أخبار السودان

التجربة الإسلامية في السودان.. تحت التشريح

تقرير:اسماء سليمان

تطورات كبيرة يمر بها العالم العربي والإسلامي وحتى الغربي، بدت تلقي بظلالها على السودان، جعلت محاولات عزله عن ما يدور خارجه أمراً يأتي في إطار المستحيل، نظام الحكم في السودان يصنف في دائرة الحكم الإسلامي، لذلك تأتي تجربته في قائمة (أنموذج) كلما وضعت التجارب الإسلامية على طاولة التشريح، خاصة بعد فشل تجربة الإسلاميين في مصر وبعد تمحور التجربة التونسية حتى تمكن من الاستمرار.
أمس الأول، بمركز التنوير المعرفي بالخرطوم، نظمت حلقة علمية تحت لافتة (قضايا سياسية معاصرة)، شرح الخبراء من خلالها واقع الحال بالنسبة للتجارب القائمة ومدى تمكنها من أن تكون البديل المجمع عليه.التجارب الإسلامية
إن الفشل الذي أصاب التجارب الإسلامية خاصة في توحيد التيارات الوطنية داخل تلك البلدان، تمخض عنه ما بات يعرف بثورات الربيع العربي، بالنظر إلى أن تلك التجارب ليست لها مرجعية إسلامية موحدة ومتفق عليها، هذا ما جاء على لسان مدير كرسي اليونسكو بالسودان فائز جامع خلال استعراضه لورقة علمية حملت عنوان (تغيرات الواقع وأثرها على العالم الإسلامي)، معتبراً أن نموذج مصر وتونس هو الأقرب للسودان وأفغانستان وغيرها من البلدان، مستثنياً تركيا وماليزيا من مقارنته، فائز جامع لم يرسل حديثه جزافاً، بل استدل باعترافات راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة في تونس، ونائبه عبد الفتاح مورو، والذي قال: (نحن لم نفهم حقيقة الدولة الوطنية في أوطاننا بعيد خضوع العالم الإسلامي للاستعمار، كنا نحن الإسلاميين مشغولين بنقاش العالمية الإسلامية، ولكن الأهم هو بناء دولة عادلة وليست القضية قطع يد أو إقامة حد وإنما بناء دولة المواطنين).
نموذج مدني:
من هنا دعا جامع الحركات الإسلامية إلى تقديم نموذج مدني في احترام حقوق الإنسان والدفاع عنها، واضعاً العولمة والحقوق المدنية وحقوق المواطنة في الدولة الحديثة من أخطر التحديات التي تجابه الإسلاميين، بل نصحهم بتقديم الإصلاح الداخلي على المستويين الفكري والتنظمي كأولوية على محاربة الآخرين، وحسب رأيه فإن الإصرار على محاربة الدولة المدنية ربما يفتح الباب أمام احتمالات أخرى قد تطل برأسها تتمثل في نسخ تجربة ثورات الربيع العربي وانتقالها إلى السودان.
المواطنة بالمستويات:
ولما كان غياب دولة المواطنين في التجارب الإسلامية سبباً في فشلها أو عدم الرضا عنها، يؤكد الخبير الأكاديمي في علم الاجتماع الفاتح عثمان محجوب أن تطبيق مبدأ العدالة في المواطنة بصورة عملية خاصة في تقلد سدة الحكم، ظل تشوبه الشوائب، ما يعني أن المواطنة يتم تقسيمها على مستويات منها الأعلى وآخر أقل مواطنة على مر العصور، معتبراً ذلك من طبيعة البشر، وقال محجوب إن الأمر مطبق في السودان وإن لم يكن الدستور أو القانون يشير إلى ذلك، ولكن يظل إحساس البعض بأن هناك مجموعات سكانية لا زالت تستأثر بالسلطة، إلا أن الرجل يرى أن المجموعات الأقل مواطنة يمكن وصولها إلى الحكم بصورة متدرجة خاصة أنه لا يوجد بديل للوصول إليه غير المواطنة.
دولة جديدة:
وبالرغم من ما قيل عن الحكم في السودان، إلا أن الأستاذ المشارك بجامعة الخرطوم قيصر موسى الزين يرى أن السودان الحديث (ما بعد الاستقلال)، لا يزال دولة تقوم على مفاهيم المستعمر سواء البريطاني أو التركي، ويؤكد أنه حتى وقت قريب فإن تشكيل السودان تم على أساس ثقافي وقبلي قبل تشكيل الدولة القومية، لكن ذلك لا يعني برأيه نهاية التاريخ، ولفت إلى أن الدولة القومية السودانية في آخر مراحلها، وتنبأ لها بنهاية مشابهة للدولة السنارية، وتوقع في الوقت ذاته بقيام دول أخرى للسودان بحلول (2025)، وقال إن المعارضة سيكون لها نصيب في الدول الجديدة، ونبه قيصر إلى عدم الركون إلى التعدد الأثني بالبلاد، لجهة أن ثقافة البلاد بصورة عامة لا زالت مركزية.

آخر لحظة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..