إعادة التشريح يفجر الخلافات ..قضايا المفقودين .. حقائق صادمة !!

الخرطوم: الراكوبة
تعقيدات جمة تحيط بملف شهداء ثورة ديسمبر، منذ انطلاقتها، فالقضية لم تزل تراوح مكانها رغم أعوام التغيير الثلاث، وانتهاء حقبة الإنقاذ المريرة. ففي ظل تواصل حملات السعي لطمس حقيقة فض اعتصام القيادة العامة وما تلاها من عمليات إستشهاد واختفاء، إنتشرت مؤخرا ظاهرة التغييب لعدد من الفنيين والأطباء العاملين بمشارح الولاية وهو ما أدى لإصدار تعميم إداري حمل رقم (2021/1) بتاريخ 2021/3/10 يحظر فيه السفر أو التغييب عن العمل إلا باذن رسمي مكتوب من إدارة هيئة الطب العدلي، الأمر الذي يطرح تساؤل حول الأيدي الخفية وراء ذلك؟
التفاف
من المعلوم أن قضية الشهداء تعد من القضايا الشائكة التي ظلت معلقة حتى الآن، دون إحراز اي خطوات تقدمية فيها، ما جعل اسر الشهداء يلجؤن إلى ضرورة تدويل القضية عقب اتهامات من قبلهم بتسيس العدالة وهو ما ترفضه السلطة الحاكمة. وفيما تمضي بعض القضايا بسحفائية عرجاء نسبة لاتساع دائرة الضوء حولها، تتنظر بالمقابل بقية القضايا أن يكشف عن مرتكبيها. وقد قامت لجنة التحقيق في قضايا المفقودين رغم محاولتها الالتفاف على قضية الجثث مجهولة الهوية والتي يرجح أن تكون لمفقودي مجزرة فض اعتصام القيادة، بعد أن كشفت الحملات الإعلامية قصور عمله، بإصدار قرار بإعادة تشريح الجثامين الموجودة بولاية الخرطوم و التي سجل دخولها بتاريخ “١ يناير ٢٠٢١، ٢١ مارس ٢٠٢١” بتاريخ” ٢٠٢١/٣/٢٣ نمرة :ت ش/م/أ/قرارات، وتم تشكيل ثلاث لجان متوزعة على مشارح(بشائر-ام درمان-الأكاديمي).. مع إدخال فريق لطب الأسنان الشرعي برئاسة د.خالد محمد خالد.
تصاعد الخلاف
ومع تشكيل لجان إعادة التشريح، تصاعد الخلاف بين هيئة الطب العدلي ولجنة التحقيق في قضايا المفقودين لعرقلة الأخيرة هيئة الطب العدلي في شئونها الإدارية والفنية وتجاوزها في كثير من الأحيان وهو ما يتبين بخطاب، ردت فيه هيئة الطب العدلي على إتهامات لجنة التحقيق في قضايا المفقودين بعرقلة الهيئة متمثلة بمديرها بكسر حظر النشر في قضية التحقيق بمشرحة التمييز والتصريح بمعلومات مغلوطة والتسبب بتوقف عدد من إخصائي الطب الشرعي عن أداء عملهم. ويوضح خطاب لمدير عام وزارة الصحة-ولاية الخرطوم بتاريخ ٢٠٢١/٥/٩” هذه الاتهامات، وقد ابانت الهيئة ان ما نشره مديرها من تصريحات اوضحت ما ظهر من اختلافات من تقارير اللجان المشكلة سلفا وطلب تكليف لجنة دولية من خبراء الطب الشرعي، بينت تجاوزات رئيس ومقرر لجنة التحقيق في التدخل المباشر في الشئون الإدارية والفنية لعمل الطب العدلي بالقيام بتشكيل لجان فنية غير المقترحة من هيئة الطب العدلي والإصرار على فرض شخصيات بعينها تواجه إتهامات بالقيام بتجاوزات إدارية ومهنية وتم رفع قضايا ولم يتم الفصل فيها بعد، ثم اللجوء والتعامل المباشر مع المجلس الاستشاري”من المنتسبين إليه أعضاء من الطب العدلي” لوزير الصحة الاتحادي واضفاء صفة غير الصفة المتعارف عليها المستندة إلى لوائح وقوانين منظمة وهي (الهيئة الاستشارية الفدرالية للطب العدلي).
تجاوزات
وتمتد التجاوزات الفنية لرئيس ومقرر لجنة التحقيق، بإشتراط بدء فريق الطب العدلي برئاسة د.خالد محمد بتشريح الجثث ومنحه الحق في تحديد الجثامين التي تدفن وهو ما يتنافي مع إبجديات الطب الشرعي ويعرض لطمس الأدلة التشريحية، وكذا منع فريق المهندسين من إجراء أي صيانة إلا باذن اللجنة مما تسبب بتحلل بعض الجثامين إما بسبب التأخير او مدة الإذن القصيرة زمنيا، هذا فضلا عن صدور تصريحات لرئيس ومقرر اللجنة حملت إتهامات وإساءات لهيئة الطب العدلي وكذلك حملت تلك التصريحات عبارات وصلت حد الطعن في كفاءة العديد من أطباء الطب العدلي وتحميلهم مسؤولية تأخير التشريح والدفن.
وتمضي التجاوزات إلى منع نواب إخصائيي طب الأسنان العدلي من مزاولة تدريبهم في مشرحة الأكاديمي بأمر د.خالد محمد وتم إصدار قرار من مقرر لجنة التحقيق في قضايا المفقودين بتحديد الأشخاص المخول لهم صالة التشريح وليس من ضمنهم النواب مما عرضهم لفقدان دورة تدريبية ضمن مسارهم الأكاديمي.
معلومات مغلوطة
في موازة ذلك قامت هيئة الطب العدلي بتقديم خطاب شكوى إلى مكتب النائب العام بتاريخ ٢٠٢١/٨/١٦ أوضحت عبره الأحوال الكارثية البيئية التي حلت بمشارح ولاية الخرطوم مودية بضياع وطمس العديد من الأدلة على الجثامين المتكدسة ومن أبرزها ما حدث بمشرحة الأكاديمي والتي تمت محاولة إستدراكها بتكوين لجان تشريحية من قبل الهيئة ،بأخذ العينات من عظام الجثامين مجهولة الهوية لفحص الحمض النووي ، إلا أن عمل تلك اللجان تعرقل بممارسة ضغوط على عملها ومن أبرزها الإشتراط على وجود فريق طب الأسنان العدلي بدون أسباب فنية نظرا لعدم أهمية وجود الفريق في تلك الحالات “لعدم وجود سجلات سابقة للأسنان للمقارنة وعدم وجود معامل لفحص الحمض النووي للأسنان في البلاد وكذلك عدم توفر العدد الكافي من الكوادر الطبية المدربة للقيام بهذا العمل مما عرض أكثر من ١٦٠٠ جثة مجهولة الهوية لخطر التحلل.
كل ذلك يضاف إليه تواصل د.خالد محمد مع لجان المقاومة وتمليكهم معلومات مغلوطة وخاطئة عن سير عمليات التشريح من قبل إخصائيي هيئة الطب العدلي بعد ان تمكنوا من تشريح “٥٠ جثة” مما تسبب بإرباك وتعطيل عمل أطباء الطب العدلي مع إصدار قرار بتشريح جثث ٢٠٢١ عن سواها مما تسبب في تعفن الحديد من جثامين العام ٢٠٢٠.
إيقاف
ونظرا لورود فريق طب الاسنان العدلي في تقارير هيئة الطب العدلي وتسببها في تعطيل عمل الهيئة كما ورد بالخطابات قام فريق التقصي في البحث حول عمل طب الأسنان العدلي فوجد أن الحالات التي تمت فيها الإستعانة بطبيب الأسنان العدلي منذ العام ٢٠١٥ حتي ٢٠٢٠/٣/١٨ هي ثلاث حالات فقط متمثلة في جثمان لطفلة تم الإتيان بها عبر القسم الشمالي-أم درمان، وجثمان الشهيد قصي حمدتو، وجثامين من حريق مصنع سيلا
الخطاب موقع من قبل بروفيسور/جمال يوسف يوسف احمد مدير مشرحة ام درمان موها إلى مدير هيئة الطب العدلي بتاريخ ٢٠٢٠/٣/١٨”.
في ٣ مارس ٢٠٢٠ تم توزيع د.خالد محمد خالد رئيس طب الأسنان العدلي من ادارة هيئة الطب العدلي إلى العمل بمشرحة الأكاديمي كما تم الطلب من د.خالد بنفس التاريخ من قبل مدير عام هيئة الطب العدلي تقديم تقرير مالي للمؤتمر العالمي الثاني لهيئة الطب العدلي وإرفاق الفواتير والمبالغ المستلمة والإيصالات المدفوعة في مدة لا تتجاوز السبعة ايام من تاريخ تحرير الخطاب. وفي الثامن من ذات الشهر صدار قرار إداري من قبل مدير عام وزارة الصحة-ولاية الخرطوم “د.الفاتح عثمان بإيقاف د.خالد محمد خالد عن العمل في هيئة الطب العدلي وإحالته إلى لجنة تحقيق،كما تم رفع خطاب إلى مدير عام هيئة الطب العدلي بتاريخ ٢٠٢٠/٣/١١ من قبل مدير مشرحة الأكاديمي يفيد بعدم إستلام د.خالد مهامه كاخصائي طب شرعي أسنان بمشرحة الأكاديمي من تاريخ توزيعه.
تعميم
عقب ذلك اصدرت هيئة الطب العدلي تعميم بتاريخ ٢٠٢٠/٤/٢٨ ينفي وجود أي صفة رسمية ل د.خالد محمد خالد بهيئة الطب العدلي،كما وجد ايضا تقدم العاملون بمشرحة الاكاديمي”أطباء-فنيين وموظفين”بشكوي إلى مدير عام عام وزارة الصحة بتاريخ ٢٠٢/٣/٨ لقيام د.خالد محمد بإتهام العاملين بالمشرحة بالفساد المالي والإداري ونشر مستندات سرية بصحيفة إكسير الإلكترونية تخص إجراءات جثامين الأجانب تحصل عليها بحكم شغله (مدير إدارة المشارح) خلال عهد النظام السابق مما تسبب بحالة إحباط وضرر نفسي وسط العاملين بالمشرحة.
وقام المستشار/مهند عبدالله رئيس الإدارة القانونية-الإدارة العامة للصيدلة-وزارة الصحة-ولاية الخرطوم بإصدار توصية قانونية بتاريخ ٢٠٢٠/١٠/١٥ بعد دراسة الملفات والإطلاع علي قوانين المشرع السوداني بحق د.خالد بعد الإطلاع بفتح بلاغ جنائي في مواجهة كل من الطبيب والناشر، وعقد مجلس مصلحي للطبيب.
كما تم إرفاق توصية الإدارة القانونية لوزارة الصحة-ولاية الخرطوم بتاريخ ٢٠٢٠/١٠/٢٦ عبر كبير المستشارين للمكتب القانوني بالوزارة، ثم حررت هيئة الطب العدلي خطاب بتاريخ ٢٠٢١/١/٥ ردا على طلب توضيح المحامي أبانت فيه أن الإتصال هاتفيا ب د. خالد محمد عدة مرات دون جدوي لإبلاغه بقرار إستلام قرار الإيقاف وكانت الطريقة الوحيدة للتواصل معه، وأن عدم تقديم أي تقارير مالية عن مؤتمر الطب الشرعي الثاني بصفته رئيس لجنة مؤتمر الطب الشرعي وعدم تعاونه مع الهيئة ولجنة المؤتمر وعدم تسليم عهدته بعد إقالته من منصب مدير إدارة خدمات الطب العدلي كما لم يتسلم عمله الجديد بمشرحة الأكاديمي بعد إخطاره بتوزيعه بتلك المشرحة.