مراسل الغارديان: حميدتي، القائد المرعب يمسك بخيوط اللعبة في السودان

حينما اطلق مسلحون النار على المتظاهرين السودانيين في العاصمة السودانية الخرطوم , مخلفين ستة قتلي و اثني عشر جريحا و ذلك في اوائل الشهر الحالي , وجه الشهود اصابع الاتهام نحو قوات الدعم السريع المثيرة للرعب , و هي قوات موازية للجيش السوداني , يقف علي ادارتها الفريق محمد حمدان دقلو المشهور ب ( حميدتي ) , و هو في نفس الوقت نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الذى يسير الحكم في البلاد منذ اطاحة الجيش بالرئيس السابق عمر البشير في الحادي عشر من ابريل الماضي .
علي الرغم من ان شهود العيان ابانوا بانهم رأوا قوات الدعم السريع علي متن سياراتها المميزة و هي تطلق النيران علي المتظاهرين اثناء ازالة المتاريس , ادعي حميدتي بان المسؤولين عن الاحداث العنيفة هذه كانوا متواجدين داخل مباني جامعة الخرطوم و في داخل اعتصام الثوار السودانيين . قال حميدتي ( تم القبض علي المتسببين في ذلك و قد اعترفوا امام الكاميرات ) و لم يقدم حميدتي اي تفاصيل اخرى او ادلة علي ما يقول .
اتسم حكم البشير الذى امتد لثلاثين عاما بالحروب الاهلية و بالانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان.
جنرالات المجلس العسكري الممسكون بمقاليد الحكم رفضوا نداءات المتظاهرين و نداءات المجتمع الدولي بالتنحي , و بدل عن ذلك يصر هؤلاء الجنرالات ان يكون علي راس الدولة حاكم عسكري .
منذ ان وصل التفاوض حول الجسم الذي سيحكم السودان الي طريق مسدود، اتضح ان حميدتي قد اصبح لاعبا رئيسيا في هذه الفترة . لا ادل علي التاثير المتنامي لحميدتي من مقابلته لولي العهد السعودي محمد بن سلمان و ذلك في يوم الجمعة الماضي , و ذلك اثناء زيارته للمملكة العربية السعودية و التي تعتبر من اشد الداعمين للحكام الجدد منذ الاطاحة بالبشير .
طبقا للمراقبين للمشهد السوداني فان قوات الدعم السريع قد تم نشرها مرارا في السنوات الماضية للهجوم علي المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية و غيرهم . يوجد حاليا من هذه القوات ما جملته 10 الاف جندي داخل العاصمة الخرطوم و فيما حولها .
حذر حميدتي المتظاهرين من الفوضى، مشيرا في الشهر الماضي الي ان القوات قد تلجأ للقوة اذا تواصلت حالة الاضطراب و الفوضى، و لكنه قال مراراً بانه يتمنى شيوع الديمقراطية بالسودان و انه قد رفض تنفيذ اوامر الرئيس المخلوع عمر البشير باستخدام القوة لفض الاعتصام الموجود بقرب مباني قيادة الجيش السوداني، ذلك الاعتصام الذى ادي لخلع الدكتاتور البشير لاحقا .
في الاسبوع الماضي صرح حميدتي لجريدة الاهرام المصرية قائلا (نحن في المجلس العسكري نريد تسليم السلطة اليوم قبل الغد ) يتفق راي المبعوثين الاجانب مع رأي المعارضين السودانيين في ان حميدتي، المنحدر من اسرة تمتهن تجارة الابل في منطقة بعيدة من العاصمة الخرطوم، و الذى هجر التعليم باكرا , يمني النفس بان يكون رئيسا . ( هو يخطط لكي يكون الرجل الاول في السودان , هو لديه طموح غير محدود ) هكذا تحدث لنا معارض بارز رفض ذكر اسمه خوفا من ان تطاله يد الانتقام .
يقول المحللون بان حميدتي يتلقى دعما غير رسمي من عدة جهات. ينظر البعض لحمديتي بانه حليف يمكنه العمل ضد الحركة الاسلامية التي نظمت انقلاب عام 1989 و التي جاءت بالبشير رئيسا و اصبحت مكونا لنظامه.
يمد حميدتي بجنود المشاه للتحالف الذى تقوده السعودية و الذى يحارب الحوثيين اليمنيين الموالين لايران . يعول حميدتي علي دعم المملكة السعودية والامارات و مصر في انهاء حكم الاسلاميين للسودان .
يرتبط ظهور حميدتي في الساحة السودانية بالنزاع الدائر في اقليم دارفور الذى ينتمي اليه حميدتي . اتهمت قواته بانتهاج سياسة حملات الارض المحروقة ضد المناوئين للحكومة في دارفور في الحرب التي بداها نظام البشير في العام 2003 و التي بسببها اتهم البشير من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهمتي جرائم الحرب و التطهير العرقي .
حوالي 300 الف قتيل و 2.7 مليون اجبروا علي النزوح و اللجوء كانت هذه نتائج حروب دارفور في سنواتها الاولي , تلك الحروب التي قام نظام البشير فيها بدعم مليشيات الجنجويد لحرق القري و القتل و الاغتصاب بناءا علي الهوية في كل ارجاء دارفور .
في مقابلة اجراها مخرج افلام تسجيلية مع حميدتي و ذلك في العام 2008 , قال الاخير ( امرني الرئيس البشير شخصيا بقيادة حملات ضد التمرد في دارفور ) لكن حميدتي انكر ضلوعه في الهجوم علي المدنيين و انه رفض اوامر بالهجوم علي مناطق ماهولة بهم .
مجدي الجزولي , و هو باحث في معهد الوادي المتصدع و هو مركز بحثى يعني بامور شرق افريقيا صرح لنا قائلا ( بروز حميدتي هو نتاج استراتيجية عسكرية و المتمثلة في الاستعانة بقوات غير نظامية لاخماد حركات التمرد السودانية) يواصل الجزولي قائلا ( في المقام الاول يعتبر حميدتي هو السبب الاول في هزيمة التمرد بدارفور لأنه كان قادرا على تجنيد قوات مقاتلة تعرف جغرافية و تضاريس دارفور، و لديها السلاح الذى تستخدمه في قتل الدارفوريين الذين يمتهنون مهنة الزراعة )
قوات الجنجويد الموالية لنظام البشير في النهاية تم تحويلها الي قوات الدعم السريع الاكثر تنظيما في محاولة لتقنينها و ربطها بالقوات المسلحة النظامية .
تحت قيادة حميدتي خاضت قوات الدعم السريع حملتين لاخماد حركات التمرد في دارفور و ذلك في العامين 2014 و 2015 .
في تقرير في العام 2015 اعدته منظمة حقوق الانسان بنيويورك افادت فيه بان قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات مريعة، و تشمل التهجير القسري لاعداد كبيرة من المواطنين , تدمير ابار المياه و نهب مواشي المواطنين , و انتهاكات مخيفة تتمثل في التعذيب و الافراط في القتل و الاغتصاب الجماعي.
يقول شهود عيان علي هجوم 2015 بانهم شاهدوا قوات الدعم السريع يقومون باغتصابات جماعية حول قرية قولو بجبل مرة , و ان عددا من الجنود قاموا باغتصاب النساء امام المواطنين كبار السن قبل ان يقوموا بقتل اؤلئك النساء و ترك جثامينهن ملقاة في الشوارع .
محكمة الجنايات الدولية لم توجه الي الان اتهامات ضد حميدتي , و لكنها قالت في تقرير اصدرته في العام 2014 بان قوات الدعم السريع تنتهج نفس منهج مليشيات الجنجويد السابقة في القتل العشوائي للمدنيين العزل .
جاسون بورك
مراسل صحيفة الغارديان البريطانية في افريقيا
ترجمة معتز وديدي