أخبار السودان

نساء السودان.. انتهاكات ممنهجة وحقوق مغتصبة

يجيء الاحتفال بيوم المرأة العالمي هذا العام ونساء السودان وقوى الثورة الحية، يحتلون الشوارع شاهرين الهتاف في مشهد شبه يومي منذ انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر للمطالبة بمدنية الدولة، وبالمقابل تستخدم  المؤسسة العسكرية في السودان عدة طرق لمنع النساء من المشاركة في الحراك المدني الداعم للديمقراطية، طبقاً لأدوارهن البارزة والحاسمة في ثورة ديسمبر وما سبقتها من ثورات، ما يجعل النساء والفتيات القابضات على جمر التغيير مستهدفات بشكل ملاحظ يصل حد مصادر الحق في الحياة، والاعتداء الجسدي والجنسي واللفظي والاعتقال والتعذيب داخل المعتقلات فضلا عن تعرض النساء للعنف الجنسي الممنهج في فض الاعتصام وما تلاه من أحداث مؤسفة من تواتر لجرائم العنف الجنسي في دارفور وغيرها من مناطق السودان.

وأبرز الجرائم والانتهاكات التي تمت ما بعد انقلاب 25 أكتوبر ما تعرضت له الشهيدة الممرضة ست النفور أحمد بكار من اغتيال ومصادرة لحقها في الحياة، في جريمة دونت إلى سجلات قوات المجلس العسكري الانقلابي المحتلة، حيث قامت بإطلاق النار عليها في موكب ١٧ نوفمبر في مدينة الخرطوم بحري، في انتهاكٍ واضحٍ لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية ولكن من الواضح تماماً أن البرهان وزبانيته أمنوا العقاب فأساؤوا الأدب.

بجانب حادثة اغتصاب (13) حالة اغتصاب واغتصاب جماعي بموكب 19 ديسمبر الماضي بمحيط  القصر الجمهوري كشفت عنها المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.  وأكدت التقارير الميدانية وبيانات وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل حدوث 9 حالات اغتصاب، في الخرطوم، ونوهت إلى أن إحدى الناجيات طفلة في العاشرة من عمرها، تم اغتصابها من 10 رجال على الأقل يرتدون زي القوات الأمنية الرسمية، بجانب تقارير لجان الأحياء التي أوردت تعرض عشرات الفتيات للتحرش وأنواع مختلفة من الاعتداء الجسدي والجنسي أثناء اعتقالهن في مراكز الشرطة .

ومن بين الانتهاكات التي تهدف للحد من المشاركة السياسية للنساء ما تعرضت له رئيسة مبادرة لا لقهر النساء اميرة عثمان في 24 يناير الماضي من اعتقال بواسطة قوة أمنية داهمت منزلهم منتصف الليل واقتادتها لجهة غير معلومة، كما قامت بترويع أسرتها.

ولم تكن تلك الحوادث والانتهاكات هي الأولى والأخيرة في ظل نظام البرهان الباطش. وتشير المتابعات إلى تسجيل انتهاكات متعددة بشكل شبه يومي في ظل تراجع الأوضاع الاقتصادية التي تنعكس بصورة أكبر على النساء، بجانب حالة تضييق الحريات الصحفية، حيث تعرضت عدد من الصحفيات والإعلاميات للتوقيف والتحقيق والاعتداء لاسيما المذيعة مودة حسن بعد انتقادها في برنامج بقناة النيل الأزرق المجازر التي تمت والقتل الممنهج للمتظاهرين السلميين، والاعتداء بالضرب على مراسلة قناة الحدث لينا يعقوب، والصحفية شمائل النور خلال تغطيتها أحد المواكب .

وقالت مسؤولة أمانة حقوق الإنسان بهيئة محامي دارفور نفيسة حجر في تصريح لـ(مداميك) إن كافة الانتهاكات حدثت أمام منظومة عدلية ضعيفة وإطار قانوني عاجز عن معاقبة الجناة من ناحية، ومؤسسات عسكرية تستخدم العنف الجنسي كسلاح لمواجهة مقاومة العزل من المواطنات والمواطنين في السودان.

وعبرت نفيسة عن قلقها مِن الانتهاكات الجسيمة التي تستهدف النساء بالبلاد ونبهت إلى أن المرأة بإقليم دارفور يقع عليهن العبء الأكبر من الانتهاكات بسبب الحرب وما خلفته من أوضاع مزرية ومعقدة.

وقالت نفيسة إن اغتصاب النِساء أصبح منهجاً تستخدمه المليشيات المسلحة كسلاح لقهر وإذلال النساء. وأشارت إلى أنه لا تُوجد قرية فِي دارفور لم تشهد انتهاكات للمرأة والطفل ما قاد إلى خروجهن مِن دائرة الإنتاج خوفاً مِن الاغتصاب والقتل، واعتمادهن على إعانات المجتمع الدولي وحِزم الإغاثة.

وتابعت: ما حدث فِي قرى ” تابت وقريضة وحجير” وغيرها يُشير بوضوح لخُطورة تدفق السلاح خارج إطار القوات النظامية وشددت على أنه يجب دق ناقوس الخطر حِيال هذه الظاهرة كمهدد حقيقي للاستدامة المجتمعية.

ومن جهتها، أكدت المدافعة عن حقوق الإنسان ريم عبد الجليل أن النساء الان يقفن للدفاع عن حقوقهم وأمنهم وسلامتهم خلال مشاركتهم السلمية في مسيرات الدفاع عن الديمقراطية والحقوق في مواجهة جرائم العنف الجنسي الممنهج، منذ ثورة ديسمبر وحتى اليوم.

ولفتت إلى الانتهاكات التي حدثت للنساء وفتيات السودان اللاتي خرجن ضمن الحشود الرافضة للانقلاب العسكري واتفاق البرهان حمدوك المقنن للانقلاب العسكري. وأشارت إلى أن العنف الممنهج الذي تمت به مواجهة المواكب السلمية  تم من قبل القوات الأمنية والعسكرية المختلفة  (الشرطة ـ الجيش ـ الدعم السريع ـ جهاز الأمن). ونبهت إلى أن كل أنواع العنف لم تكن عشوائية ولا وليدة اللحظة، بل هي امتداد لنمط عنف جنسي ممنهج مبني على النوع الاجتماعي يمارسه النظام منذ عهد البشير بهدف كسر شوكة النساء وردعهن وضمان وجودهن خارج منظومة العمل العام وممارسة حقوقهن السياسية والمدنية. واعتبرت ريم  هذا العنف جزءاً أصيل من الأيديولوجيا التي لا تزال تنتهجها المؤسسة العسكرية في السودان والتي ترتكز على الفكر الإرهابي والأصولي الذي يقنن للعنف ضد المرأة في المساحات العامة والخاصة، حيث تصبح جرائم مثل الاغتصاب والاعتداء الجنسي أمراً واقعاً مقنناً بإطار قانوني يعمل على تجريم الضحية وعتق الجناة من المسؤولية القانونية.

مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..