أخبار السودان

آخر تطورات الأزمة بين الخرطوم والقاهرة .. السفير نجيب الخير: أول الخطوات الاستدعاء وثانيها السحب وآخرها قطع العلاقات الدبلوماسية !!

اللواء الركابي: التصعيد المصري في ?حلايب? تجاوز الحدود

تقرير: بهاء الدين عيسى

تشهدُ العلاقات بين الخرطوم والقاهرة توتراً حاداً، وتراشقاتٍ في وسائل الإعلام، واتهاماتٍ هنا وهناك منذ أكثر من عام، على خلفية عدة قضايا خلافية، في مقدمتها النزاع الحدودي حول مثلث حلايب المُحتل من قبل مصر منذ سنوات، بجانب ملف سد النهضة الإثيوبي، وأخيراً زيارة الرئيس التركي إلى الخرطوم التي فجرت الأزمة الكامنة إلى السطح، على نحو قفز بالقضية وجعلها حديث رأي عام وسط إعلاميي مصر الذين ملأوا الفضائيات ضجيجاً، لكن العديد من المراقبين يرون أنَّ التطورات متصاعدة بوتيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً لإزالة المسببات التي يبدو بعضها في خانة المستحيلات، خاصة بعد استدعاء الخرطوم لسفيرها بالقاهرة عبد المحمود عبد الحليم أول أمس (الخميس).

العلاقات ليست على ما يرام:

في قراءته لتطورات الأوضاع والأزمة التي بدأت تتصاعد بين الخرطوم والقاهرة يقول وزير الدولة بالخارجية، وسفير السودان الأسبق نجيب الخير عبد الوهاب، إنَّ استدعاء الدول لسفرائها من عواصم الدول الأخرى التي تربطها بها علاقات دبلوماسية، مؤشر لعدم الرضاء. ويتابع: ?عادة وفقاً للأعراف الدبلوماسية الخطوة الأولى استدعاء السفير والثانية سحب السفير كما الثالثة قطع العلاقات?.

ويعتقد الخير بأنَّ العلاقات السودانية ? المصرية ليستْ على ما يرام وهناك الكثير من التوتر، الأمر الذي يحتاج إلى تدخل عاجل وحكيم وناجع لإزالة الاحتقانات المتصاعدة، لأنَّ العلاقات لا تحتمل هذا النوع من التوتر. ويقول نجيب بأنَّ العلاقات بين الخرطوم والقاهرة هي علاقة وادٍ واحد مما سيتوجب اتخاذ التدابير الدبلوماسية اللازمة، لأنَّ الوضع الآن ليس لعلاقات عادية مع دولة بل هي أوسع من ذلك علاقة نوعية. ويتابع محدثي: ?الخطوة المهمة يجب التعامل بحكمة والعمل على إيجاد الحلول الناجعة?.

ما خُفي كان أعظم:

في السياق يقول مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الخبير الأمني ذائع الصيت، اللواء عثمان السيد في حديثه لـ(التيار)، إنَّ القاهرة ظلتْ تتعامل مع السودان خلال السنوات الماضية كأنه محافظة مصرية، بل تجاوزت أبعد من ذلك ووجهت جملة من الاتهامات التي تنتهك سيادة السودان وحكومته وشعبه، متناولاً التصعيد الأخير في حلايب كما ظلت تستهجن بحدة موقف السودان من سد النهضة، وتتهمه بالانحياز إلى إثيوبيا رغم أنَّ الخرطوم وقفت بجانب مصالحها فقط.

ويقول السيد بأنَّ خطوة استدعاء سفير السودان بمصر للتشاور جاءت متأخرة جداً، لكن الحكومة ظلت متسامحة مذكراً بالدبابات المصرية التي تسللت إلى دارفور عبر ليبيا والتي نجحت القوات المسلحة في السيطرة عليها، كما تم توقيف مرتزقة مصريين. أما من الناحية السياسية يذكر الخبير الأمني أنَّ مصر ظلت معادية للسودان حتى على المستويات الدولية، وليس فقط خلال مفاوضات سد النهضة لوحدها. وينبه السيد إلى أنَّ كل المنظمات الأفريقية والعربية ما تزال تعترف بسودانية حلايب لكن تعنت مصر جعلها تستفز السودان حتى خلال زيادرات قيادات سياسية رفيعة، بوضع خارطتها تشمل مثلث حلايب السوداني. وأكد عثمان السيد حق السودان في ما يريد وتساءل هل نستأذن مصر في زيارة الرئيس التركي رجب أوردوغان؟ أو ليس من حق حكوماتنا التعامل مع من تشاء طالما أنَّ هناك فوائد للبلاد.

وتناول السيد مقاطعة الدول العربية لمصر بعد توقيع الرئيس وقتها أنور السادات لاتفاق (كامب ديفيد) 17 سبتمبر 1978، مع رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن بعد 12 يوماً من المفاوضات في منتجع كامب ديفيد، لجهة أنَّها خالفت الجامعة العربية لكن السودان وقتها أيد القاهرة لصالح مبادرة السلام العربية.

وحذَّر الخبير في الشؤون الأفريقية والعربية من مغبة الحشود المصرية التي بدأت تنتشر، في قاعدة (ساوا) التي أوضح أنَّها برطانة التكرنجا تعني الأرض المنسطة، موضحاً أنَّ المقصود بها ليس إسرائيل طبعاً ولا إثيوبيا بل السودان، محذراً في ذات الوقت من التصعيد والتربص بالسودان. وفيما يتعلق بحلايب يشير السيد إلى أنَّ مصر هي أول ما باركت استقلال السودان في 1/ 1/ 1956 والتي تم فيها أيضاً تعيين أول نائب برلمان لها، وتناول أيضاً معاداة مصر للسودانيين خلال الفترة الماضية التي تجاوزت الحكومة، ووصلت للصحفيين أنفسهم الذين يتم طردهم من مطار القاهرة بعد معاملة قاسية.

خطورة الأوضاع:

وفي ذات السياق يؤيد الخبير الأمني اللواء (م) محمد حسن الركابي ما ذهب إليه السيد ويقول، إنَّ خطوة استدعاء سفير السودان بمصر تأخرت كثيراً، كما أنَّ ما وراء التطورات الحالية تقتضي ذلك.

وأفاد بأنَّ التصعيد في حلايب تجاوز الحدود كما أنَّ الاستفزازات أيضاً طفح بها الكيل، ويرى بوجوب موقف داعم للحلول الدبلوماسية عبر طاولة المفاوضات لإزالة أي احتقانات. ويقول في جانب متصل إنَّ الخلافات بشأن مصالح السودان حول سد النهضة شيء طبيعي، لأنَّ الحكومة غير مسؤولة عن الآخرين مذكراً في ذات الوقت أنَّ السودان دولة مصب ومنبع للنيل تغذيه بكميات مهولة من الأمطار، والروافد التي تصب أيضاً فيه. وأبدى في زاوية أخرى الركابي انزعاجه من التصعيد العسكري المصري في الحدود الإريترية، وأوجب ضرورة أن تقف حكومة المشير السيسي عن حدها. كما أشار إلى أنَّ الهجمة الإعلامية المرتدة على السودان تتم بإيعاز من جهاتٍ سياسية عليا.

وفي تطور لافت، أعلنت الخارجية عن استدعاء سفيرها لدى مصر لمزيد من التشاور.

وسرعان ما غادر السفير السوداني بمصر، عبد المحمود عبد الحليم، القاهرة، متوجهًا إلى الخرطوم، بعد قرار الخارجية السودانية استدعائه لـ(التشاور).

تطورات متسارعة:

وقال مصدر ملاحي بمطار القاهرة الدولي، في تصريحات صحفية، إنَّ ?السفير السوداني، غادر على رحلة مصر للطيران المتجهة إلى الخرطوم، وانتظر بقاعة كبار الزوار لحين صعوده إلى الطائرة?.

وأوضح المصدر أنه ?من المقرر عودة السفير، (الثلاثاء) المقبل، على نفس الرحلة العائدة من الخرطوم، وفقًا لإخطار السفر الخاص به?، دون مزيد من التفاصيل.

مصر ترد:

وردتْ الحكومة المصرية على خطوة استدعاء الخرطوم لسفيرها، بالقول: إنَّها بصدد ?تقييم الموقف لاتخاذ الإجراء المناسب?.

وصرَّح المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، بأنَّه تم إخطار السفارة المصرية في الخرطوم يوم (الخميس)، رسمياً بقرار استدعاء سفير السودان في القاهرة إلى الخرطوم للتشاور.

وقال أبو زيد في بيان صحفي، إنَّ ?مصر الآن تقيم الموقف بشكل متكامل لاتخاذ الإجراء المناسب?.

أسباب التوتر:

تصاعد التوتر بين السودان ومصر مؤخراً بسبب قضية حلايب وشلاتين وأبو رماد، حيث يتنازع السودان ومصر على سيادة المثلث الواقع في أقصى المنطقة الشمالية الشرقية للسودان على البحر الأحمر والذي تسيطر عليه مصر في الوقت الحاضر، فيما تتمسك الخرطوم بسودانية المثلث.

على كُلٍ، فإنَّ الأزمة بين الخرطوم والقاهرة (شائكة)، ويشير مراقبون أنَّها لن تتوقف عند استدعاء الخرطوم لسفيرها بالقاهرة، ورُبما تظهر ملامح التصعيد القادم، بعد فراغ القاهرة من تقييمها لخطوة الخرطوم بسحب سفيرها. لكن هل سيعود السفير السوداني للقاهرة؟ وهل ستتخذُ القاهرة خطواتٍ مشابهة، أم أنَّ الأزمة ستبارح مكانها قريباً؟ هذا ما سيتضح خلال الساعات القادمة.

التيار.

تعليق واحد

  1. والسبب هي الحكومات وليس الشعب الذي يريد قطع العلاقات نهائيا مع مصر حتي تصبح دولة محترمة

  2. والسبب هي الحكومات وليس الشعب الذي يريد قطع العلاقات نهائيا مع مصر حتي تصبح دولة محترمة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..