مقالات سياسية

وحدة المعارضة ومراحعة التجارب وتحديد الاهداف (5)

استطاع دهاقنة الانقاذ بدافعهم الذى لايتراجع ولايفنى ، الا وهو البقاء فى السلطة بأى ثمن حفاظا على الثروات التى جمعت على مدى سنوات طويلة (لله) ! استطاعوا ان يتفقوا مع الذين لايعادونهم من ناحية مبدئية ، فرجع الى حضنهم من كان يعتبر القائد الثانى (العسكرى) ، وتم الاتفاق مع القائد الاول ، بعد اتفاق نيفاشا ، ان يعود الكل الي السودان ، بما ان اتفاقية نيفاشا قد جعلت شرطا رئيسا ان يتم تنفيذها فى جو ديموقراطى .
غير ان قادة التجمع العائدون لم يضعوا فى اعتبارهم ان صانعى نيفاشا قد وضعوا ديموقراطيتها فى جيب الانقاذ منفردة بنسبة 52% ومع الشريك ?الحركة الشعبية – بنسبة 80% .وانتهت المسألة ?المأساة ? بوجود فى البرلمان لاطعم له ولا رائحة ، غير طعم ورائحة الجنيهات السودانية التى دخلت جيوب نواب المعارضة .أما شركاء الامس ،خصوصا بعد ذهاب الوحدوى ،فقد بدأوا العمل على جبهتين : تقاسم عائدات البترول والاعداد للانفصال، خصوصا بعدما وضحت رغبة الحزب الحاكم من خلال اطلاق يد حزب الخال الرئاسى فى الدعوة الى الانفصال نهارا جهارا . لوكان التجمع وقيادته على الاخص ، راغبين فعلا فى توسيع رقعة المعارضة للنظام ،لكان من الممكن جدا استغلال هامش الحريات الكبير نسبيا بعد نيفاشا . وكانت هناك قضايا هامة وكبيرة جدا كان من الممكن الاستفادة منها لهذا الهدف: ليس أقلها الدفاع عن مبدأ جعل الوحدة جاذبة للاخوة الجنوبيين بدعمهم فى مطالبهم بالتنمية من خلال نصيبهم غير القليل من عائدات البترول . أو قضية: أين تذهب عائدات الشمال نفسه أو موضوع توسيع هامش الحريات ..الخ ..الخ
وهكذا اكتمل اعداد المسرح لفصل الجنوب لتنقية البلاد من العنصر الافريقى والمسيحى الذى كان يقف حجر عثرة امام تنفيذ المهام ? الاسلاموية ? المتبقية ، والتى لايعترض عليها من حيث المبدأ أكبر احزاب المعارضة ممايجعل الاتفاق لايحتاج الا بعض الرتوش والقروش ، وبلغة السياسة هذه الايام :تقاسم السلطة والثروة ! ومن ناحية أخرى التفرغ لتنقية الجو المحلى من بقايا المعارضة على الطريقة المعروفة والمجربة والتى انتهت بنجاح لم يتوقعه الانقاذيون انفسهم ، حيث اصبح لقب (الامة ) ينطبق على عدد من الاحزاب أشك فى ان السيد الصادق نفسه قادر على حفظه ، وكذلك الحال بالنسبة لاسم ( الاتحادى ) الذى بات صفة لغير موصوف .
وفى هذا الحال تجمعت فصائل اليسار المنهكة من ايام نميرى ،ثم سوار الذهب ،ثم حكومات الصادق التحالفية ? مع الشيطان وغيره ? ثم الانقاذ وماادراك ما الانقاذ ، ولما كان الحزبان الكبيران خارج اللعبة عمليا ،فقد بحثت قوى الاجماع عن جهة لها جماهير ، وظنوا ان ضالتهم هى المؤتمر الشعبى ، الذى قال نقد عن زعيمه مرة انه ” يقدر يغير النظام لو سخا!” وقد حاول بسخاء شديد ولكن الجماعة الذين يعتمد عليهم فى مثل هذه الحالات قد علموا ، وهم دائما على علم ،من أين تؤكل الكتف ، وماادراك ،ايضا ، ماالكتف الانقاذية المتورمة فى الداخل والخارج ! كان هذا حال المعارضة المدنية ، وفى جانب آخر كانت المعارضة المسلحة .وعلى الرغم من تناغم الاهداف الا ان جزء معتبرا من المعارضة المدنية كان يرى ان التحالف مع “المتمردين ” حرام ! ثم بدأت الامور تتغير عندما بدأت اتصالات خجولة مع المتمردين ، ثم تطورت قليلا قليلا الى ان وصلت اعلان باريس الذى ضم السيد الصادق بعد التجربة المريرة ، والتى ماكان لها ان تخدع رجلا فى قامته ومن مجموعة الانقاذ صاحبة التاريخ الطويل فى خداعه هو بالذات ،بل واذلاله احيانا .
المهم الآن ان الطريق قد وضح للقادة ، بعد تجارب طويلة ومريرة ،ولكن :
لازال بعض جزء من المعارضة يأمل فى جدية دعوة الانقاذ للحل من خلال الحوار ،والسؤال لهؤلاء : هل تظنون انه يوجد حل بدون ان تكون بدايته هى تفكيك الانقاذ ؟ والسؤال المتفرع من هذا : هل تظنون ان الانقاذ ستقبل بالتفكيك وكدة ؟!
ومن ناحية اخرى :هل تظن المعارضة ان الشعب السودانى سيقبل بالتغيير من غير ان يعرف كيفية ذلك التغيير ومداه ، وماذا سيجد من ورائه ،خصوصا بعدالتجارب المرة السابقة؟
اختم هذه المقالة بانه للاجابة على هذه الاسئلة الاساسية بالصورة التى تجعل الشعب يلتف حول المعارضة ، فلابد ان نبدأ بالاعلام : من هنا نبدا.. من هنا نبدأ ..من هنا نبدأ ، وليس من اى جهة أخرى !!!

عبدالمنعم عثمان
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..