المقالات والآراء

الاستفتاء الأبيض لليوم الأحمر !ا

تراسيم

الاستفتاء الأبيض لليوم الأحمر !!

عبدالباقى الظافر
[email protected]

فى منتصف ليلة صيفية وتحديدًا فى 19 مايو 2002 خرج أهل تيمور الشرقية إلى الشوارع وهم فى حالة فرح بهيج.. بإضافة بلدهم الفقير إلى قائمة الدول المستقلة.. في أول ذات الليلة كان هنالك احتفال رسمي بميلاد دولة جديدة.. المناسبة حضرها لفيف متنوع من الدبلوماسيين الأجانب.. إلا أن عدسات المصورين كانت تتبع ثلاثة أشخاص لهم إسهام وافر في هذا الحدث.
وجود رئيسة إندونسيا (يومها) السيدة ميغاواتي كان أمرًا لافتًا للاهتمام وجاذبًا للكاميرات.. فاندوسيا منذ أن وضعت يدها على الإقليم الذى هجره البرتغاليون في عام 1974 كانت ترى تيمور أرضًا اندونسية غير قابلة للمساومة..الضغط الدولى والمقاومة الشعبية الأهلية اضطرت جاكرتا للقبول بإجراء استفتاء يحدد فيه أهل تيمو ر مستقبلهم.
الشخص الثانى الذي حظي باهتمام في ذلك الحفل.. هو السيد كوفي أنان.. الذي شغل وقتها منصب الأمين العام للأمم المتحدة.. وقد أشرفت منظمته على الاستفتاء الذي أبان أن ثلثي الشعب التيموري ينشد الاستقلال.. وواصلت الأمم المتحدة إدارتها للدولة الوليدة لمدة ثلاث سنوات.. تمكنت خلالها من تسيير دفة الحكم.. وقمع أحداث عنف خطط لها المعارضون لانفصال تيمورالشرقية.
نجم الاحتفال الباذخ كان هو السيد غيسامو.. الذي أمضى سباعية من السنوات في السجون الإندوسية بتهمة قيادة تمرد مسلح.. شعب تيمور الطيب كافأ زعيمه وجعله أول رئيس لجمهورية تيمور الشرقية.
ربما مرت هذه المشاهد على ذهن الإمام المهدي.. وهو يسدي النصح للشريكين.. أن يتركوا أمر الاستفتاء وتفاصيله للأمم المتحدة .. والمنظمة التي أشار لها الإمام ..لها تاريخ حافل وتجارب تستحق الاعتبار.. حيث تمدد جهد المنظمة الاممية بين تيمور الشرقية والصحراء الغربية وكوسوفو.
فكرة الإمام المهدي عارضها بشدة أمين المنظمات بالمؤتمر الوطني الفريق قطبي المهدي.. وقال إن السودانيين لن يعجزوا عن تنظيم الاستفتاء.. فيما رحب بها ترحيبًا حذرًا القيادي البارز في ذات الحزب الأستاذ مهدي إبراهيم.. والذي رهن الأمر بموافقة الشريكين.. إلا أن الحركة الشعبية التزمت الصمت.. وربما كالت الذم سرًا لهذا الإمام.
بات واضحًا للعيان أن مفوضية الاستفتاء السودانية والتي لم تتفق على تقسيم المقاعد بين أعضائها بعد.. تتميز بإيقاع بطيء .. وأن الشك والريبة تترصدها من كل الأطراف.. وعليه فإن أي مجهود تقوم به لن يجد الإجماع من أهل السودان.
من الثابت أن الحزب الحاكم يحاول إعاقة الاستفتاء وتأخيره.. وأن الحركة الشعبية تسابق الزمن للوصول إلى تلك النقطة الفارقة.. وحتى تنتهي المقدمات إلى النهايات المرسومة.. ترفض الحركة الشعبية أي وجود عسكري شمالي لتأمين عملية الاستفتاء.. وتحتكر المهمة لعسكرها.
تجربة الانتخابات الأخيرة في الجنوب.. قدمت برهانًا جيدًا لسوء الإدارة الانتخابية.. وتزوير إرادة الجماهير.. وهو أمر شهدت به المنظمات الدولية.
عليه من الأفضل إعادة دراسة مقترح الإمام.. وربما تكون الأمم المتحدة أفضل من يُخرج استفتاءً أبيض لا يعقبه دم أحمر يُسكب في الشوارع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..