مقالات سياسية

نيالا الجديدة (زمان).. (إستراحة الجمعة)

خروج:
* لو كانت لدينا حكومة تملأ الأرض عدلاً وتنمية؛ لكانت الأحوال (مستتبة!).. لكنها ظلت تستهلك الحجج كما تستهلك (الموارد!).. وعلى ذكر الموارد؛ فإن لدارفور وجهها الحسن (القديم) قبل أن تتحول في هذا العهد إلى أرض (مورودة) بالمآسي والضنك.. تحوّل شبعها إلى جوع وأمانها إلى خوف.. وظل تاريخها الأصيل يرمق الحاضر من هضاب الذكرى وينتحب..!
النص:
* مرت سنوات طويلة مذ كنا نسمع تلك الأغنية؛ ونحن صغار.. يحرضنا صوت (الدلوكة) على الحضور المبكر لحظة عرس أو ختان.. ولإقليمنا الأوسط أغنياته التي رسخت فينا ولم يمحها تعاقب الفصول.. كنا نسمع بالمدن مثل شندي؛ كسلا؛ مدني؛ جوبا؛ بحري؛ بارا ونيالا، من خلال الأصوات النسائية العبقة.. وكانت الأغنيات بسيطة التراكيب؛ فإن لم يكن لها معنى مفهوماً لدينا في ذلك الوقت، فإن لها إلهام خاص نترجمه وفق عقولنا الصغيرة المتطلعة، ويشكل لنا (متعة) مصدرها تلك المدن التي لم نرها إلاّ كباراً وقد جفّ الندى..!
* لكن حقاً.. لم أشاهد نيالا وبعض إخواتها (شوف العين) حتى اليوم، إلاّ عبر تصاعد الأخبار ذات الدخان.. أي لم أمشِ في ثراها.. إنما في ثريات تاريخها نتعلّق.. ويقيناً تظل رؤية (القلب) كافية لتحرّك أشجاناً وآلاماً وهواجسَ تجاه المكان الذي يمكن اختزال الإقليم فيه؛ بل اختزال كل السودان؛ فقد ارتبطت لدينا نحن أهل الجزيرة بالتجارة، وأفلحت (اللواري) قديماً لتصنع ارتباطاً وجدانياً عبر حكايات (الغرب!).. كانت تلك الأغنية المتداولة يومياً تعزز مكانة نيالا (التجارية) كرمز للجهة التي أحبها أهلنا وصار بعضهم (أزواجاً) فيها..! كم حرّضت (الدلوكة) الشباب للإتجاه غرباً، حيث ظلت نيالا بمثابة (الكويت الأخرى) لدى التجار والمغامرين أيضاً.. فالسفر إليها وقتئذٍ من الأشياء اللافتة.. وكم سمعنا عبارات الإعجاب يطلقها الكبار: (يا زول الناس مشت نيالا وانتَ لسه مباري الضللة!!)؛ ذلك تحفيزاً للجالسين في الظلال بأن يهبوا إلى حيث يتدلى قرص الشمس!.. وكانت الأغنية هي (البطل) رغم مفرداتها “البسيطة” ذات المفعول القوي:
كان ما مغترِب
يبقى تاجر غرِب
الزعلان.. كلّمو..
يقع الخزان..!
* هي مكانة (تاجر الغرب) المرموقة في فؤاد (حواء) ذلك التاريخ (الداني).. ومن حسن التحريض (المادي) البريء، أن أدى إلى تعزيز الأواصر، وزاد على ذلك بأن بعض تجار الغرب من أهلنا لم يعودوا إلى ديار الوسط إلاّ أزواجاً.. وظفر الآيبون بأحلام البنات المنتظرات مع (قلة المغتربين!).. فإذا أضفنا تلك الجلالة المهرولة في الزمان والمكان زادت نيالا سموقاً في المحبة: (أنا ماشي نيالا… عاجبني جمالا)..!
* قطعاً أن نيالا وصويحباتها العزيزات (في الغرب) لم يعُدن اليوم جاذبات ــ كما كنّ ــ بكل أسف.. فقد تبدّل الحال بعصا السياسة الغليظة ورعونتها..! لكن دائماً يصدق القائل: (التاريخ يعيد نفسه!) فالأمل هو الذي دفع أهلنا سابقاً (للطواف) غرباً.. وهو المنتظر للدفع كلما اقترب (الأمان).. ويظل الحزن على المدينة (الجديدة) في عهد الخراب العام، هو الحزن على وطن يقاتل بعضهم فيه على (السراب) والقبائل شاهدة.. فليت أحلام الناس تتحقق بتسلل ضوء عبر هذا الظلام..!
أعوذ بالله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “دارفور اليوم”
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لا بواكي على نيالا و اخواتها لكن مشكور الرائع شبونة ، من العار أن يصمت الناس هكذا و هم يرون أمنهم و قيمهم تنزف بغزارة لحد التلاشي ، اصبحت هذه الوهاد تدار عن بعد و بمن ؟؟ ببعض ادعياء المواقف و انصاف الرجال بل اشباههم و لي من الشواهد ما لا اخفيه ولاية سكانها و مواردها تدار بواسطة عقيد في الجيش !!! لا علاقة له بشؤن المدنية و التطور و قواعد الحكم ، فمن جون فؤاد موروا ببابكر كبلو و محمد فضل و عدد غير قليل من الأمراء و النظار و الشراتي و خاتمة المطاف بهذا اللواء الغريب الجاثم فوقها و جاره العقيد الطيب في شرق دارفور

  2. مدينة رائعة وجميلة وترحب بزائرها فقد عملت بها لمدة 3 سنوات وكانت من اجمل ايام العمر وهي تعتبر المدينة التجارية الثانية بعد الخرطوم

  3. اخي شبونة ..لك خالص التحايا وكل الود ..مدينة نيالاحقيقة كانت جميلة وانيقة… تناسقت رونق المشهد مع طيب المعشر … تتقاصر وتبهت كل الاوصاف والمعاني في حضرة نيالا البحير ..عن ماذا اصف و اقول عن غابة كوندوة تضاهي ((Kenya National Park ) الان اصبحت صحراء .!! والغابة النيم والدوماية والرمالية و وادي برلي وغيرها من مناطق السحر والافتنان.. . اصبحت معشعشة ومسكونة بكل شر مستطير جنجويد وغيره.

  4. مدينة رائعة وجميلة وترحب بزائرها فقد عملت بها لمدة 3 سنوات وكانت من اجمل ايام العمر وهي تعتبر المدينة التجارية الثانية بعد الخرطوم

  5. اخي شبونة ..لك خالص التحايا وكل الود ..مدينة نيالاحقيقة كانت جميلة وانيقة… تناسقت رونق المشهد مع طيب المعشر … تتقاصر وتبهت كل الاوصاف والمعاني في حضرة نيالا البحير ..عن ماذا اصف و اقول عن غابة كوندوة تضاهي ((Kenya National Park ) الان اصبحت صحراء .!! والغابة النيم والدوماية والرمالية و وادي برلي وغيرها من مناطق السحر والافتنان.. . اصبحت معشعشة ومسكونة بكل شر مستطير جنجويد وغيره.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..