مقالات سياسية

الزراية بالمحاكم وهز هيبتها

بشفافية

حيدر المكاشفي

رصدت بعض التسريبات المبثوثة عن جلسة الثلاثاء الماضي، التي أرغى فيها المخلوع وأزبد، ما وقع من خلافات في المحكمة بين قضاتها، وسمع الحضور تلك الخلافات من مايكرفون المحكمة الذي كان مفتوحا قبل ان ينتبه الحاجب ويسارع لاغلاقه، وأهم ما سُمع في تلك التسريبات تنبيه أحد القضاة لرئيس المحكمة بضرورة ايقاف المخلوع عن الاستمرار في القاء خطبته السياسية التي لا علاقة للمحكمة بها، وكان رد رئيس المحكمة (أعمل ليهو شنو هو ما عايز اقيف)، وعلى كل حال واحتراما للمحكمة، لست هنا في وارد التعليق على هذا التسريب، وانما لرصد جملة من المشاهد التي تعمد فيها متهمو انقلاب يونيو 1989 ومحامو دفاعهم وانصارهم من العامة، الاستخفاف بالمحكمة والزراية بها على طول الجلسات السابقة،

فقد سمع متابعوا جلسات المحاكمة ورأوا بأعينهم، كيف كان محامو المتهمين بالانقلاب يصرخون في وجه المحكمة وقضاتها، وسمع الناس ورأوا الهتافات الداوية تنطلق من داخل المحكمة، ورأى الناس وسمعوا ما يحدث لأول مرة داخل المحاكم، برفع أحد المتهمين صوته أعلى من صوت القاضي، ليس ذلك فحسب بل لا يمتثل ولا يستجيب حتى لمحاولات القاضي لتهدئته ويستمر في صراخه وكأن لا وجود للقاضي، كما رأى الناس وسمعوا القاضي يعتذر لمحامي الدفاع ويقول لهم (معليش)، ورأى الناس وسمعوا أحد محامي الدفاع يأتي على ذكر اسم رئيسة القضاء السابقة مولانا نعمات، هكذا (حاف) دون أن يسبق اسمها باللقب المتعارف عليه في الدوائر العدلية، كـ(مولانا) أو صاحبة السعادة، وفي ذلك تعمد وسوء قصد لازدرائها والتقليل من شأنها، ورأى الناس وسمعوا عبر الشاشات والاذاعات قاضي المحكمة يقول لأحد محامي الدفاع (لو سمحت لو سمحت)، ويكررها عدة مرات والمحامي المنفوخ لا يستجيب لهذا (الاستسماح)، ورأى الناس وسمعوا كيف كان فلول النظام البائد الحاضرين للجلسات، يشرخون حلاقيمهم بالهتاف من داخل المحكمة، والأدهى والانكأ ان محامي الدفاع يتفاعلوا مع هؤلاء المهرجين وكانوا يشاركونهم الهتاف، والاعجب ان المحكمة لم تتخذ ضدهم أي اجراء..

الشاهد في كل هذه المظاهر الفوضوية التهريجية، أنها مرتبة ومقصودة ومتعمدة للاستخفاف بالمحكمة والمحاكمة و(الخستكة بها) من جهة، وللتأثير عليها من جهة أخرى، والمؤسف ان كل هذه التفلتات والهرج والمرج الذي يجري داخل المحكمة، لا يشاهده ويأسى له المواطن السوداني بالداخل فقط، بل يشاهده كل العالم الذي يتابع ما تنقله اجهزة اعلامه الاقليمية والدولية التي تنقل مجريات المحاكمة، ولعل هذا ينقل صورة سالبة عن القضاء السوداني ويظهره بمظهر الضعف، علما بأن القضاء السوداني متهم أصلا من قبل المنظمات الحقوقية ومجلس الأمن الدولي بعدم القدرة وعدم الرغبة في اجراء محاكمات ناجزة، ولهذا أحال جرائم دارفور لمحكمة الجنايات الدولية، وما يجري من تهريج وفوضى وزيطة وزمبريطة وتهليل وتكبير داخل المحكمة، يهز هيبة المحكمة وينتقص من وقارها ويزدري هيبتها.. لقد اتيحت لي شخصيا من قبل وكنت وقتها في عداد الصحافيين المتدربين ابان انتفاضة ابريل 1986، ان اتابع واغطي انا وزميلي جمال عبد القادر واسماعيل ادم ومن قبلنا الزميل صلاح حبيب الذي كان مختصا بتغطية الدوائر العدلية، كيف كانت تسير المحاكم التي شكلت بعد الانتفاضة، مثل محكمة مدبري انقلاب مايو والفلاشا وخضر الشريف وبهاء الدين محمد ادريس وغيرها، كيف كانت تلك المحاكم وقضاتها غاية في الضبط والانضباط والمهنية والوقار والهيبة، ولم نشهد فيها أي مظهر تهريجي فوضوي كالذي يحدث الان..

الجريدة

 

تعليق واحد

  1. أولا لابد أن نؤمن على أن هذه الفوضى والاستهتار داخل المحكمة هى مسألة مقصودة أعد لها مسبقا وقد بدأها المتهم الطيب سيخه عند تعريف نفسه للمحكمة فبدل أن يذكر اسمه مجردا ألقى شعرا أنه هو أسد أيه كده ما عارف فضحك المتهمون وضحك القاضى أيضا بدل أن يجد الردع الذى يستحقه فى عدم احترام المحكمة فاستمر هؤلاء المتهمون ومحاموهم فى التقليل من شأن المحمكةوتتفيه هيبتها وقضاتها إذن على من يكون العيب .. على المتهمين أم على المحامين أم على القضاة .. بالقطع يقع العيب بالدرجة الأولى على القضاة ثم على محامى هؤلاء المتهمين ولا نبرئ هيئة الاتهام كان يجب عليها أن تقف موقفا قويا أما أن تكون محاكمة لها هيبتها وقدسيتها وحفظا لهيبة القضاء السودانى وسمعته أو فلتترك لسبدرات وأمثاله ليعيثوا فيها فسادا وليمرحوا فى مهازلها وعلى القضاء السودانى السلام .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..