مقالات سياسية

السودان صدَّر 93 طناً في عام 2017م ، ومدير المعادن يتحدث عن إنتاج 18 طنا ًاليوم !

عثمان محمد حسن

* الناس ديل بلعبوا معانا (ملوص)! .

* صرح وزير المعادن السودانية الأسبق ، في ديسمبر 2017م ، بأن السودان يصدِّر 93 طناً ، وتلك الكمية هي ربع الكمية المنتجة فقط ، والباقي يتم تهريبه عبر الكثير من المنافذ .. وبالأمس ، 2 يناير 2023م ، أعلنت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن تحقيق أعلى إنتاجية للذهب في تاريخ قطاع المعادن في السودان ، ومقدارها 18 طنا و637 كيلوغراما ، من إنتاج القطاع المنظم من شركات الامتياز وشركات معالجة مخلفات التعدين التقليدي ، وذلك خلال العام المنصرم 2022م ..

* صدمتني المفارقة غير المنطقية في الأرقام المنتج من الذهب .. وتأسفت لعدم صدقية مدير الشركة في حديثه ، خاصة وأن وسائل الإعلام ، جميعها ، تتحدث عن تلك الكمية من الذهب المنتج باعتبارها أعلى ما أنتجه السودان ، وذلك أبعد من الحقيقة بمراحل..

* إرتأيت أن أبصر من لا يعرفون الحقيقة أن ما ذكره مدير الشركة غير صحيح.. وإليكم مقالا كتبته قبل 3 أعوام حول إنتاج وتهريب الذهب السوداني:-

“يحتل السودان المرتبة الثانية في إنتاج الذهب أفريقياً.. وربما المرتبة الأولى .. ولكن !!

عثمان محمد حسن
31 يناير , 2020

* ” ذكرت وكالة أنباء بلومبيرغ أن إنتاج الذهب في جنوب أفريقيا تقلص بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل والإضرابات والتحديات الجيولوجية المتمثلة في تواجد الذهب في مناجم هي الأعمق في العالم.. و أن غانا احتلت المرتبة الأولى في قائمة الدول المنتجة للذهب في أفريقيا .. وجدير بالذكر أن الذهب السوداني على عمق قريب من سطح الأرض .. و يتواجد في جميع الولايات بكميات تتفاوت من ولاية إلى ولاية ..
* و الذي لا يعلمه كثيرون أن السودان احتل المرتبة الثانية بإنتاج بلغ 127 طناً في عام 2018م ، بعد غانا المتصدرة للقائمة بإجمالي إنتاج بلغ 158 طناً في نفس العام ، وحلت جنوب أفريقيا في المرتبة الثالثة بإنتاج بلغ 119 طناً ، متراجعة عن الصدارة- حسب إفادات مجلة جون أفريك الفرنسية .. Jeune Afrique Media الصادرة في يونيو 2019م ..
* لم تشمل بيانات المجلة كمية الذهب السوداني المهرَّب ، بالتأكيد ، لأن الكمية المهربة لا تظهر في أي دفاتر رسمية للحسابات ، بطبيعة الحال .. ولو أخذنا في الاعتبار تصريح وزارة المعادن السودانية، في ديسمبر 2017م ، بأن السودان يصدِّر ربع الكمية المنتجة فقط ، والباقي يتم تهريبه عبر الكثير من المنافذ .. وإذا أخذنا ، كذلك ، ما قاله بأن السودان صدَّر 93 طناً ، في نفس التاريخ ، لتوصلنا إلى أن السودان يحتل المرتبة الأولى في إنتاج الذهب أفريقياً بما يفوق إنتاج غانا وجنوب أفريقيا مجتمعين..
//* بالتأكيد أن الوزير الأسبق كان يتحدث عن إنتاج القطاع المنظم من شركات الامتياز وشركات معالجة مخلفات التعدين التقليدي..//
* لكن مشكلة التهريب وكيفية الحد منه بسد منافذه سوف تظل قائمة إلى حين ..
* ومنافذ التهريب الكثيرة ، التي تحدثت عنها وزارة التعدين ، منافذ برية و بحرية وأخرى جوية لا يعبرها إلا المتنفذون والمقربون وممكنو النظام (المنحل) ، عسكريين ومدنيين .. ولا تزال منافذ التهريب الجوية رهن إشارة من مكنهم النظام بصورة أو بأخرى..
* و تتنوع أساليب تهريب الذهب برياً ، فمن التهريب بأسلوب حشو كميات منه في جوالات السمسم أو حب بطيخ أو الخ .. ومنه ما يتم حمله على ظهور الجمال عبر دروب غير مطروقة في الفيافي والصحراء .. وما يتم حشوه في مهابل الإبل والعبور إلى مصر بالطرق الرسمية .. وهكذا دواليك ..
* وعن الذهب المهرَّب أدلى مدير (شركة الفاخر) بحديث صحفي فحواه أن كميةً لا تقل عن 300 كيلوجرام من الذهب المهرَّب يتم تداولها يومياً داخل غرف عمارة الذهب .. أي أن حوالي ٩ أطنان من الذهب الخالص يتم تداولها شهرياً داخل العمارة .. وهذا التصريح اعتراف بشراكة (شركة الفاخر) في جريمة التهريب .. لكن لم ولن تطال المدير أي مساءلة من الجهات المعنية في وزارة الداخلية ووزارة العدل وغيرهما .. لن تطاله المساءلة ، كما يعلم العارفون ببواطن ، لأن هناك قوىً تدور معه ضمن من يدورون داخل دائرة تجارة الذهب.. و(Everyone is in the loop)! .
* يبلغ عائد كمية الذهب المذكورة أعلاه بالنقد الأجنبي أربعمائة وسبعة وخمسين مليون وستمائة وخمسين (457650000) دولاراً شهرياً، بحساب 50,850,000 USD للطن ، حسب سعر اليوم ، أي حوالي خمسة ونصف مليار دولاراً سنوياً..
* ومبلغ الخمسة ونصف مليار دولاراً سنوياً هذا هو ريع الذهب الذي يباع داخل عمارة الذهب ، فقط ، والبالغ حوالي 108 طناً سنوياً .. وإذا صحَّ ما ذكرته مجلة جون أفريك الفرنسية ، فإن حوالي 19 طناً من الذهب يتم تهريبه .. وهي كمية أقل بكثير من تقديرات وزارة التعدين ، والتي تقول بأن بأن السودان يصدِّر ربع الكمية المنتجة فقط ، والباقي يتم تهريبه عبر الكثير من المنافذ..
* في يقيني أنه لا وجود لإرادة سياسية جادة لمحاربة التهريب ، فمصالح أصحاب النفوذ في تجارة الذهب وتهريبه تتضارب مع مصلحة السودان الداعية لضبط منافذ التهريب والحد منه .. ولا تزال الإرادة السياسية في وَهَنٍ شديدٍ يصيب إقتصاد السودان في مقتل ويشِّد من عضُد مصالح المتحكمين في انتاج وتصدير الذهب دون قيود .. ويبقى إقتصاد السودان يستغل موارده الحقيقية في الحد الأدنى، والكل يشاهد ولا يحرك ساكناً..
* وعدت وزارة التعدين (المنحلة) بإنشاء بورصة للذهب للحد من تهريبه ، ولكنها لم تفعل .. مع أن الضرورة كانت ، ولا تزال ، تتطلب إنشاء البورصة كأداة مانعة ليس للتهريب فحسب ، إنما محفزة لجذب أصحاب الشأن من المعدِّنين للتعامل معها مباشرة بدلاً من المعاناة التي يكابدونها في عمليات التهريب..
* و ينبغي ، إضافة إلى إنشاء البورصة ، وضع ضوابط صارمة لمراقبة الحدود .. وتمليك شرطة الجمارك أحدث الآليات والتقنيات ووسائل الإسناد كي تؤدي واجبها باقتدار .. علاوةً على تحفيزها مادياً بمنحها نسبة مئوية من قيمة ضبطيات الذهب .. فهذا النوع من الحوافز يشجع منفذي عمليات الضبطية ، من جهة ، ويحبط ، من جهة أخرى، معنويات المهربين الذين ربما يفكرون في تقديم الرشاوى أقل مادياً من الحوافز التي يتلقاها منفذو الضبطية ..
* تحتاج هذه الاجراءات إلى عمل دراسة تحليلية دقيقة للتكاليف مقارنة بالفوائد من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تلي السودان ..
* وأعتقد أنه لا مشكلة سوف تواجه الدراسة سوى مشكلة الإرادة .. والإرادة السياسية، على وجه الخصوص ، لأن (رأس قليس) داخل ال(loop) .. ولا أرى في الأفق من يستطيع أن يزيح (رأس قليس..)..
@@ وأخيراً ، عن الفلول أقول لكم ، يللا أسمعوا كلكم:-
يجب ألا يغيب عنا أن فلول النظام (المنحل) هم المهيمنون على تجارة الصادر وعن التهريب لتخريب الإقتصاد السوداني .. وأن عائدات صادرات الذهب من العملة الصعبة تبقى في الحفظ والصون خارج السودان ، ما لم يتم إنشاء بورصة الذهب وضبط منافذ تهريبه..”

إنتهى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..