في اليوم العالمي للحد من الكوارث: الفاشر… مدينة تصارع الكارثة في صمت

مريم علي فضل
في الوقت الذي يحيي فيه العالم اليوم العالمي للحد من الكوارث، متأملًا أهمية الاستعداد والاستجابة للأزمات الطبيعية والإنسانية، تعيش مدينة الفاشر في غرب السودان مأساة تتجاوز حدود الوصف. إنها ليست مجرد أزمة عابرة، بل كارثة إنسانية مكتملة الأركان، عنوانها الجوع والمرض والحصار، وضحاياها أبرياء أنهكتهم الحرب ونسيهم العالم.
منذ شهور، ترزح الفاشر تحت حصار خانق أدى إلى انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية، وتدهور الخدمات الأساسية إلى حدٍّ ينذر بالمجاعة. الأطفال ينامون جياعًا، والنساء يقفن في طوابير طويلة بحثًا عن جرعة ماء أو كسرة خبز. المستشفيات خالية من الدواء، والأطباء يعملون بوسائل بدائية لإنقاذ الأرواح وسط غياب كامل لأي دعم إنساني فعّال.
إن ما يحدث في الفاشر يتجاوز حدود الكارثة الطبيعية؛ فهو نتاج مباشر للحرب والإهمال، ولعجز المنظمات الدولية والجهات المعنية عن الوصول إلى السكان وتقديم العون اللازم لهم. أين هي آليات الحماية الدولية؟ وأين هي الأصوات التي كانت تتحدث عن حقوق الإنسان والطفل والمرأة؟
في هذه المدينة المنكوبة، تُنتهك كرامة النساء بشكل يومي، ويُدفع الأطفال إلى مواجهة الجوع والمرض بلا مأوى ولا رعاية، بينما تكتفي المؤسسات المعنية بالبيانات والتصريحات. لقد أصبحت الفاشر مرآةً تعكس فشل العالم في حماية المدنيين وقت الأزمات.
إن اليوم العالمي للحد من الكوارث يجب ألا يمر كشعارٍ احتفالي، بل نداء عاجل للضمير الإنساني كي يلتفت إلى الفاشر وإلى كل المدن المنسية التي تعيش تحت وطأة المأساة.
لقد آن الأوان لأن تتحرك المنظمات الأممية، ووكالات الإغاثة، والمؤسسات الحقوقية لرفع المعاناة عن أهل المدينة، وتوفير الممرات الإنسانية الآمنة، وتقديم الغذاء والدواء والحماية.
فالكارثة في الفاشر ليست أرقامًا في تقارير، بل حياة تُزهق كل يوم بصمت مؤلم، ومدينة تصرخ بأعلى صوتها:
انقذوا الفاشر قبل ان يموت ما تبقي من امل .



