دكتور/ حيدر إبراهيم و حسد الأتراب 2-2

مختار اللخمي

” لا تهمني المناصب، و الأموال، و لا يخيفني الوعيد، و التهديد. يريدونني أن أصمت، لكنني لن أصمت إلا بعد أن أموت.”
إدوارد سعيد

قصة مركز الدراسات السودانية:

ذكر الدكتور/ حيدر إبراهيم عند إفتتاح فرع مركز الدراسات السودانية بالخرطوم في عام 2001م، خلال إحدى لقاءاته الصحفية، أن فكرة إنشاء مركز للدراسات السودانية، قد تولدت لديه، مع اخرين، في بداية الثمانينات من القرن الماضي، عندما كان يعمل أستاذاً لعلم الإجتماع بجامعة العين بالإمارات. و ذكر أن تلك الجماعة، قد كانت مقتدرة من الناحية المالية، لكن كانت تنقصها الفكرة الواضحة، و المقدرة على المبادرة. و بالتالي لم يتم الشروع في تنفيذ الفكرة حتى مغادرته للإمارات إلى السودان نهائياً في عام 1988م.

لكن راودته الفكرة مرة أخرى، عندما كان بالمغرب في بداية العام 1990 بعد خروجه نهائياً للمرة الثانية من السودان. لذلك شرع في تنفيذ الفكرة على الفور. و بدأ بإمكانات مالية ذاتية بسيطة لا تتجاوز الألف دولار. ثم كتب و أصدر أول كتاب له بعنوان ” أزمة الإسلام السياسي..الجبهة القومية الإسلامية في السودان نموذجاً”، كأول إصدارات مركز الدراسات السودانية. و قد كان الهدف من تأسيس المركز، هو توثيق، و تدوين الثقافة السودانية، في مختلف أشكالها، و تجلياتها. و من ثم دعوة الكتاب، و المثقفين السودانيين، إلى رفد المركز بكتاباتهم، و مخطوطاتهم. لذلك كان شعار المركز، هو الكتابة عوضاً عن المشافهة بغرض هزيمة سلطة البياض، أو ما شابه ذلك.

و من خلال علاقات دكتور/ حيدر الواسعة، حول العالم، مع بعض الأكاديميين، و بعض الدوائر الأكاديمية، و المؤسسات الثقافية، و الخيرية في الغرب، مثل مؤسسة فورد بأمريكا، و مؤسسة الأمير كلاوس بهولندا، و فريدريش ايبرت بألمانيا، تمكن من إستقطاب دعم مالي مقدر للمركز، حتى وقف شامخاً كالنخلة على قدميه. و هذا شئ علني، و ليس سري. و لذلك تمكن المركز، في سنوات قليلة، من إصدار عشرات الكتب، و المخطوطات السودانية، سواء القديمة، أو الحديثة. كما ترجم العشرات من الكتب ذات الصلة بالشأن السوداني، مثل أعمال الدكتور/ فرانسيس دينق. كما تمكن من إصدار تقرير إستراتيجي سنوي شامل، عن أوضاع السودان، استمر لسنوات. و هذا إضافة لإصدار كتاب غير دوري، هو مجلة كتابات سودانية. إضافة أيضاً لعشرات الندوات، و المؤتمرات، و المهرجانات الثقافية العديدة، مع دعوة الكثيرين من المثقفين العرب، لهذه المؤتمرات.
و لكن بمجرد أن ذاع صيت المركز، و عمت شهرته الافاق، إلا و هرع البعض، و تجاهل كل تلك الإنجازات الضخمة، و بدأ ينتاش الرجل بسهامه، سواء من قبل بعض المثقفين السودانيين، أو من بعض الدوائر المظلمة داخل النظام الإسلاموي. فبدأ الهمس حول الإتهامات بالعمالة، و مصادر تمويل المركز، و غيرها. لكن في تقديري الشخصي، فقد كان أغلب تلك الإتهامات، و الأقاويل، مبعثها أحد شيئين، لا أكثر: الباعث الأول في تقديري لذلك، هو الحسد من البعض، و الغيرة المهنية، و الجيلية من البعض الاخر. و الحسد شئ متأصل، و موجود في المجتمع السوداني، و في أوساط المتعلمين، لكن السودانيين بطبيعتهم ينكرونه. و عندما أعود بذاكرتي الان إلى الوراء، خلال المراحل الدراسية المختلفة، أذكر كيف كان يعاني الطلاب المتميزين في أدائهم الأكاديمي، من قبل زملائهم الأقل حظاً في ذلك. و كان البروفسير/ عبد الله الطيب، كثيراً ما يذكر أنه قد عانى كثيراً، من حسد زملائه له، خلال سنوات دراسته، و عمله بجامعة الخرطوم.

أما الدافع الثاني لذلك، و خاصة الذي يأتي من دوائر داخل النظام، فقد كان سببه بلا شك، هو ضيق النظام من نشاط المركز، و من كتابات الدكتور/ حيدر ، و نقده المستمر لسلوك النظام، سواء عبر كتبه التي قاربت العشرين كتاباً، وثقت لكثير من إخفاقات النظام، أو عبر مقالاته المستمرة في الصحف الورقية في الداخل، أو في المواقع الإليكترونية.
لذلك فإن مسألة الإتهام للمركز بتهديد الأمن القومي، أو العمالة، أو تلقي تمويل أجنبي، ما هي إلا قناع لإخفاء السبب الحقيقي لتصفية المركز، و مصادرة نشاطه. هذا بالإضافة إلى أن النظام نفسه، و خاصة بعد أن اشتدت أزمته الإقتصادية الحالية، قد جاب أقطار الدنيا كلها، للبحث عن العون المالي لتغطية العجز في ميزانيته، سواء في شكل قروض أو هبات. كما أن هناك منظمات سودانية في الداخل، و تنظيمات دينية، و أحزاب سياسية سودانية كثيرة، تتلقى العون المالي من الخارج، سواء من العالم العربي، أو من أوربا، و أمريكا، و غيرها. فحلال عليكم، و حرام علينا؟؟!!

و هنا تجدر الإشارة، إلى أن هناك مجموعات كثيرة في داخل السودان، واقعة تحت سطوة الخطاب الديني التضليلي، من أن الجمعيات، و المنظمات الإنسانية، في الغرب، لا تقدم أي دعم مالي إلا و هو مرتبط بأفق تبشيري. و لكن الواقع لو قدر لأي إنسان، العيش في الغرب ” الصليبي”، سوف يدرك أن الخواجات، يعملون أشياء كثيرة لوجه الله، أي لا يريدون منها جزاءً، و لا شكورا. و هنا أذكر بيل جيتس، صاحب شركة مايكروسوفت، الذي تبرع بجزء كبير من ثروته، في أمريكا لدعم الصحة و التعليم. و كذلك صديقه، وارين بيفت الذي تبرع بجزء كبير من ثروته، بلغ حوالي 85 مليار دولار أمريكي، لدعم التعليم و الصحة للشرائح الضعيفة، في المجتمع الأمريكي، و لم يبق إلا القليل منها لتسيير حياته. هل يحدث هذا في مجتمعاتنا؟؟؟!!!
و أخيراً، كما ذكر الكاتب/ مصطفى البطل، فإن شريحة المثقفين السودانيين، و على الرغم من أن الثقافة تجعل، أو من المفترض تجعل الإنسان خير، إلا أن هذه الشريحة قد تميزت بقدرة كبيرة على إحداث الشر. و إلا فلماذا لا يركز النظام على جدوى المركز للإنسان السوداني، و على إنجازات المركز الضخمة، من إصدارات، و كتابات، و ندوات، و مؤتمرات في الشأن السوداني. كما توجد بمقر المركز بالخرطوم، مكتبة ضخمة تكاد تضم كل صنوف المعرفة الإنسانية، من أدب، و علوم السياسة، و الإجتماع، و غيرها. و كل هذا هو نتاج لجهد فردي، و ليس جهد مؤسسة، أو دولة.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ياعنطج، بطل اسقاط لي خزعبلاتك، تصوراتك المسبقة، معاييرك، او وعيك الجلابي علي الاخرين.

    انا واحد من الكتبو هنا عن استنكاح هذا الجلابي، البياكل عيش بي قروش دافع ضرائب دول “امبريالية” باسم الدراسات والتنوير وماشابه من تخرصات!

    الفرق شنو بين زولك ده واي كوز، من حيث طريقة التفكير؟

    اقلاهو شيطان الجرة هذا اي جرز الاسلام الدخيل، باطل عريان، مقارنة بي “خضر دمن” الجلابة من اشباه المدعو حيدر هذا!

    مركز دراسات جلابية، يحسدو ليهو شنو ياهذا؟!

    في شنو يغري بالحسد في مركز دراسات وعي ولع البلد او اباد الملايين باسم الدفاع عن العمق الامبريالي لي غزاتنا؟

    لو غرضك اموال المخابرات الامريكية، فهذه عمالة راسا عديييييل كده!

    حتي العمالة نوعك ده بحسد فيها، يا كافي البلا؟

    ماهذا؟

    ولكن، نمشي او نجي، هذه بعض تجليات الوعي الجلابي، الذي صاغه اجنبي، كجرثومة حرب!

  2. (سألت ست لشاى القاعدة فى بنبرها وقلت ليها مركز الدراسات ب وين قالت لى حق ناس حيدر !أمشى بى جاى ووتلقاهو فى وشك!—–لم يمر على هذه المسكينة من يسألها عن أى حاجة أسمها بشاشا!….) قصة قصيرة لراوى سودانى مغمور جدآ فى أحقاده الشخصية لدرجة أنو ستات الشاى ما بيعرفوا!!

  3. خالد حسن سلامي،

    هم العرب وينم في “بلاد السودان” عشان يكرهم بشاشا؟

    كل ما هناك، ذنوج يدعون العروبة شغل مخارجة مما يظنونه عار، الا وهو الانتماء للجنس الاسود!

    حتي ده زاتو لو كان فقط سلوك فردي، لقلنا كل زول حر!

    ولكن الدويلة بما حملت، من صوف راسا او لي اخمص القدمين حاتلة في المستنقع ده، بل من هذه القمامة تم تركيبا كجرثومة حرب ابادت الملايين.

    لانتحدث عن النظام الحالي وانما الدويلة بي رمتا، اي بكل مؤسساتا من دون فرز!

    دي الحتة الانا جايي منها في كلامي عن المفكر، قالو، بلا خجلة، المدعو حيدر ابراهيم، وماهو الاحتة جلابي اخر، حايم بي جرثومة الوعي الجلابي، زي غيرو، من يسار الجلابة القديم الكمان عامل ليهو مركز دراسات، قال!

    نحن لانفرق مابين يسار او يمين الجلابة قط، كقاعدة، الا تكتيكيا او مرحليا فقط.

    او علي العكس، اليسار الجلابي يتحمل مسؤولية ماحدث ويحدث، باكثر من يمينو، لانو الاخير اصلا مامطلوب منو ايجاد بديل، بقدرما دورو ينحصر في بلورة تراش القديم!

    اذن ده خلاصة قامة المدعو حيدر في نظرنا.

    من الجانب الاخر، مشكلتنا مع ظاهرة منظومات الجلابة الفاتحة او شغالة بي اموال دول اجنبية!

    نعم اموال دول، اجنبية اكرر!

    واحد زي الباقر العفيف بياخد ليهو مرتب بتاع 80,000 دولار، من اموال دافع الضرائب الامريكي المخصصة لي ميزانية امن امريكا الخارجي، باسم استيراد الاستنارة!

    اي استنارة هذه، البتمولا دول اجنبية، في داخل دولة ذات سيادة افتراضا؟

    لادخل لنا اطلاقا بي دعاوي نظام القتلة ايا كانت!

    ولكنا علينا بي ظاهرة الاسترزاق بي اموال دول اجنبية باسم الاستنارة والدراسات وماشابه!

    هذا عار، والغريب جدا بمر عادي، يا للهول!

    الجلابي بابكر عوض الله، قالو سالو، كيف كرئيس قضاء سابق، يعمل تحت امرة واحد زي اب عاج؟

    قال ليهم بكل فخر او من دون مايرمش:

    من اجل مصر!

    نعم الانقلاب بتاع حارسنا او فارسنا، كان باشراف مخابرات الخديوي ناصر!

    امشو اقرو كلام الحمبرا عبدالخالق عن مصر الخديوية المنشور هنا في الراكوبة!

    احنا ناس سذج بمعني المفردة حقيقة، او دراويش بمعني الكلمة!

    واحد زي جمل الطين، نسيب الشبراويشي، العميل ابا عن جد، يكون هو رئيس “مجلس السيادة”!

    اي سيادة هذه؟

    فاروق ابوعيسي، يروي انو عميل مخابرات مصرية عديييل كده!

    قريتو الكلام الكان منشور هنا، كيف كان بترجي او بحنس سيدو مبارك للتدخل في السودان لتغيير النظام لصالح التجمع، عشان طبعا يجو هو رئيس وزرا زي رفيقو في العمالة بابكر عوض الله؟

    اما الكيزان، عندك الطفل المعجزة او اب ريالة، بمشو لي اسيادم او يستجدوهم، عشان يجو يحسنو نسلنا قالو، تخيلو!

    بل يستلمو السودان لايقاف الزحف الزنجي زي ما قال الصادق!

    اذن دي الخلفية العريضة الجاي منها، المكشكش بشاشا!

    البحصل في بلدنا حقيقة بخلي الزول يفقد- او يكفر بي حاجة اسمها سودان!

    شئ مقرف!

  4. عابر شلوم،

    البسوي فيهو بشاشا ده، لاجديد فيه!

    من قمنا او جينا، اقسمنا علي تعرية، مواجهة، ودك حصون الوعي الجلابي، باعتبارو المسؤول اولا واخيرا من البحصل في بلدنا، وليس نظام القتلة كما نتوهم!

    البشير ده، او خالو، جو من وين؟

    من عطارد؟

    قطعا لا!

    كقاعدة كل جلابي يفكر تماما كما الطيب مصطفي، وكما محمد ابراهيم نقد، وكيف ما كنتم يولي عليكم!

    اما الانتا بتسميهو مركز دراسات “سودانية” في قاموسنا، هو مركز دراسات “جلابية”!

    نعم “سوداني” في مفردات الوعي الابارثيدي الماثل، تعني “شمالي” تحديدا، لتفرغ المفردة من معناها الحرفي تماما، لتعني “ود عرب” بي معني “حر”، في مقابل “فرخ”، المخصصة لغير الشمالي، اي الاجنبي، الجاي من تشاد، او بالتالي “زرقة” يستحق القتل!

    هذه بعض خصائص ما نطلق عليه “وعي جلابي” اللي امثال حيدر ده، هم شيوخ غفرو!

    لوما كده كان نظامو رخص ليهو يعمل او يلغف اموال دافع الضرائب الامريكي؟

    هسي انا بشاشا ده لو جيت اسس مركز، “دراسات الوعي الذنجي” فكرك، واحد زي الطيب “قوبيني” كان بصدق لي بشاشا بالمركز ده؟

    في شنو البخلي واحدة زي جليلة خميس تكون في السجن، اللي برضو ارحم، بينما واحد زي حيدر حر طليق، كمان ياسس في مراكز دراسات وعي جلابي؟

    هل ده صدفة؟

    اذن طبيعي كمعارضة جلابية يكون ده موقفكم من زي كلامنا ده، عن احد رموز دويلة الابارثيد!

    هذا يؤكد لنا اننا علي الدرب او حاشا ما حدنا!

  5. السنجاوي شلوم،

    مشكور علي الاطراء!

    لما كلامنا ده بي معايير الوعي الجلابي يكون ضلال محض، فهذه شهادة حقيقة، اننا بالحق نمثل النقيض بل المعادل الموضوعي من الجهة الاخري للوعي الجلابي!

  6. يا أخ بشاشا أنا أتابع كتاباتك منذ وقت طويل في الأسافير، لكن كلامك هنا باختصار عشان نتقبله علينا أن نلغي عقولنا، و من ثم نفكر في أدوات أخرى للفهم. يا أخي أنت لم تقدم دليل واحد على كلامك هذا، مسألة أكل أموال دافع الضرائب الأمريكي، هو أهبل؟ يا أخي أنت قد يكون عندك خلاف شخصي مع حيدر إبراهيم لكنك لا تذكر هذا، و الان من خلال هذا المقال وجدت فرصتك، و تريد أن تنفث سمومك كلها على الرجل، مثل شخص طلب له أمرأة و رفضوا له، لكنك لا تستطيع أن تذكر السبب الحقيقي لذلك، إنما تبرطع في أشياء أخرى تحاول بها إيهام القارئ العادي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..