مقالات وآراء

لماذا نهضت إثيوبيا وتخلف السودان؟

إسماعيل عبد الله

نهضت إثيوبيا لأنها تجاوزت مرحلة الدكتاتورية العسكرية القابضة، ثم عبرت مرحلة الحرب الأهلية
القاسية، على الجسر الموصل للفدرالية والديمقراطية والحكم المدني، فالشعوب الدائس على رؤوسها
حذاء العسكر (ونحن منها)، لن تستنشق رحيق الحرية والحكم الرشيد، إلّا بعد التحرر الكامل من
العسكر، لقد عانى الإثيوبيون الأمرين حينما كان السفاح منقستو هايلي ميريام متحكم على الرقاب
والبلاد، بعد أن قتل الإمبراطور هيلا سيلاسي وأحال الإمبراطورية إلى نظام عسكري بوليسي متجبر
شهد أبشع الجرائم، فقد قتل هذا الدكتاتور الماركسي ما يفوق المليون ونصف المليون إثيوبي، حتى
اجتاحته ثورة الشعب الواحد قبل الانفصال – الجبهة الديمقراطية الثورية لشعب اثيوبيا وجبهة تحرير
شعب تيغراي، في سيرورة تاريخية حتمية مرت بها جميع الشعوب الافريقية، والسودان ليس استثناء من
هذا القدر التاريخي، فاليوم تخوض القوى الثورية السودانية معارك طاحنة ضد دكتاتورية الجيش
السوداني المتحوّل، منذ أول انقلاب قاده الفريق إبراهيم عبود، فإثيوبيا التي كانت فقيرة وهجرها سكانها
إلى دول الجوار لأجل لقمة العيش، مثلما هو حالنا نحن السودانيين اليوم، بدأت التعافي مع وصول
طالب الطب ملس زيناوي إلى رئاسة حكومتها، الطالب العبقري الذي ترك مقاعد الدراسة والتحق
بجبهات القتال، من أجل تحرير بلاده من ربقة الطاغية، ومعه رفاقه الذين أدركوا أن بلادهم لا تستحق
أن يقودها قاتل حقود.
إنّ أكثر ما أحزن رئيس حكومة اثيوبيا الحديثة بعد التحرير – ملس زيناوي، هو عدم استفادة
المزارعين من هطول الأمطار الغزيرة على الهضبة الإثيوبية، فقال قولته الشهيرة: (اذهب إلى مدينة
(بحر دار) قف على بحيرة (تانا) ،ثم اشرح لي كيف يمكن لزعيمٍ إثيوبي أن يرى نهراً عظيماً كالنيل
ينزع في كل موسمٍ جزءاً حميماً من روح بلاده ماءً وتراباً وطمياً دون أن تستفيد بقطرة واحدة)، ومن
تلك المقولة الملهمة نبتت أول لبنة من لبنات بناء سد النهضة في العقل قبل أن تنبت من الأرض، على
عكس عسكرنا الذين استجلبوا السلاح فدمروا السدود وسمموا المياه، فمن حباه الله بذرة لب عليه أن يعقد
المقارنة بين البلدين الشقيقين في عنصر واحد ومهم جداً، ألا وهو كارثية منح العسكر شيكات على
بياض، فلعل النهضة الإثيوبية تحرّك في نفوس السودانيين الغيرة الإيجابية لتحسس الحبال والقيود
والأغلال التي تكبلهم من اتخاذ الخطوة الأولى – الانخراط في ثورة تحرر حقيقية لا يؤمن قادتها
بتوطين سلطة العسكر، فالطريق إلى النهوض الاقتصادي وبناء المشاريع العظيمة عظمة سد النهضة،
تبدأ من فك الارتباط بجنرالات العسكر الحاصلين على أكثر من ثمانين بالمائة من موارد الشعب، حسب
آخر إحصائية قبل الحرب، الأمر الذي أدى لتضخم الذات العسكرية، ومن ثم اشعال الحرب من طرف
واحد رفضاً لتيار التغيير الشعبي الذي وكما أسلفنا، هو المحطة القدرية التي لا فكاك منها، ومكتوب
على كل الشعوب المشي في دروبها خطىً كتبت عليهم، ومن كتبت عليه خطىً مشاها.
إنّ أقوى تحدٍ اجتاز امتحانه الإثيوبيون هو إدارة التنوع وقبول الآخر والاعتراف بالاختلاف
دستوراً، لا تنظيراً كما هو حال طبقتنا السياسية المترفة فكرياً، لقد ضمن دستور دولة إثيوبيا الفدرالية
حق الوحدة الطوعية لأقاليمها تحت مظلة اتحادها الفدرالي، ولم ترغم إقليماً على وحدة جبرية مثلما
فعلت الفدرالية الكذوب اللعوب التي خدعنا بها العسكريان البشير والبرهان، وأهم من كل ذلك اعتداد
المواطنة الإثيوبية والمواطن الإثيوبي بالهوية الوطنية، لقد عرفناهم عن قرب ولمسنا تلك الروح الوطنية
التي لا تتيح لكائن من كان أن تؤتى إثيوبيا من خلالها، والملاحظ أن الحرب الأهلية رغم مرارتها لم
تكسر عزيمة هذه الهوية، على العكس من ذلك تماماً حين تلقي بالنظر على المجال السوداني، لقد أسست
فرق الإبهاج والإضحاك لتفتيت هذا العزم، ووجه الإعلام لترسيخ أسس الاختلاف لا الائتلاف،

فانحازت الأغنية الشعبية والرقصة التراثية لجهة وتركت الجهات الأخرى، بينما احتفلت اثيوبيا يوم
أمس في انسجام تام أمام لوحة بنفسج ألوان التيقراي والأورومو والأمهرا والقوراقي والعفر، بينما نحن
نردد مع أبو السيد (ارتدي اللون البنفسج اعتلي شكل الهوية)، وهذا ما حدث فعلاً، لقد اعتلينا ظهر
هويتنا وأوسعناها ضرباً مبرحاً حتى تشظى الوطن، فهل يستفد السودانيون من التجربة الإثيوبية؟، أم
أنهم سيكابرون كما هي العادة: (نحن من بنى الخليج)، طيب!، من دمّر السودان؟.

‫13 تعليقات

  1. السبب الرئيسي هو وجود دارفور ضمن بلاد النيلين أرض الحضارات ،
    بعد الفكاك من دارفور ، sky is the limit لبلاد النيلين.

    1. نفس الكلام قيل على جنوب السودان واليوم يقال على دارفور وغدا سوف يقال عن جبال النوبة وبعد غداً سوف يقال على النيل الازرق !!!!!! لماذا تتكرر السيناريوهات ونفس الترهات والكلام الممجوج يقول الأب ثم يرثه الأب ثم يرثه الحفيد لا واحد منهم فكر الخروج من تلك الحلقة الشريرة نأخذ افكارنا مثل ديننا بالوراثة وهذا بسبب أن المخرج والمتسبب في كل هذه المأسيء واحد وظل منذ الاستقلال يكذب على نفسه والاخرين نعم نحن في الوسط والشمال من قدنا هذه البلاد منذ الاستقلال بالمؤامرات وسيدي المهدي وسيد الميرغني وزجينا الدين في الدولة بعضنا عن وعي ومصلحة وبعضنا دون وعي واشترينا الوهم وإعدنا بيعه للاخرين في كردفان ودارفور باسم الله والرسول ولم يحدث شيء فتجارة الدين لا تزرع ولا تصنع و تعدن عن ذهب لذا ظللنا نأكل ونعيش على ما تركه لنا الانجليز حتى اصبحت كيكة الانجليز أصغر من أن تكفي البلاد والعباد فتقالتنا عليها وايضا استغلينا الدين وجهل اهل دارفور للقتال فيما بينهم وقتالنا قبلهم 2 مليون جنوبي باسم الجهاد وما كان لله ورسوله دخل في الامر انما حب وادمان الثروة والسلطة تم استغلال فيها العنصرية والجهوية والكراهية لتحريك الجهلة مننا ومن اهل دارفور لتنفيذ مأربهم

      1. استاذ عثمان الطيب ،لعلنا نقر بفشلنا عسكر وساسة في ادارة هذا البلد(الحدادي، مدادي) ، ولا حل او أي خيار غير التقسيم .
        ، نعم مرحبا بدول جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وغرب كردفان ،
        .التقسيم سيسهل ادارة هذه الدول كما حدث في يوغسلافيا التي انقسمت الي عدة دول ،اصبحت تنعم بالامن والامان ،بدلا من الاقتتال، حتي تشيكوسلوفاكيا التي ربما تعادل ولاية الجزيرة مساحة ، انقسمت لدولتين.

        ..لا ادري لماذا يصر بعضنا علي بقاء شعوب متناحرة، متنافرة،في دولة واحدة، ؟ حرب طي الخرطوم كانت بمثابة الناقور، الذي افاق به شعبنا من الوهم والغيبوبه ،وكابوس المليون ميل مربع التي ادخلنا فيها العسكر والساسة خاصة الكيزان منهم.

        التقسيم سمح.

        1. بكل بساطة انتم في الشمال الذين تعشقون الانفصال انفصلوا و خلوا الناس تعيش زي الناس

          1. ومن هم الناس الذين سيقبلون بالعيش في بلد واحد مع من سرق ممتلكاتهم، واغتصب حرائرهم وقتلهم؟؟..
            هل تتحدث عن الجزيرة،الخرطوم، النيل الابيض ، سنار، شمال كردفان ، ؟؟، لقد شاهدت انت، كما اهل السودان، الاحتفالات التي عمت تلك الديار بعد هزيمة ودحر الجنجويد.ومازال اهلنا يجترون بحسرة، وغضب ما حاق بهم من مسبغة
            علي يد الجنجويد.

            يا أنا سوداني لا خيار للدارفوريين سوي التوجه غربا، صوب ابناء عمومتهم في غرب إفريقيا ، لان بلاد النيلين قفلت الطريق ولن يفتح مجددا.

            التقسيم سمح..

    2. يا غبي انت تنكر حقائق و هي ان دارفور موجودة منذ قرون في الخارطة السودانية اي منذ عهد السلطنة الزرقاء اها ورينا كريمة و قندتو كانوا وين الزمن داك

      1. لن اكرر الاساءة،..
        نعم دارفور كانت موجودة كدولة مستقله ،لها علمها وعملتها الخاصة بها ,وتمثيل دبلوماسي مع بعض دول العام،
        سنعيد لدارفور سيرتها الاولي بعيدا عن بلاد النيلين ، والجلابه العنصريين، والمركز المهيمن، وستصبح دارفور كالفورنيا إفريقيا ،

        التقسيم سمح…

  2. لأول مره أختلف معك استاذي الفاضل
    فما دمر السودان وجعله في ذيل الامم الا الاسلام السياسي
    فمنذ قيام المشعوذ المحتال محمد احمد المهدي بأكذوبته المقيته
    والتي صدقها غالب اهل السودان من البسطاء من انه المهدي المنتظر
    ونحن في تراجع وعذابات والتاريخ لن يرحم احد .!!!!

    1. عبده افندي الشايقي:
      يازول ما تبقى زول متلقي وتنشحن وترمي فشلك وفشل النخب على اشخاص قاوموا الانجليز وحاربوا حسب مقدراتهم العلمية والصناعية المهدي مات قبل 140 سنة ولمن مات يقال عمره لم يتجاوز الاربعين عام اوربا امركا اسيا كل الدول التي تطورت كانت في حروب وازمات تطورت لانها لم تتباكي على شعارات وهم اذا كان الحلو طلع ورفع بندقية 40 عام او يزيد ضد الوطن والمواطن وليس الانظمة ركز تحت مسمى التهميش وقال عاوز يحرر السودان اول فرصة للتغير لم يحضر ويساعد في التغيير لانه كذاب ويقود مكون هو بالاساس الحلو ليس من النوبة هو مسلاتي من المساليت والجنجويد قتلوا المساليت عبر تصفية ودفن الناس احياء جريمة لم يشهدها التاريخ ولا الامم المتحدة زول يدفن حي يتحالف معهم ويكون نائب لجنجويدي وفي ارض من يقتل ورفع بندقية باسمهم لمن يتم دعوته للتفاوض فصل الدين عن الدولة تقرير المصير النوبة هم ملح السودان هم طعم السودان بدونهم السودان بلا طعم مع احترامي لكل القبائل لكن الحلو هو من ظلم النوبة اكثر من الانظمة ورقة وقلم وتحدي وعشان هو منافق وخائن ربنا فضحه في نهايته هو كتب لنفسه الخلاص ……….. زول ماثل امامك وضربت مثل بالحلو وسمي غيرهم عبدالواحد وعمسيب ورجغه وصندل والطاهر حجر والهادي ادريس هل هؤلاء اسوا منهم في ما علاقة سلوكهم بواقع الناس ديل هم الاسواء وانت وغيرك يجبن لا يتحدث فيهم فقط يتملقون عبر نشر القبلية والعنصرية عبدالواحد بعد حواجب اتبيضت ظهر على حقيقته ولسه في ارزقية وراء كذبه لانهم ارزقية يقتاتون ومثل هذه الشبكات اي واحد عنده ذلة للاخر لازم يواصلوا وهم مكرهين الحلو قتل وصفى خيرة ابناء النوبة واليوم مجوع النوبة هل مشكلة السوداني من الامام محمد احمد المهدي ولا منك انت وامثالك الذين يبررون فشلهم والله الاستاذ قاصدني لمن يرسب يفشل نحن ابناء اليوم شوف مشكلتك واجه مشكلتك بدون تتضارى باعذار اليوم الجنجويد خربوا البلد مع الكيزان اسسوا حكومة فيها ولد الميرغني عاوز تقارن الامام محمد احمد المهدي بالميرغني

      1. لاخير في هذا ولا ذاك جميعهم دارويش متخلفين عقلياً ودينياً واخلاقياً فما كان هم الدنقلاوي غير ذكره والاكل وممارسة الجنس حتى يقال من جمعهم من نساء في داره فاق الخمسين إمراة وكلب الانجليز والمصريين ادعى بانه من آل البيت وحفيد الرسول كذبا وجدهم كان انسان وضيع رخيص يعمل كخادم هؤلاء ارذل القوم وارخصهم سلطهم الانجليز على العباد والبلاد لكي لا تقوم لها قائمة بعد خروجهم

      2. يا عابد لماذا تنافق ؟؟؟
        الحلو مسلاتي و لكنه لا يمثل المساليت منذ عقود و لم يتحدث باسم المساليت .
        ابراهيم جابر من الرزيقات و حميدتي هو السبب في ووصول ابراهيم جابر لرتبته و ابراهيم حابر الان يقاتل مع الجيش ضد حميدتي
        بالمقابل برهان قتل اهل جبريل و مناوي و بقية الزرقة عندما كان قائدا للجيش في دارفور و الان جبريل و مناوي يقاتلون معه و اللجيش قتل خليل ابراهيم غدرا و هو شقيق جبريل الاكبر و السبب الاساس في كون جبريل رئيس الحركة الان

        انت تعرف ان القيادات و النخب السودانية من الشمال الى الغرب الى الجنوب الى الشرق ليس لديها مبدأ غير المصالح التخبوية البحتة و أول هذه النخب في انعدام المباديء هي قادة الجيش و المؤتمر الوطني

  3. لن تتقدم بلاد جل أهلها كيزان يقول لهم دينهم ان وطن المسلم هو دينه و يقول لهم دينهم أطيعوا الله و رسوله و أولو الأمر منكم حتى لو أخذ مالك و ضرب ظهرك

  4. السبب بسيط وسهل يا سمعة ابو لمعة دولة اثيوبيا ليس بها اشباهك واشكالك من العنصريين العاملين فيها عرب وهم افارقة كارهي ذواتهم ورافضين قبول الاخر ويحملوا مثل حقدك ونفسك المليئة بالوسخ والقذارة والنجاسة والعنصرية لازم السودان يتخلف ولا ينهض ليوم الدين طالما انت عايش معنا في نفس الجغرافيا وتحمل معنا الجواز السوداني وتقاسمنا الحياة ننهض نمش وين يا جريقيس آل دقلو !!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..