أخبار السودان

القضارف تواجه موسما زراعيا بأكثر من تأويل

القضارف ? حسن محمد علي
تأرجح الموسم الزراعي الحالي في ولاية القضارف بين معدلات هطول الأمطار وتوزيعها على المناطق الزراعية، بدا المزارعون في المنطقة الشمالية الأكثر تأثرا لكن سرعان ما زاد هطول الأمطار من أمل الإنتاج، في المنطقة الجنوبية يبدو الوضع أفضل بمعامل الأمطار التي تتمتع بها المنطقة الجنوبية، وعلى غير العادة فإن المزارعين في هذا الموسم ظلوا بعيدين من بث شكواهم أو أن الموسم مضى الآن في مرحلة التأسيس بصورة أفضل مما هي عليه حتى في مواسم وفرة وغزارة الأمطار، ربما لعدم استجابة الدولة لهم حيث أصبح الأمر بالنسبة لهم سيانا لو طرحوا مشكلاتهم أو صمتوا منها أو أنهم أحجموا من الزراعة كما يقولون، لكن الحكومة ترى أن الموسم الحالي ممتاز ولديها مسوحاتها الأولية التي تستند عليها.
?المهم التوزيع?
يقول الدكتور عبد الله سليمان وزير الزراعة بولاية القضارف إن الموسم الحالي واجه مشكلة في هطول أمطار مبكرة ومن ثم انقطعت الأمطار وعاودت الهطول مرة أخرى في شهور آخر الخريف، وهو أمر برأيه أحدث ربكة لدى المزارعين، ويرى سليمان أن المهم في الرأي الفني للزراعة توزيع هطول الأمطار في المراحل الزراعية المختلفة لا حجمها ومعدلاتها، حيث يشير إلى أن شح الأمطار يؤثر على مرحلة تأسيس ما، وغزارتها قد يضر بالمحصول في مرحلة أخرى، لكنه يعود ليؤكد أن الموسم الآن وحسب المسوحات الأولية للزراعة وتأسيس المحاصيل ممتاز، ويؤكد أن حوالي (5) ملايين فدان تمت زراعتها بمختلف المحاصيل الزراعية.
?خياراتها محدودة?
يشير وزير الزراعة في تصريحات للصحفيين إلى أن الحكومة تستهدف في هذا الموسم تغيير التركيبة المحصولية لمحصول الذرة بنسبة (50 %) حيث ينوه إلى أن الزراعة المستمرة للمحصول أدت لتدهور التقاوى وقابليتها للتلقيح مع طفيليات وحشائش مثل (العدار) والبودة، فضلا عن ضعف المنافسة التسويقية لمحصول الذرة، رغم أنه يرى أن المنطقة الشمالية بالقضارف ـ وهي منطقة الإنتاج الأعلى ـ خياراتها محدودة في زراعة أصناف بخلاف الذرة، بيد أنه يشير لإمكانية زراعة محاصيل زهرة الشمس والقطن المطري، ويرى أن القطن المطري حقق زيادة واضحة عنه في الموسم السابق حيث يشير لزراعة (80) ألف فدان في هذا الموسم مقارنة بـ(27) ألف فدان الموسم السابق فيما يشير إلى أن الزهرة يتوقع أن تسجل أعلى نسبة زراعة من الموسم الماضي الذي شهد زراعة (200) ألف فدان منها.
?أبرق ربما?
يقر وزير زراعة القضارف ـ بزعم المزارعين ـ إن الموسم الحالي (أبرق) أي أنه واجه ضعفا في توزيع هطول الأمطار من منطقة لأخرى، لكنه في ذات الوقت يشير إلى أن الأمطار التي هطلت مؤخرا (15) يوما خلال الشهر الماضي والجاري قد غطت المساحات الزراعية بصورة مناسبة، ويرى أن بعض المساحات من الذرة قد تزيد في حال استمرت الأمطار في الهطول، وفي ذات الوقت ـ حسب ما يرى ـ أن بعض المساحات في المنطقة الشمالية قد لا تشهد إنتاجا، ويرى مزارعون أن مساحات شاسعة من محصول الذرة في المنطقة الشمالية لم تنبت، فيما تعرضت أخرى للاحتراق في ظل شح الأمطار، ويقول المزارعين في حديثهم للصحيفة، إن المنطقة الشمالية لن تحقق إنتاجا لهذا الموسم ولو بنصف ما ظلت تحققه في السنوات الماضية.
?تسالي في الميعات?
يبشر وزير الزراعة بالقضارف بتوسع يشهده محصول (التسالي) كمحصول نوعي وواعد وذي عائد ضخم للمزارعين، ويتوقع أن استغلال الميعات ? وهي منطقة محددة من الأرض تتمتع بقدر أعلى من المياه مع انخفاضها ? لزراعته، ويقول إن المزارعين كانوا في السابق لا يهتمون للزراعة في الميعات رغم المساحات الكبيرة التي تغطيها في المناطق الزراعية، ويروي مزارعون أن رصفاءهم حققوا عائدات ضخمة من زراعة المحصول باتت مضربا للمثل مما أدى لإقبال عليه بصورة كبيرة، والميعات اشتهرت بها مناطق جنوب وجنوب غرب القضارف لنسبة معدلات الأمطار العالية، ويبدو وزير زراعة القضارف متفائلا بزيادة زراعة محصول الذرة الرفيعة (الشامية) خاصة في القطاع الخاص لافتا لتجربة الشركة الأفريقية بمنطقة (سَمْسَم).
?بديل بالدخن?
يكشف عبد الله سليمان عن مفاجأة في الموسم الحالي بتزايد كبير في مساحة زراعة محصول الدخن، بما يعزز اتجاه الحكومة لتغيير التركيبة المحصولية فضلا عن رأيه بأن الدخن الآن أصبح بديلا أساسيا للقمح في المائدة السودانية، ويرى أن معدل استهلاكه قد تضاعف بما يحقق معادلة اعتماد المواطنين على صنفين بدلا من واحد وهو القمح أو حتى الذرة، ويقول إن المسوحات الأولية أشارت لزراعة (100) ألف فدان من المحصول وهي نسبة برأيه تحمل مستقبلا أكبر للمحصول، منوها إلى أن محصول الدخن يتمتع بميزة تسويقية بإمكانها أن ترفع من الإقبال عليه في الزراعة فضلا عن أسعاره المجزية للمنتجين، وفضلا عن استخداماته في الوجبات السودانية الشهيرة وللمخزون الذاتي فإن مصدري محصول دخن تقليديين يشيرون لميزات عالية في قبوله وبكميات مقدرة في السوق العالمي ويمكن تصدير الدخن ـ حسب ما يقولون ـ لدول الجوار حيث تقبل أسواقها أي كميات من المحصول.
?الفأر والحدود?
ما تنفك سيرة الآفات الزراعية تلازم المواسم الزراعية المتعاقبة بولاية القضارف، ويقر وزير الزراعة بأن ثمة مشكلة واجهت مكافحة الفأر في ظل وجود المخلفات الزراعية للثروة الحيوانية، حيث يلفت إلى أن إدارته الفنية تفشل في وضع الطعم للفار في ظل رعي الماشية من المخلفات مما أدى لتوالده، لكنه يعود ويشير لتغطية بنسبة (85 %) من المساحات المزروعة لافتا إلى أن الوضع الآن تحت السيطرة، رغم إشارته إلى أن وزارته قد تحتاج في بعض المرات لمكافحة الآفات خارج حدود ولايته وفي ولايات مجاورة لتمنع دخولها وانتشارها كما في استدلاله بمكافحة آفات على الحدود مع ولاية سنار، ويشير إلى أن وزارته متحسبة لإصابة القطن بآفات في أطوار محددة، رغم نصيحته للمزارعين بأن الزراعة المبكرة تعمل على مكافحة دودة اللوز تلقائيا.
?المطامير والجملونات?
وعلى الدوام فإن ولاية القضارف كثيرا ما واجهت تكدس المحاصيل الزراعية وصعوبة تخزينها، ويرى وزير الزراعة أن اللجوء للتخزين في المطامير برغم جودته في المواسم الماضية وتحسينه بصورة أفضل إلا أنه يشير لصعوبة إخراج المحصول في موسم هطول الأمطار، ويرى أن القطاع الخاص والمزارعين ما زالوا يلجأون لبناء مخازن (الجملونات) بالرغم من أن الصوامع تتسع لأضعاف سعة المخازن، ويلفت إلى أن هنالك اتجاها من عدة جهات منها البنك الزراعي وجهاز الاستثمار للضمان الاجتماعي لبناء صوامع للغلال، ويؤكد أن الحكومة وحدها لا تستطيع بناء وتخزين المحاصيل.
ورغم المؤشرات الحكومية بنجاح الموسم الزراعي كما قال وزير زراعة القضارف إلا أن الواقع عند المزارعين يبدو خلاف ذلك، حيث ما تزال الرغبة ضعيفة في الزراعة في ظل مُضي وقت كبير من الموسم الزراعي، وعدم هطول أمطار بصورة مناسبة، لكن ولغرابة الأمر فإن المزارعين لم يشتكوا من عمليات التمويل أو حصولهم على الوقود لهذا الموسم، وهو ما اشار اليه وزير الزراعة بأن التمويل متوفر لكل من يستوفي الشروط.
اليوم التالي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..