مجزرة الفاشر (الحد الفاصل)

عبدالله مكاوي
مهما توهمنا ان لميلشيا الجنجويد حد للانحطاط، تُفاجئنا بارتكاب مزيد من المجازر الجنونية، التي لا تخطر علي بال رواد الخيال! فبعد مجزرة ود النورة بكل مشهديتها الرعبية ودمويتها الوحشية، مرورا بما لا حصر له من الانتهاكات التي يصعب وصفها، ابت هذه المليشيا البربرية التي تتغذي علي الاحقاد وتنهل من معين التفاهة، إلا ان تصعِّد من حجم فظائعها واستفزازاها، وهي تستهدف ابرياء في بيوت الله حيث الطُمأنينة والخشوع. كأن المليشيا العدمية لم ترضّ عن اصرارهم علي اداء صلاة الفجر في المسجد، في تحدٍ بطولي يستحق الاعجاب، لمعانات بطونهم الخاوية واجسادهم الهزيلة والرعب الذي يخيم علي مدينتهم بفعل الحصار والارهاب المفروض من قبل المليشيا. لتعلن هذه المجزرة الجبانة عن مفارقة مآساوية يندي لها الجبين، عندما يختطف الموت الغادر انقياء تحتفي بهم الحياة، ويترك اعداء الحياة طلقاء، بل غالبا يعدون العدة لمجازر اشد مضاضة. وإلا فماذا ننتظر ممن خُتم علي قلوبهم بخاتم القسوة والهمجية والسفالة وكراهة الحياة؟!
والحال ان ما لا يحتاج الي جدال او مغالطات بائسة تستهوي اصحاب الغرض، ان ما درجت علي ممارسته المليشيا من سلب ونهب وتدمير للممتلكات الخاصة والعامة، واستباحة لدماء المواطنين وتحويل حياتهم الي جحيم، يشكل البنية الاساسية للمليشيا منذ تاسيسها، كاداة قذرة لخدمة مشاريع السلطة الانقاذية وحمايتها. وعليه، ومن خلال جميع تمرحلات المليشيا وتغيير تحالفاتها وتبديل جلدها المرة تلو الاخري، إلا ان ما ظل ثابت هو التكوين المليشياوي (ادات بطش وارهاب وفساد في الارض) الذي يحكم سلوكها عند المحكات.
وبالطبع ليس مصادفة ان يقود هكذا مليشيا قذرة، فاقد تربوي وقيمي ووطني مثل المعتوه حميدتي، الذي يطغي عليه الجهل والطموح والنزوع الاجرامي والاندفاع للمغامرات، وقبل كل شئ استسهال القتل والتخريب والاستعداد للبيع لمن يدفع اكثر! اي باختصار المليشيا ارخص اداة للانتهازية السياسية والسلطوية في الداخل وللطامعين في الخارج، غض النظر عن مخاطر ذلك علي امن المواطنين وسلامة الدولة.
والسؤال الذي يفرض نفسه بالحاح ووضوح، هل يمكن الوصول لمطالب عادلة وتحقيق تطلعات طيبة وبلوغ ارقي منجزات الحداثة، بتوسل وسيلة اجرامية معادية للمدنية والانسانية والحضارة، وتنافي سلوكياتها كل الاعراف والقيم والشرائع التي بلغتها الانسانية عبر تضحيات جسام؟ والاجابة بالطبع لا تحتاج لاجتهاد او عبقرية او فذلكة تاريخية، ولكن مجرد استقامة اخلاقية وشخصية سوية. وللاسف هذا ما اصبح عملة نادرة، في زمن الانحطاط السائد، واختلاط الحابل بالنابل وصعود رويبضات من كل شكل ولون لصدارة المشهد السياسي. بل الاسوأ من ذلك هو انكشاف كثير من ادعياء التنوير والثورة والتغيير علي حقيقتهم، وعلي الاخص من يتشدقون بسرديات الاخلاق حتي ظننا انهم صنو للشهيد محمود في سمو مرتبته! لتتكشف واحدة من اسوأ الخصال في الشأن العام، وهي ضمور الاحساس بما يعانيه المواطنون ضحايا المليشيا الهجمية! وكأن الخلاص من العسكر او الكيزان لا يمر إلا عبر مساندة هذه المليشيا القذرة او الصمت المهين علي مجازرها. مع العلم انها اصلا احد منتجاتهم، بل اقذر منتوجاتهم. والحال كذلك ما الفارق بينهم والكيزان؟ بل الكيزان افضل لانهم لا يخفون ذقونهم خلف شعارات الثورة والعلمانية والدولة المدنية. كما ان المفارقة تكمن في ان العكس هو حدث فعلا، عبر عودة الكيزان لصدارة المشهد، والاخطر تكريس سلطة الجيش بصورة اوسع ولمدي ابعد، وكل ذلك من باب التصدي للمليشيا التخريبية الارهابية. وفي ظل تهديد المليشيا للجميع بسلوكياتها الهجمية، فالتصدي لها يجد اكبر دعم ومردود لدي الاغلبية المرعوبة. فاي مكاسب مجانية حازها العسكر والكيزان رغم انهما سبب كل المصائب؟! ولكنه الغباء السياسي، وقبله زيف الادعاءات والدعاوي التي صدع المعارضون المزيفون بها رؤوسنا ثلاثة عقود مظلمة. لنجني من الثورة ليس استشهاد انبل شبابنا، ولكن ضياع بلادنا ووقوعها فريسة لمؤامرة قذرة تستهدف وجودها ونهب مواردها.
وبما ان اكبر جريمة ارتكبها نظام الانقاذ في حق الوطن والمواطنين، هي تكوين ورعاية وزيادة سطوة ونفوذ وشرعنة وجود مليشيا الجنجويد، ويتحمل وزرها بصورة خاصة قيادات الجيش وجهاز الامن. لانه من حينها فقدنا السيطرة علي بلادنا فعليا، قبل ان تكمل الحرب ذلك عمليا. وتاليا يصبح الخيار الوحيد المتاح، ليس البكاء علي اللبن المسكوب، ولكن كيفية استرداد بلادنا بعد دخولها نفق المجهول، بتواجد هذه المليشيا ونشاطها العسكري والتخريبي، وتحولها لاداة عميلة تُنفذ مخططات الخارج الخبيثة؟واذا كان السياسيون المعارضون يرفضون العمل العسكري علي اعتباره خيار للعسكر ودعاة مواصلة الحرب رغم كلفتها الباهظة، واحتمال انفتاحها علي مجاهل وخسائر ومخاطر اكبر. فمؤكد الحل لا يكمن في دعم المليشيا او الصمت المخزي علي انتهاكاتها او دعوات لا للحرب الاستعراضية (بدلالة العلاقة الودية مع الامارات، رغم انها الراعي الرسمي والممول الرئيس للحرب العدوانية علي البلاد وشعبها!!)، ولكن في ابتكار حلول وطروحات تبطل دعاوي المليشيا، وتوظيف العلاقة سالفة الذكر (مع الامارات) لايجاد مخارج سياسية اقل كلفة للخلاص من المليشيا والمحافظة علي ما تبقي من الدولة. لانه ببساطة في ظل وجود المليشيا باي شكل كان، لا مكان لوجود الدولة، لان ما يوجد هو الفوضي والخراب فحسب، وهو ما لن يستفد منه إلا المجرمون علي المدي القصير، اما علي المدي الطويل فالجميع خسران.
ومؤكد هكذا دعوة فيها تبسيط شديد في ظل تعقيد القضايا ووفرة السلاح وتاثير المحاور وتناقض المصالح وتكاثر الطموحات الخاصة، كما ان تقبلها اكثر عسر لانفتاحها علي معضلة تاريخية تسببت في كل هذه الكوارث. وهي اغتصاب العسكر للحكم واعادة انتاج الفشل بنفس الطريقة، ولكن بمعدل اسرع ومدي اوسع. ليترتب عليه تخريب السلطة ومؤسسات الدولة واحوال المجتمع. وعليه، تصبح مسؤولية الطبقة السياسية مضاعفة، فمن جهة المحافظة علي كيان الدولة بالتصدي للمليشيا، ومن جهة التصدي للجيش لبلوغ الدولة المدنية والسلطة الديمقراطية.
وبما انه باستثناء الحزب الشيوعي الذي يمكن ان نصفه باي شئ إلا انطلاء الالاعيب الخارجية عليه او مساومته علي سلامة البلاد وحرمة مواردها. فان البقية تحتاج هي نفسها للتغيير وتجديد قياداتها وطروحاتها، قبل ان تعلن بجرأة تحسد عليها، علي احداث التغيير المنشود وانجاز شعارات الحرية والعدالة والسلام وهلجمرا. واذا صح ذلك فليس هنالك انسب من هذا التوقيت، لإدانة مجزرة الفاشر بالفم المليان، ومن ثمَّ القطع مع المليشيا نهائيا، إلا من باب الخلاص منها سياسيا (وضع معالجات تشجع علي ترك السلاح وحفظ الحقوق المدنية). والاهم استخدام كافة الوسائل لفك حصار المليشيا الجائر علي اهل الفاشر البؤساء، فيكيفيهم ما هم فيه وما ظلوا يكابدونه عشرات السنين.
واخيرا
من محن السودانيين ليس العناية الخاصة بالبشير، علي الرغم من تسببه في كل هذه المآسي، ولكن افتخار البعض وعلي الاخص ضباط الجيش بمقابلته والتآنس بصحبته واعلان ذلك كمصدر للفخر، كما ان بعض البسطاء يترحمون علي ايامه! وغالبا ذلك يرجع لمرض السلطة الذي ينتج سلطة مريضة، تشوه كل علاقات التماس معها، وعلي راسها الانسحاق امام الرؤساء، وان غادروا سلطتهم، وقبل ذلك ولغوا في تعذيب الشعب ونهب ثرواته وخراب البلاد!وكما عبر حميد عن فشل السلطة في ابسط مهامها عندما تتحول الي شهوة عوضا عن المسؤولية، في رائعته الضو وجهجهة التساب (يا دكة السلطة ودخانا وشملتا في شرعك الانسان يموت كان زادت الموية ويموت من قلتا). وللاسف هذا عهدنا بالسلطات الانقلابية والحكومات الشمولية التي رزءنا بها منذ الاستقلال، ولكن بصورة اكثر بؤس ومهزلة في فترة الانقاذ التي دمرت الماضي، اما ما تعدنا به سلطة حميدتي المليشياوية الفوضوية فهي تدمير جزء معتبر من الحاضر وكل المستقبل. والله غالب. ودمتم في رعايته.




لاتكذب هداك الله انا من ود النوره ، أهلنا بود النوره خدعهم الكيذان بأنهم أحفاد الصحابة وان الدعم السريع كفار يجب قتالهم وان النصر حليفهم لقد دربوا تدريب أقل من شهر وخرجوا وعملوا كمين لرتل من الدعم السريع وهم فرحين بالنصر الذي هو حليفهم لامحال أطلقوا الرصاصة الأولى ضد القوات المتحركة وهذموا وقتلوا شر قتله رحمهم الله جميعا والكوز الملعون هرب قبيل المعركة بدقائق، أما بالفاشر الكيذان هم َن ضربوا المسجد وقتلوا المصلين وسوف تبدي لك الأيام ذلك