مقالات وآراء سياسية

رغم كل شيء : الصحف السودانية احسن من مثيلاتها في دول عربية كثيرة

بكري الصائغ
١- حال الصحافة في السودان:- رغم المعاناة التي تجدها الصحف السودانية في سودان اليوم من غلاء كل شيء يخصها بدء من : (اسعار ورق الطباعة ، والكهرباء ، وارتفاع اسعار مطبوعاتها ، ورواتب الصحفيين والعاملين الضعيفة، والمضايقات من قبل جهاز الامن ولجنة الصحافة والمطبوعات ، ومصادرة الصحف وهي ساخنة في ماكينات الطباعة ، واعتقالات الصحفيين التي لم تتوقف منذ رحيل النظام السابق) ، الا انها في احسن حال مقارنة مع كثير من البلاد التي يقال عندها صحافة ولكن لا ينطبق عليها التعريف المعروف عن ما هي الصحافة : (الصّحافة هي مهنة قائمة على جمع الأخبار ، وتحليلها ، والتحقُّق من مدى مصداقيّتها قبل تقديمها للجمهور ، وتكون هذه الأخبار في معظم الأحيان مُتعلِّقةً بالأحداث المُستجِدّة ؛ سواءً كانت سياسيّةً ، أو ثقافيّةً ، أو محليّةً ، أو رياضيّةً ، وغيرها الكثير من المجالات المُختلفة ، وتُعدّ الصّحافة غذاء الفكر اليوميّ للإنسان ؛ فهي تُتيح له معرفة ما يدور حولَه من مُستجدّات الأحداث في مختلف شؤون الحياة ، وقال بورك الإنجليزيّ عنها : إنّها السّلطة الرّابعة ، أمّا كلمة جورنال فهي تسمية غربيّة ، تدلّ على الصُّحف التي تُنشَر يوميّاً . (المصدر – موقع عربي”موضوع”).
٢- لم يعد يخفي علي احد ، ان الصحف السودانية اليوم لم تعد كما كانت خلال سنوات حكم الرئيس المخلوع تهاب من نشر الحقائق ايآ كانت نوعها وتوصيلها للقراء ، بل حتي السلطة العسكرية الحاكمة اليوم نراها قد رفعت يدها الي حد كبير التدخل في الشأن الصحفي (الا في حالات معينة) واحترمت استقلاليتها ، ولم يعترض احد من جنرالات مجلس السيادة بشقيه العسكري والمدني والوزراء وكبار القادة العسكريين علي النقد الشديد الذي تمارسه الصحف ضد سياساتهم وتصرفاتهم وقراراتهم ، انهم يتقبلون كل ما ينشرعنهم ويغضون النظرعن الهجوم والسخرية والكاريكاتيرات التي تمسهم ، بل والاكثر من كل هذا ان الصحف السودانية كتبت الكثير المثير عن سلبيات سياسة وطريقة اداء عبدالفتاح البرهان للدولة ، وهي اشياء كانت غائبة في زمن سابقيه:(عبود ، النميري ، البشير) وكانت هناك خطوط حمراء يستحيل تجاوزها.
 ٣- صباح كل يوم جديد وبعد اطلاعي علي الصحف السودانية اعرج علي الصحف العربية من خلال المواقع الصحفية العربية لمعرفة ما فيها من اخبار عن بلدانها ، في اغلب الاحيان اجد مقالات كثيرة تتحدث عن الطفرة الاعلامية في السعودية وبقية دول الخليج ، والامكانيات الهائلة المتطورة ، وعن تكنولوجيا احدث ما تم صنعه في امريكا واوروبا ، وكيف انه في هذه الدول الستة تقوم مطابعها بطبع اعداد تفوق ال(١٠٠) الف عدد كل صباح ، وانه حتي ان كانت هناك اعداد مرتجعة من الاسواق فان المؤسسات الصحفية لا تتعرض للخسارة بسبب الدعم القوي الذي تجده من الدولة او من الامراء ، لهذا لم نسمع في يوم من الايام ان هناك صحف سعودية او خليجية قد افلست.
٤- حال الصحافة في السعودية ودول الخليج :- لكن اهم ما يلفت النظر في الصحف السعودية وباقي صحف واعلام دول الخليج ، انها تخضع لرقابة امنية شديدة ، والسلطات الحاكمة تملك حق التدخل المباشر في كل شيء يخص الصحافة والاعلام ، ولم يعد يخفي علي احد ، ان الصحف في هذه البلاد ومنذ نشأة ظهورها اول مرة قبل عشرات الاعوام وحتي اليوم  وهي تخضع خضوع كامل لاجهزة الامن في بلادها ، وتراقبها رقابة القط للفار ، هذه السلطات لا تسمح لادارات الصحف ورؤساء التحرير الخروج عن القوانين الصارمة الملزمة التي صاغتها السلطة ووزارت الاعلام.
 ٥- ولكن مع ظهور تكنولوجية الاعلام الحديثة ووسائل الاتصالات التي دخلت كل بيت وجدت الصحافة نفسها في السعودية ودول الخليج في منافسة ضارية بعد ان ادار الكثيرين ظهورهم لصحف بلادهم التي ما تطورت ولا ارتقت لمستوي الصحافة العالمية ، لم يعد الشباب يطالعون صحف تسير بنفس عقلية سنوات القرن الماضي.
 ٦- من طالع صحف السعودية في الايام القليلة الماضية-وتحديد في هذا الشهر يناير ٢٠٢٣-، يجد ان اخبار لاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو قد   اصبحت تحتل صدارة الصفحات الاولي ، بل تفوقت اخباره بجدارة وكثرة حتي علي اخبار الملك سلمان وولي العهد وكل الامراء ، وان الصحيفة السعودية التي لاتنشر له صورة كبيرة ملونة او اي خبر من اخباره ، فان هذا يعني كساد واعداد مرتجعة!! .
٧- حال الصحافة في مصر:- من غرائب ما يحدث في صحف بعض البلاد العربية ، نجد ان الصحف المصرية مثلآ قد اعتادت علي نشر صور كثيرة بالالوان وبشكل يومي لرئيس الجمهورية ، وانه ما من جهة سياسية – وزارة- مصلحة حكومية او قطاع خاص- كانت الا وبادرت بتحية اوتهنئة الرئيس بمناسبة او بدون مناسبة ، وهو اسلوب متبع منذ زمن الرئيس انور السادات!!، سبق ان لفت الرئيس السيسي ادارات الصحف ان تلتزم بمسؤولياتها تجاه قضايا الشعب بالدرجة الاولي ، الا ان رؤساء التحرير  مازالوا يتعمدون نشر اخبار الرئيس بصورة الملونة علي حساب قضاي كثيرة معلقة!! .
٨-  حال الصحافة في العراق:- رغم ان العراق دولة ذات سيادة كاملة ، الا ان الصحف العراقية لا تستطيع ان تنتقد السلطة الحاكمة في ايران رغم ان هذه الاخيرة تتدخل كثيرآ وبصورة سافرة في الشآن العراقي منذ سقوط حكم صدام حسين حتي اليوم!!. الصحف العراقية هناك -(وعملآ بحرية الرآي!!!) ، يمكنها ان تدين وتشجب وتسب الحكومة العراقية والرئيس نفسه ،ولكنها في نفس الوقت ونسبة لوجود عراقيين شيعة عراقيين بكثرة تلتزم الصمت تجاه عدوانية الخمينيين علي الدولة!! .
 ٩- حال الصحافة في سورية:- اما الكلام عن الصحف السورية فان الوضع هناك لم يتغير منذ وفاة الرئيس حافظ الاسد في يونيو عام ٢٠٠٠م، فهذه الصحف السورية وباقي الاجهزة الاعلامية مازالت تسيرعلي المقولة السورية القديمة المعروفة: “حافظ الاسد… رئيسنا الي الابد”!! .
 ١٠- حال الصحافة في لبنان:- تحتل لبنان المرتبة الاولي بين كل البلاد العربية في حرية الصحافة والنشر والتعبير ، ولا تتفوق عليها دولة عربية اخري.
١١-  حال الصحافة في الجمهورية التونسية:-  توجد هناك حرية صحافة بنفس المستوي الموجود في لبنان مع فارق بسيط ان القراء هناك يميلون مطالعة الصحف التونسية باللغة الفرنسية.
١٢- حال الصحافة المملكة المغربية:- الصحافة في المملكة متطورة وعندها الحرية في نشر كل شيء … ماعدا نقد الملك محمد السادس بن الحسن واسرته وحاشيته!! .
 ١٣- حال الصحافة فلسطين:- من يطالع الصحف الفلسطينية وبقية وسائل الاعلام وعددها (٢٧) صحيفة ومجلة ووكالات انباء ، يجدها صحف ممعنة في المحلية منذ زمن طويل ومتشابهة المواضيع والاخبار لدرجة الملل!! .
١٤-  واخيرآ ، كما قالوا في المثل المعروف: “كل يغني على ليلاه..”، فالصحف السودانية رغم ما تعانيها من ازمات فهي والحمدلله احسن من مثيلاتها في دول عربية كثيرة ، صحفنا تتمتع  باستقلالية كبيرة نوعآ ما وهذا ما نلمسه من نشر مواد تحريرية يندر ان توجد في كثير من الصحف العربية والاسلامية … ولكن اكثر ما يحزن المرء ، انه ونحن نحتفل في هذا العام الجاري بالذكري (١٢٠) عام علي صدوراول صحيفة سودانية ظهرت في عام ١٩٠٣م ، نجد ان احوال صحفنا اليوم بسبب عوامل خارجية تعاني الامرين ، وتسير من سيء الي اسوء .. حالة لا تسر عدو ولا حبيب.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..