العزلة في أوجها

يقول صديقى أن العزلة هى أن تبقى وحيداً تتوسط جدارناً أربعة، بحيث يبدو الصوت البشرى غير مألوف أو أن تشتاق إليه بلهفة فى حال تقت للخروج من قوقعتك ، لكن الأمر مختلف بالنسبة لى حيث تتبدى العزلة فى أوجها وأنا أو شخص ما جالس على كرسى بحضور مئات البشر ، حين تشيخ الذاكرة قبل أوانها وتمضى محملة بذكريات كهلة حتى أنها تقارب ذاكرة من بلغ الأربعين من عمره ، بهكذا ذاكرة يبقى الشخص مقيداً بها فى جحيمها الأبدى ، ليظل الجسد حاضراً وطليقاً بعيداً عن الجدران التى يخافها وتخافه ، فكل جدارٍ هو عزلة ما يشيخ بألم الحاضرين وما يرصده من معاناة بعضهم وهمسهم له ، وما الشقوق فى الجدران وتآكل بعضها إلا ذاكرة جدارٍ يئن من هول ما يشعر به ويراه من عذابات شخص سُحق تحته ذات عزلة.
ولربما تتجلى فى الشعور بالأشياء حيث لا يعود للطعام لذته وإنما نأكل لمجرد البقاء على قيد الحياة أو كما تسائل ليوناردو دى كابريو ذات فلم عن أيهما أصعب على الأنسان أن يختاره ” أن تعيش كوحش أو تموت كرجل نبيل ” وهى ذات الأسئلة التى يعرفها جيداً من يقاسى فى عزلته : أأعيش كوحش أو أموت كأنسان؟ ، حينها يبدو الموت أكثر القرارات سلامة فلن يزاحمك أحد فى قبرك بأستثناء الديدان أو كما تسمى علمياً ” ذباب اللحم ” وحتى هذه سرعان ما يقودك عقلك للتفكير بمصيرها ” أى جسد محموم هذا الذى تلتهمه ” و ” أى ذاكرة مرهقة قرأت سيرتها وهى تشبع ” ، وحين لا تعود للأشياء بريقها تفكر فى أضدادها بحثاً عن متعة ما ، متعة الجوع ، متعة الخوف ، ولذة أن تهرم ذاكرتك مبكراً ، فتباغتك العزلة بأن حتى نقائض الأشياء مملة ، مرهقة ، غير ذات جدوى ، فتطرد هذه الأفكار من رأسك وتفكر بمن تحب ويا كبرها المسافة التى تفصلك عنهم لتعود مجدداً وتتمنى قائلاً : عسى يومى قبل يومهم وهكذا الأستمرار فى التفكير وحيداً وأنت محاطاً بالناس فلا تشتهى أصواتهم ولا تستهويك أحاديثهم وينتحر الفضول على عتبات رأسك .
أن تهرب بعيداً لمكان ما قد لا يكون حلاً ناجحاً فى أحايين كثيرة ، فلعنات الجدران التى أصيبت بالأرق لا تزال تطاردك ، وأشباح عزلتك لا تقتلها الطرقات والمسافات الممتدة بطريقك ، فالأشباح لا تموت مرتين ، لكن يظل للهرب رونقه فهو يشغل تفكيرك فى أمور أخرى وتغذى ذاكرتك بمشاهد جديدة ، لكن دائماً ما يعود الهارب من ذاكرته الى حيث إبتداء كل شئ ، باحثاً عن مجال ينبش فيه عله يستخرج جديداً ، أو ليواجه أسواء كوابيسه محاولاً التصالح مع ذاته ، وحين لا يكون ذلك فى الغالب يشتد الصراع داخله وتنهشه العزلة مجدداً حتى وهو جالس فى كرسيه بصدد كتابة شئ ما أو قرأة شئ ما من عبث كامو أو قارعاً الطبول مع جونتر غراس أظن حينها قد يخرج من دوامته و يفكر بشئ مختلف كمن هو مخترع الكرسى ؟ ويقول : تباً له ، وتباً لهذه العزلة التى تطاردنى كمتهم .
مروة التجاني
[email][email protected][/email]
حيث إبتداء كل شئ = حيث إبتدأ كل شئ
ليواجه أسواء كوابيسه= ليواجه أسوأ كوابيسه
كتابة شئ ما أو قرأة شئ ما = كتابة شيئ ما أو قراءة شيئ ما
خلاف ذلك أن من المعجبين بقلمك الرشيق وبمواقفك الشجاعة! العزلة المؤقتة ربما تكون ضرورة وأحياناً ربما لا تخلو من نفع!
أجمل حاجة في العزلة أنك تعيش في عالمك الخاااص ، و بعد الإختفاء لفترة طويلة ـ أقلها 6 شهور بالنسبة لي ـ يكون شكل الإنسان نظيف و ناير ” الشمس الطاقة فوق راس الناس دي و زايداهم سمرة علي سمرة ” .
و حين يسألني أحدهم : أين إختفيت ؟ ، أقول له : كنت في عمرة . و أحيانا أقول : كنت أجاهد في أقصي الأرض .
احياناً يكون الصمت ابلغ من الكلام.. والوحدة افضل من الحديث مع اناس لا يفقهون ماذا تقول..
بس الصورة دى مش بتاعة ماما افريكا مريم ماكيبا؟ ولا دى انت اختى بت التجانى؟
استاذة مروة هل هذا مقال ولا رسالة انتحار ؟ يعنى الكلام ده حقيقى ولا كتابه ساى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الاستاذة مروه لقد اندحتي بقلمك في العالم الافتراضي .. للعزلة اسباب ومسببات ودوافع .. وقد يطر الانسان ان يعيش وحشا كما ذكرتى لان كل من حوله أساءوا الفهم ولم يلتمسوا له العذر .. فعليه ان يعتبرهم كأوراق الشجر التي تساقطت .. ويبحث عن الجديد ويثق في نفسه ولا يرهن ارادته لكائن من كان ..