اقتصاد وأعمال

جمود الإصلاحات في السودان يعيق انفتاح مناخ الأعمال

يواجه السودان، إحدى أكثر الدول العربية والأفريقية مديونية، ضغوطا من مجتمع الأعمال والأكاديميين والخبراء لإظهار أنه مستعد لتنفيذ الإصلاحات التي يبدو أنها أعاقت انفتاح مناخ الأعمال بسبب الظروف السياسية والاقتصادية المتداخلة للبلد.

وتعرضت جهود الحكومة الانتقالية لانتكاسة في أكتوبر الماضي بعد تجميد مهامها، وهو ما أعطى فكرة لدى المحللين بأن الطريق أمام البلد لا يزال طويلا لجذب الاستثمارات أو حتى إغراء المغتربين بإقامة مشاريع لهم بالبلاد.

وسعت الحكومة منذ 2019 لإصلاحات بدت متقطعة لتنفيذ سلسلة من الإجراءات الهيكلية لتهيئة مناخ الأعمال عبر سياسة تحرير سعر الصرف الذي يعد إحدى الخطوات المهمة لجذب المستثمرين.

كما أجازت قانونا جديدا للاستثمار، وآخر للشراكة ما بين القطاع الخاص والقطاع العام، وثالث قانون النظام المصرفي المزدوج.

لكن يبدو أن كل تلك التدابير تصطدم بعقبات كثيرة أهمها عدم الاستقرار السياسي، كما أشار إلى ذلك إبراهيم أونور أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم خلال ندوة عقدت في العاصمة السودانية بعنوان “قراءة اقتصادية تنموية: مآلات ما بعد الخامس والعشرين من أكتوبر”.

ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى أونور قوله إن “دخول استثمارات أجنبية يتطلب إصلاحا مؤسسيا وحوكمة رشيدة لتحسين أداء اقتصاد البلاد، وأنه لو تم القيام بذلك لأمكننا من تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 10 في المئة خلال الفترة المقبلة”.

إبراهيم أونور: جذب الاستثمار يتطلب إصلاحا مؤسسيا وحوكمة رشيدة

وأضاف أن “الاستقرار السياسي مهم لأولويات المرحلة الانتقالية كما أنه سيسهم في جذب المساعدات والقروض الأجنبية التي توجه لمشروعات البنية التحتية”.

ومن شأن الاستثمار في مجال البنية التحتية تشجيع قيام المصانع والصناعات المرتبطة بالزراعة، كما ستؤدي إلى سهولة الاتصال وتحسين خدمات الخطوط الجوية وحركة الموانئ والإسهام بصورة فعالة في زيادة حجم صادرات السودان.

ويرى أونرو أن رفع العقوبات الأميركية عن بلاده كان بداية للدخول إلى العالم من خلال تدفق المساعدات الأجنبية، ورفع تنافسية المنتجات السودانية، كما أن إعفاء ديونه البالغة أكثر من 58 مليار دولار يكفل الحق في أخذ قروض في حدود هذا المبلغ.

وحتى يستطيع السودان الاستفادة من فرص الدعم الخارجي عبر قروض جديدة أو دعم خارجي، فإنه لا بد أن تبنى سياسات مالية تهدف إلى استقرار سعر الصرف والتضخم ودعم الشفافية والحوكمة في ممارسة الأعمال.

وعانى الاقتصاد السوداني طيلة عقود من اختلال في توازن القطاع الخارجي وضعف في القطاع المصرفي بجانب المشكلات الهيكلية المتمثلة في ضعف الإنتاج وال؟إنتاجية وتهالك وعدم كفاية البنى الأساسية.

كما أن التدهور في البنية التحتية لقطاع الخدمات الاجتماعية وضعف الحوكمة المالية وضعف البيئة المحفزة للقطاع الخاص والتدهور في الخدمات الاجتماعية أحد أسباب الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة في البلاد.

وامتد أثر هذا التدهور حتى الفترة الأولى التي تلت إسقاط الرئيس المخلوع عمر البشير بسبب هذه التركة المثقلة واستشراء الفساد وتأخر الإصلاحات بسبب عدم التوافق السياسي على المنهج.

وبالإضافة إلى ذلك، تعرض الاقتصاد لصدمات أخرى ارتبطت بالأزمة الصحية العالمية، والفيضانات التي غمرت أجزاء واسعة من البلاد، بينما كان السودان على وشك استئناف النمو الاقتصادي الإيجابي في العام الماضي.

و

كان يفترض أن من مهام الفترة الانتقالية وضع برنامج إصلاحي في إطار خطة خمسية تستهدف إصلاحات هيكلية لتطوير الاقتصاد، وتمويل الاستثمار في القطاع الزراعي والبنى التحتية والثروة الحيوانية والمعادن.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أكرم عباس الأستاذ في جامعة الخرطوم أن الإصلاح المؤسسي والإنفاق على التنمية والاستقرار السياسي جميعها عوامل إن توفرت تصب في صالح إعادة بناء الاقتصاد ومساعدة الناس على مواجهة ظروفهم المعيشية الصعبة.

وقال إنه “من الضروري اليوم بناء القدرات في الدولة لتتمكن من امتلاك الوضع الاقتصادي، عن طريق التفكير الجمعي والتعاون، ووضع خطط تنموية لإزالة الفقر”.

وأوضح أكرم أن الوضع الحالي يواجه صعوبات مرتبطة بإدارة الدولة، مبينا أن فرصة التغيير موجودة، ولكن تحتاج إلى إعادة بناء هيكلة الدولة والمحافظة على فرص التمويل.

وبات السودان بعد حصوله على دعم من المانحين أحدث دول العالم التي تدخل إلى مجال رؤية المستثمرين في الأسواق الناشئة الذين يبحثون عن فرص في أماكن تنفتح فقط على رأس المال الأجنبي، ما يعني أن احتمالات الحد من مستوى البطالة المرتفع كبيرة.

ويرى محللون أن الأوضاع قد تتعقد بشكل كبير إذا ظلت الضبابية تسود الأوضاع السياسية بالبلاد، فالمستثمرون العرب والأجانب لا يرغبون في خوض مغامرة محفوفة بالمطبات قد تعود عليهم بالخسائر.

ويقبع السودان في المراكز الخلفية في مؤشر سهولة الأعمال لعام 2020 والصادر عن البنك الدولي إذ يأتي في المرتبة 171 من أصل 180 بلدا حول العالم.

العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..