وهناك صراع آخر

٭ لم نطمئن تماماً على وثيقة التراضي بين الرزيقات والمعاليا حتى ظهر «جيب صراعي» إن جاز التعبير في ولاية النيل الأبيض.. واستمد الصراع غليانه من اختلاف حول أرض زراعية أعادت للأذهان صراعات مضت حول ذات الرقع الزراعية التي ينتهي عندها فصل الخريف، ليعود العام القادم بذات الصيغة والصبغة العدوانية التي افرزت جثثاً وجرحى فى شهر يوليو المنصرم.
٭ لم يعد الوطن هو الدار التي ترحب بالجميع، فقد زاد مؤشر الاقتتال، ولم يعد التسامح يسري بانسياب داخل النفوس التي تعقدت مشكلاتها على أرض الواقع فحولته الى قلق دائم بدأت تمتد أصابعه بين القبائل التي ما عادت تلوذ بـ «كبيرها» سمعاً وطاعةً، فأخرجت أثقال دواخلها وتنفست وجعاً ودماً ارتوت به الأرض.
٭ ورغم أن ولاية النيل الأبيض بيئة الصفاء والجمال، إلا أن الصراع «نفذ» بين القبيلتين ولم يتم حسمه تماماً للوصول إلى صيغة تراضٍ ممكنة رغم تدخل عمد ومشايخ القبائل التي كسرت نظرة العداء ظاهرياً، لكن مازال في القلوب شيء من حتى!! فالإدارة الأهلية فى النيل الأبيض لها مكانة وقيمة وكلمة لا ترد حتى في زمن المحليات والمعتمديات، فهي امتداد لإرث قديم يرتكز على الاحترام ويعتمد صفاء الوشائج الاجتماعية التي مازالت حتى اليوم رمزاً يتكئ عليه الاهل في الولاية ولكن.. ويأتي السؤال متى يلفظ السودان الصراع القبلي ويصبح أمة واحدة تذوب عندها الجهويات والاحلاف والارتكازات القبلية، وتنهض بمجتمع جديد يغتسل فيه الأفراد من درن التفاصيل المملة التي تقود الى التكتلات التي يرتفع فيها معدل الجنوح والتمسك السالب بلواء القبلية على حساب أخرى، ليبدأ العراك حول جبل أو حواشة او رقعة ارض لا تساوي شيئاً مقابل الصفاء وحقن الدماء وحسن الجوار فى مساكن يجتمع فيها التعايش السلمي. فنحن لن نغادر أبداً مستنقع الاحتراب والخصام وزخات الرصاص، طالما هنالك مستنقع للعصبية. والنيل الأبيض واحدة من هذه الدوائر التي تنتاش فيها القبائل بعضها، فالزميل القدير عبد الخالق بادي نقل صورة واضحة سماها الوجه القبيح للقبلية التي جددت الصراعات بالنيل الأبيض حول ملكية أرض زراعية راح ضحيتها البعض بينما اصيب البعض الآخر. وحسب ما تتناقله أحايث المدينة وشلة الانس في ليالي النيل الابيض المقمرة اليوم، فإن في «الجراب» ما ينبئ بميل التشكيلة الوزارية الجديدة لقبيلة دون الأخريات مما يعلي من ثقل التطاحن القادم إن تم وحدث ذلك وانفردت احدى القبائل بأكثرية المجالس التنفيذية، لنصبح بعدها موعودين باتساع رقعة الشد والجذب التي ستدور عندها رحى الانقسام ويختفي القدر اليسير من ابتسامة الرضاء الذى مالت بأكثره موازين السخط العام في الولاية التى تتلاشى فيها التنمية يوماً بعد يوم، وتقف شاهدة على التقدم للخلف!!
٭ كل الأمنيات أن يبقى النيل الأبيض أحد أهم رمزية التعاضد والوحدة، بعد اجتثاث «التعيينات» القبلية وتسليم مفاتيح الإنتاج لأصحاب الخبرات والكفاءات، لتصبح الأبواب مدخلاً آمناً للجميع بلا استثناء.
٭ همسة:
في ليل مزهر بالحزن
رأيته يغادر المدينة خلسةً
يحمل أشلاءه البائسة
وخلفه العاصفة.. التراب
الصحافة