دعوة للخروج من الإسلام للدخول في الإيمان

عندما أردت ان اكتب كتاب الإرشاد ولأنه أول كتاب اكتبه سالت أولا عن مراحل إعداد الكتاب للنشر، فاخبروني بأنه لابد أن تذهب المخطوطة بعد إعدادها إلى المصنفات الأدبية والفنية ليتم إجازته باعتباره صالح للنشر ثم يأخذ الكتاب رقم إيداع، وفي المصنفات أخبرت بان لكل الكتب لجان متخصصة، اما الكتب التي لها علاقة بالرسالات فتذهب إلى مجمع الفقه الإسلامي لتجاز هنالك ثم تعود للمصنفات، ولان كتاب الإرشاد يدحض الثوابت التي يقوم عليها الفكر الإسلامي عموما توقعت أن يرفض ولذلك أعددته في شكل كتيب وأودعته المصنفات في انتظار الرد، ولكن جاء رد مجمع الفقه الإسلامي مفاجأة بإجازة الكتاب للنشر دون تعديل أو حذف أو حتى تعليق جانبي. وجاءت المفاجأة نتيجة لمفارقة الكتاب لثوابت الفكر الإسلامي التي اعتمدها كأساس للإسلام ولا يسمي ذلك الفكر الفرد مسلما إذا لم يسلم بكل تلك الثوابت، فكتاب الإرشاد لا يتلاقي مع الفكر الإسلامي إلا في القول ان الرسالة المحمدية هي رسالة إلهية خاتمة، اما غير ذلك إذا كان إدراك الإله وماهيته أو الرسول وعلاقته بالرسالة وكذلك ماهية الرسالة في كل ذلك يختلف الكتاب عن ما دونه الفكر الإسلامي وصدره إلى الآخرين باعتباره الرسالة السماوية.
وكنماذج للاختلاف نجد في (ص 50) تحت عنوان الإرشاد والمصحف العثماني ما يلي:
(من هنا نجد أن المصحف العثماني عبارة عن: محاولة بشرية إنسانية لتدوين وتجميع الإرشاد الإلهي الذي أتى إلى الرسول وليست كلام الله فالإله يتعالى عن استخدام القيم الإنسانية)، وهذه الفقرة تتناقض مع ثوابت الفكر الإسلامي الذي يقول ان الرسالة هي كلام الله ويتم تفسيرها على ذلك الأساس والأخذ بالمفاهيم والمقولات التي وردت بها كمقولات مباشرة من الإله للإنسان.
وكذلك في (ص 70) تحت عنوان الصلاة بين القيمة الإرشادية والقيمة السلوكية نجد الآتي:
(فشكل الصلاة السلوكي يرجع إذاً إلى مخيلة الإنسان العربي وواقعه واجتهاد الرسول، فمن تلك الثلاثية جاء شكل الصلاة السلوكي ولم يأتِ من السماء كما يحاول الفكر العربي أن يقول ما ليس في الإرشاد. ولا أزمة في أن يكون ذلك الشكل هو صلاة للإله ولكن الأزمة تنبع حين يدعي ذلك الفكر أن ذلك الشكل السلوكي هو منزل من الله أي هو الشكل السلوكي الوحيد المقبول عند الله من البشر وما عداه باطل، فعند هذه النقطة يخرج الفكر العربي من الرسالة إلى الشرك بالرسالة وإدخال قيم إنسانية على الله، وهو ما يسبب قصور ذلك الفكر عن إدراك مغزى الرسالات وإدراك معنى الإنسانية).
وغيرها الكثير من المفاهيم والثوابت مثل الحلال والحرام والشريعة وهكذا. لذلك وفي أخر الكتاب دفعنا بدعوة إلى تبني مفهوم الإيمان ليكون بديلا لمفهوم الإسلام متبعين في ذلك الإرشاد الإلهي الذي عندما وجد ان الرسالة لم تؤثر على تفكير وتصرفات المجتمعات العربية بل واستمروا على عهدهم الأول وأضافوا فقط بعض الطقوس حتى يسموا أنفسهم مسلمين تركهم على إسلامهم ذلك وتمت الدعوة إلى الإيمان (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)). فمنذ محاولة بداية صياغة الفكر الإسلامي جاءت تلك الصياغة لتستوعب الوعي المجتمعي وحور في الرسالة حتى تتماشي مع ذلك الوعي حتى وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الفكر الإسلامي لا يسعي إلى أعمار الحياة ولكن إلى هدمها وانقطعت صلته بالإرشاد تماما. فالإيمان يجعلك تعتقد بان هنالك في الديانات الأخرى مؤمنين مثلك يختلفوا فقط في طريقة حياتهم الإنسانية نتيجة لاختلاف مجتمعاتهم، وكذلك تعتقد ان منهم من سيدخل الجنة وآخرين سيدخلون النار ويحاسبوا على أساس رسالتهم وحياتهم وكذلك من المسلمين من سيدخل الجنة وآخرين سيدخلون النار بناء على رسالتهم وحياتهم.
فنجد في (ص 86) ما يلي:
(فهي دعوة للتحول إلى الإيمان الذي هو اعتراف بكل الرسالات الإرشادية وكمالها وخصوصية مجتمعاتها، ودعوة إلى الإيمان بأن الإرشاد هو معاني قبل أن يكون طقوساً سلوكية ولذلك يمكن أن تتجسد تلك المعاني بأشكال مختلفة وتكون كاملة، وكذلك الاعتراف بكل المجتمعات الأخرى وإنسانيتها الكاملة دون أن تتغير شكلا، ومعرفة أن كل قيمها وطقوسها السلوكية هي قيم كاملة إذا كانت فقط تحقق لها التكامل الإنساني داخل مجتمعاتها).
فأول سؤال يسال له الشخص من جانب احد متبعي الفكر الإسلامي هو هل أنت مسلم؟ وإجابتك بنعم توجب عليك أن تعتقد في كثير من ثوابت الفكر الإسلامي التي لا علاقة لها بالإرشاد وإجابتك بلا تعني كفرك وخروجك من العقيدة. فيقع الجميع في حيرة كيف يجيب على ذلك السؤال فهو مسلم ولكن لا يتفق مع كثير مما يقوله الفكر الإسلامي، فعلينا التحول إلى الإيمان وترك مفهوم الإسلام للذين يعبدون أفكار الأشخاص ويبتعدون شيئا فشيئا عن جوهر الإرشاد.
ملحوظة:
يوجد الكتاب (الإرشاد في الرسالات الإلهية ? دراسة للرسالة المحمدية الخاتمة ? المؤلف خالد يس) في مكتبة الدار السودانية ومكتبة وانجا بشارع السيد عبد الرحمن وبسعر 20ج وذلك لكل مهتم، وهي بداية لحوار جاد حول الفكر الإسلامي بعيدا عن نظرية الإقصاء والتكفير.
[email][email protected][/email]