مقالات سياسية

التسوية حلقةٌٓ في مسلسلِ الصراع الروسي – الأمريكي!

عثمان محمد حسن
* للمؤيدين للتسوية رؤىً قد تكون منطلقة من مصلحة السودان ، ولممثلي البلدان الإقليمية والدولية رؤىً تنطلق من مصالح بلدانهم في السودان ؛ وربما تطابقت رؤى هؤلاء برؤى أولئك في الشكل واختلفت في المضمون .. لذا فمن الإجحاف  دمغ (جميع) التسوويين بالعمالة لمجرد أن رؤاهم تطابقت ، شكلاً ، مع رؤى من يمثلون تلك البلدان ، فالعملاء معروفون (بالإسم)!..
* وتتنافس أمريكا مع روسيا والصين للاستحواذ على مناطق نفوذ استراتجية في السودان ، وكلها تعمل على احتواء موقعِه الممّيز وموارده غير المستغلة ، عبر قادته المرتعشين ، لتحقيق مصالح بلدنها، إما بمغريات مادية ما، أو بتخويف القادة المُسَلَط على رؤوسهم سيف المثول أمام محكمة الجنايات الدولية..
* وقد ظهر الصراع بين روسيا وأمريكا، لإحتواء السودان ، عقب سقوط نظام البشير.. وبلغ الصراع أشده ، على شاطئ البحر الأحمر ، إذ رست في ميناء بورتسودان ، في فبراير عام 2021م ، الفرقاطة الروسية “أدميرال غريغوروفيثش”، وبعدها رست سفينتان حربيتان أمريكيتان هما سفينة النقل السريع “كارسون سيتي”، التابعة للبحرية الأمريكية ،  والسفينة الحربية “ونستون تشرشل”..
* وحول ما كان يحدث من صراع بين روسيا وأمريكا في بورتسودان، جاء في صحيفة (فورين بوليسي) أن مسؤولاً بارزاً في البنتاغون تحدث أمام الكونغرس بقوله: «يدرك خصومنا جيدًا الإمكانات الاستراتيجية لإفريقيا ويكرِّسون الموارد والوقت لتعزيز شراكاتهم في القارة ، وكجزء من مشاركتها ، تقدم روسيا والصين بشكل روتيني مواد تدريبية ودفاعية للدول الإفريقية»..
* تلك هواجس أمريكية أثارتها محاولات روسيا بناء قاعدة عسكرية ، على الجانب السوداني من شاطئ البحر الأحمر ، وتقول صحيفة (فورين بوليسي) أن المسؤولين الأمريكيين “كانوا يراقبون صفقةٕ تم الإعلان عنها بين موسكو والخرطوم ، في أواخر عام 2020م ، تمنح روسيا قاعدة عسكرية .. وأن البرهان ، رئيس مجلس السيادة ، كان يحاول تجنُّب إثارة غضب الدول الغربية وحلفائه الإقليميين”..
* وقال مسؤول استخباراتي أمريكي في تصريحات للصحيفة : “إن قادة الجيش السوداني مترددون جدًا في منح الروس الوصول إلى هذا الميناء. ويواصلون تكتيكات التأخير”.! .
* ولترسيخ الوجود الأمريكي في المنطقة ، سافر القائم بالأعمال الأمريكي ، برايان شوكان ، واستقبل المدمرة “ونستون تشرشل” في بورتسودان ، مؤكداً أن زيارة السفينة زيارة تاريخية تظهر دعم الولايات المتحدة (للإنتقال الديمقراطي) في السودان ، وتظهر رغبة الأمريكان في قيام عهد جديد من التعاون والشراكة مع السودان..
* إن مفردة (للإنتقال الديمقراطي) هذه تعني ، ضمن ما تعني ، إبعاد روسيا من البحر الأحمر وتحجيم نشاط مرتزقة فاجنر في الداخل..
* إنتصرت أمريكا ، فلم يتم بناء القاعدة الروسية في بورنسودان .. وبعد انتصارها هناك عكفت تعمل بكل ما لديها من قوة وإغراءات دولارية لتثبيت التسوية السياسية بين مركزية قحت والجنرالات ، لإبعاد روسيا تماماً من السودان..
* إن (الإنتقال الديمقراطي) وإبعاد فاجنر مطلب شعبي ، بلا جدال .. لكن الغطرسة والإملاءات الامريكية مرفوضة رفضا ًصارماً بطل المعايير.. ونلمس تلك الغطرسة والإملاءات الأمريكية بوضوح في التحذير الذي صدر من أحد النافذين الأمريكان للقادة السودانيين من الإقدام على عقد أي صفقة مع دول (مثل) روسيا ، وهو تحذير أتى في الوقت الذي كان فيه البرهان يتأهب للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض..! .
* إن أمريكا تمارس عنجيتها مع القادة السودانيين لعلمها أنهم بلا حولوشخصية،ة بينما لا تمارس تلك العنجهية على أمثال محمد بن سلمان ، ولي العهد السعودي، الذي وقَّع، قبل يومين ،  مع الرئيس الصيني اتفاقيّات بقيمة 30 مليار دولار، كما تم توقيع 35 اتفاقيّة استثماريّة بين شركات سعوديّة وصينيّة خلال زيارة الرئيس الصيني للسعوديّة ، قبل أقل من أسبوع..
* وتستخدم أمريكا قوتها الناعمة لأبعاد الفشل عن مشروع التسوية ، إذ أعلنت عن فرض عقوبات على كل من يعمل على تقويض التقدم الديمقراطي من العسكريين والمدنيين! .
* لا أدري كيف ستفرض أمريكا عقوبات على لجان المقاومة ، وعلى ملايين السودانيين الذين لا يرون كبيراً على وجه الأرض ، ويقولون:- “كبير الجمل!” .
* إنهم معجَّزِي التسوية ،  بالتأكيد ، وإن تمت التسوية ، فإنهم مشِّلوها شللاً يقعدها ، بلا ريب! .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..