحزب صلاح جلال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القداسة انتهت بموت الصادق المهدي، ولا يوجد الآن شخص يحمل رمزية دينية لتقدسه جماهير طائفة الأنصار». وحسب جلال، تصطرع 3 تيارات داخل الحزب الآن: تيار مؤيد لحكومة بورتسودان التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وتسانده الحركة الإسلامية، ويتكون هذا التيار من محمد عبد الله الدومة والفريق صديق إسماعيل وآخرين، ويقوده من خلف ستار عبد الرحمن الصادق المهدي. والتيار الثاني ينتمي إلى تحالف «تقدم»، ويقوده الأمين العام للحزب الواثق البرير وصديق الصادق المهدي. وتيار ثالث بقيادة رئيس الحزب برمة ناصر، وهو التيار الذي وقع على «الميثاق التأسيسي».

وتعليقاً على قرارات العزل والتجميد الصادرة من التيارات الحزبية، قال جلال: «رئيس الحزب هو المسؤول السياسي الأول، ويحاسبه المؤتمر العام، ويملك شرعية دستورية ومؤسسية في اتخاذ القرارات». وتابع: «المجموعة التي فصلته نواب ومستشارون يعينهم ويعزلهم الرئيس ولا يمكنهم فصله، ولا تؤيدهم تقاليد دستورية أو تنظيمية، ومن حق الرئيس إيقافهم بنص دستور الحزب، ولائحة الطوارئ الحزبية التي تكفل للرئيس تجميد كل الأجهزة وتشكيل أجهزة طوارئ».

وأضاف جلال أن أنصار الحزب في إقليمي كردفان ودافور في غرب السودان يمثلون 60 في المائة تقريباً من جماهير الحزب، وهم يؤيدون «ميثاق التأسيس»، وينظرون إلى اللواء برمة ناصر بوصفه بطلاً.

خلافات مكبوتة

 

زعيم حزب الأمة الراحل الصادق المهدي وهو آخر رئيس وزراء منتخب في العهد الديمقراطي (أ.ف.ب)
زعيم حزب الأمة الراحل الصادق المهدي وهو آخر رئيس وزراء منتخب في العهد الديمقراطي (أ.ف.ب)

وبحسب الصحافي محمد لطيف، تكمن مشكلة حزب الأمة في الإدارة المركزية التي كانت متبعة في عهد الزعيم الراحل الصادق المهدي، قائلاً: «ظلت الكلمة الأولى والأخيرة للإمام الصادق بغض النظر عن الخلافات والاختلافات… وبغيابه برزت الخلافات المكبوتة إلى السطح».

وأضاف: «في حياة الإمام الصادق كان هناك رأي سلبي من انخراط نجله عبد الرحمن في حكومة (الرئيس السابق) البشير، لكن بغياب الصادق انقسم الأشقاء إلى مجموعتين، لكل مجموعة موقفها من عبد الرحمن، وانعكس ذلك على الحزب فتعقدت أموره، لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم».

ولخص لطيف الخلافات بقوله إن «حزب الأمة في مفترق طرق، ويصعب الحديث عن تجاوز الأزمة أو رتق هذا الخلاف لأنه أصبح خلافاً مؤسسياً واستراتيجياً، ونتوقع حدوث الأسوأ».

‫5 تعليقات

  1. برمة مجرد جنجويدي متهور انحاز للمتمردين من قبيلته وهو قد ناهز ال 82 من عمره ومن يعش ثمانين حولا لا ابا لك يسأم واظن انه قد اصابته لوثة في تفكيره اذ كيف لرئيس حزب تاريخيا كان الاول في السودان وكان حزبا قوميا فعلا وحقيقة حتى جاء برمة الذي تم تصعيده مكلفا لوقت معين لكن هذا الوقت طال لظروف السودان والتي بسببها لم يستطع الحزب الاجتماع لتعيين رئيس جديد من ال البيت وهذا يعرفه برمة وغيره ويا عمك ما تفرفر ساكت

  2. كل من ينتمي لحواضن الجنجويد في حزب الأمة سينضم لجماعة نيروبي ،يعني حزب الأمة اتشلع.وذلك لان ولائهم القبلي لا يعلي عليه،

    …حزب يتولي قيادته مجموعات تدعي ان اجدادهم حاربوا وقتلوا في كرري، او ام دبيكرات وبعضهم يدعي ان اجدادهم كانوا من حملة رايات جيش الجهاديه…!!؟

    …هل قتال جدك في معارك جهادية التعايشي هو باسبورت لك لان تصبح قيادي في حزب الامه،وتتولي حكم السودان؟.

    …هل مقياس السياسي الناجح في حزب الأمة هو مقتل جدك في معارك جهادية المتمهدى، وخليفته الفكي القاتل التعايشي ؟؟.

    …وهل كل من يخرج من صلب المرحوم الصادق المهدي ،تصبح له الريادة والقيادة في حزب الأمة والسودان، ودي لن تكون نهاية هذا المسلسل الهزلي، لان احفاد الصادق المهدي، سيرثوا هذا ( (الحق الالهي). ويجهزوا حالهم لان يكونوا قادة حزب الأمة وسودان المستقبل.؟؟؟…

    …في رأي الشخصي،أن حرب طي الخرطوم ،سيتبعها تغيير جذري لكل الوضع الجيوسياسي، وستظهر مجموعات شبابيه تسد الفراغ السياسي ،وربما تكون سيدة الموقف في بلادنا ،خاصة إذا تم التخلص من كل الرتب العسكرية العليا،الرفيعة، سمها ما شئت في الجيش الكيزاني المؤدلج والتي تقف ضد أي تغيير لمصلحة السودان..

    …محن، محن ،؟!!

  3. Avatar photo يقول الكوز يعلم انه منبوذ اجتماعيا مكروه شعبيا وحياته كلها حرام في حرام ونفاق في نفاق:

    كتلة المخابرات المصرية (كتلة الموز) هي سبب الحرب باعتصام الموز بتاعهم وتشجيعهم لعسكر الكيزان بالانقلاب علي حكومة الثورة ولجنة ازالة التمكين بعد كان مخانيث الكيزان الارهابيين مستخبيين وهاربيين ومفحطين جاء ابناء دولة دارفور ناس الحاقد مناوى والحاقد جبريل والحاقد طمبور وابناء النوبة ناس الحاقد اردول والحاقد كافي طيارة وبقية ابناء ونخبة الهامش العنصري البغيض وعملوا علي تعطيل الثورة وفرملتها ومهاجمة صمام امان السودان (لجنة ازالة التمكين) وذلك بعد اتفاقهم التحت التربيزة بينهم وبين عصابة الكيزان الارهابية ولجنتهم الامنية المجرمة، وذلك في مقابل اعطاء ناس حركات دارفور المسلحة العنصرية القبلية اموال طاىلة ومناصب وزارية ودستورية وتمكين لهم ولاسرهم واهلهم الاقربيين وتعيينهم في الشركات الكبيرة بالاونطة وتمليك قادة هذه الحركات المجرمة البيوت والاراضي والمزارع علي الشريط النيلي عشقهم الكبير.
    من اشعل الحرب هو من قام باعتصام الموز ودعم انقلاب ٢٥ اكتوبر الكيزانى الخلاقة وهو من شجع مليشيات وكتائب الكيزان الارهابية بالهجوم علي قوات الدعم السريع في جنوب المدينة الرياضية ومن اطلق الرصاصة الاولي هم عصابات الكيزان الارهابيين زناة نهار رمضان تجار الدين والمخدرات قاتلي الدارفوريين وذلك بتشجيع ودعم من حركات ونخبة دارفور انفسهم.
    عجبي من الرخص والرخاصة والرخيصين
    اللهم عليك بالكيزان وعبيدهم.
    لعنة الله علي الكيزان الملاعين وعبيد الكيزان الانجاس
    الحل في الانفصال بين الدول الثلاث المختلفة وشعوبها المتباينة.

  4. أصلا هذا الحزب سرقة عبد الرحمن ود محمد أحمد ود فحل الذي أدعى أنه المهدي المنتظر بالكذب الواضح، و لم يكن عبد الرحمن من مؤسسي حزب الأمة و أنضم للحزب بعد شهرين من التأسيس و لأنه زعيم طائفة أتباع أبيه فكان تعداد أتباع القداسة أكثر من المتعلمين في كلية غردون و غيرها، أصبح ثقل عبد الرحمن باتباعه يمثل ركيزة الحزب في الانتخابات إلى أن تحولت كل إمكانيات الحزب لخدمة عبد الرحمن الذي ورثها لابناءه و احفادة، لكن لم يعد للحزب ثقل جماهيري لأن الجهلاء الذين يتبعون أغلبهم ماتوا و ما تبقى منهم على فراش الموت، كان الثقل الجماهيري للحزب من غرب السودان و كردفان و جزء من النيل الأزرق و بعد انتشار المعرفة بالتعليم و الإنترنت ما عاد الجهل ينفع في قيادة الناس، اليوم الناس عرفت مصالحها ولا يعنيها ود فحل ولا اتباعه، فضل الله برمه ناصر هو زعيم لأهله رضي أحفاد ود فحل أو غضبوا و لن يتبع الناس ليحققوا مصالح أولاد الصادق أو غيرهم من بيت ود فحل، إنتهى عهد الجهل و التبعية العمياء.

  5. … لا توجد في السودان احزاب بالمعنى الحرفى … كل ما هناك خزعبلات لا معنى لها ولا مواقف بل ساهمت مساهمة كبيرة في الحال الذي فيه البلد اليوم…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..