خطبة الجمعة

الفاتح جبرا
الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السموات والأرض وخلق كل شيء فقدره تقديراً، خلق الإنسان من نطفة أمشاج يَبتليه فجعله سميعاً بصيراً…
ثم هداه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً، فمن شكر كان جزاؤه جنة وحريراً ونعيماً وملكاً كبيراً..
ومَن كفر لم يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا… وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تجعل الظلمة نورًا، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده المرسل مبشِّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا…
عباد الله:
صحَّ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ». (رواه مسلم).
اليوم نقف وقفة يسيرة مع هذا الحديث النبوي الشريف، وما فيه من المعاني والدلالات، لنستحضر ما جاء فيه من التوجيهات والتنبيهات والدروس المُباركات التي نطق بها سيد الخلق صلى الله عليه وسلّم، لتكون لنا معشر المسلمين هدياً ومنهجاً، ودليلاً عملياً، نُطبقه في حياتنا، ونلتزمه في كافة أقوالنا وأعمالنا وتعاملاتنا مع بعضنا البعض.
فأما أول هذه الدلالات فتتمثلُ في أن هذا الحديث يشتمل على دعاءٍ عظيم دعا به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن دعاءه صلى الله عليه وسلم من الأدعية المُستجابة، فمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّة محمدٍ شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَإن الله تعالى سيرفِقُ به، ومَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الأُمَّة شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ؛ فسيشُقُ الله عليه استجابةً لهذه الدعوة النبوية المباركة.
وهذا يعني أن على من تولى شيئاً من أمور المسلمين أن يتقي الله تعالى في شأنهم؛ وأن من كان مسؤولاً عن قضاء مصالحهم وخدمتهم فإنه مسؤولٌ عند الله تعالى عن ذلك الشأن. وأن له جزاءً وفاقاً فمن رفق بالناس رفق الله به، ومن شق عليهم شق الله عليه، والعياذ بالله.
ما أحوج مسؤولي هذا الزمان إلى التمعن في هذا الحديث الشريف هؤلاء المسؤولون الذين يعتقدون أن المناصب التي يتولونها تشريفاً وليست تكليف وأنهم أسياداً للمواطنين لا خداماً لهم فيحتجبون عنهم ويمتنعون عن مقابلتهم وقضاء حوائجهم ويتهربون من سماع مطالبهم وشكاويهم ويجلسون في أبراج عاجية بعيدة الوصول والمنال، ولعل مما يُدعِّم هذا المعنى ما جاء عن أبي مريم الأزدي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه قال لمعاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: “من ولاه اللَّه شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخُلتهم وفقرهم، احتجب اللَّه دون حاجته وخُلته وفقره يوم القيامة”، فجعل معاوية رجلاً على حوائج الناس. (رواه أبو داوود والترمذي).
عباد الله:
ثم دلالة ثانية وهي أن هذا الحديث يبين لنا أن ما من مسؤول وقف دون تلبية مطالب الناس المشروعة والمُستحقة بدون وجه حقٍ أو عطلها أو أخرّها أو تسبب في عدم قضائها؛ فإنه يُعرضُ نفسه لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يشُق الله تعالى عليه في دينه أو دنياه والعياذ بالله من ذلك، وهو ما يُؤكده الحديث الذي صحَّ عن أبي يعلى معقل بن يسار رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه قال: سـمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من عبدٍ يسترعيه اللَّه رعيةً يموت يوم يموتُ وهو غاشٌ لرعيته، إلاَّ حرَّم اللَّه عليه الجنة” (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
وقد يظن بعض الناس أن معنى الرفق الذي ورد في الحديث الشريف أن يُلبي المسؤول أو الموظف للناس مطالبهم على ما يشتهون وكما يريدون، لكن الأمر ليس كذلك فالرفق هنا يعني أن يتعامل المسؤول مع أصحاب الحاجات وفق ما أمر الله تعالى به من العدل والإنصاف والإحسان مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90] وكذلك امتثالاً لما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم من التيسير على عباد الله تعالى، وعدم التعسير عليهم دونما تأخيرٍ، أو طول انتظارٍ ومشقة وعنت ، وليحذر كل من ولاّه الله ولايةً، أو حملّه مسؤوليةً من الوقوف في طريق قضاء الحوائج، وتعطيل سير المعاملات، والتحكُّم في إنجاز المطالب المُستحقة، وأن يحرص على عدم التعرُض لدعوات المسلمين ولاسيما الضُعفاء والمساكين والمحتاجين فإن دعوات المظلومين مستجابة وليس بينها وبين الله حجاب.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وبارك اللهم لنا في دنيانا التي فيها معاشنا، اللهم اجعلنا من عبادك الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، ونعوذ بك اللهم أن نكون من الخاسرين.
اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِنا شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْنا فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وانتَقِم لنا مِنْه، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِنا شَيْئًا فَرَفَقَ بِنا فَارْفُقْ بِهِ واجزه عنّا خير الجزاء.
اللهم ارحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأغفر اللهم لنا ولهم ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وأجمعنا في مُستقر رحمتك غير خزايا ولا مفتونين، واجعل اللهم لنا ولهم من رحمتك ورضوانك أوفر الحظ والنصيب.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أنزل علينا من بركات السماء، اللهم اسقنا ولا تحرمنا ولا تجعلنا من القانطين. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا اللهم بفضلك عمن سواك يا رب العالمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار، يا عزيز يا غفّار. ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].
عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].
وَأَقِمِ الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
الجريدة
اسمعت لو ناديت مؤمنا بهذا الحديث.
ضعف الإيمان هو السبب في تطفيف وقع الحديث في قلوب الظالمين.اتري لو كانوا من المصدقين افعلوا ما فعلوا.
لفروا فرار الجبان من ظلم العباد؛ أمة محمد، فما بالك لو كانت هذه الأمة أمة تحب وتبالغ في محبة النبي صلوات الله عليه وسلم .
.
وين الكسرة الثابتة
خطبة في مكانها
اسمعت لو ناديت مؤمنا بهذا الحديث.
ضعف الإيمان هو السبب في تطفيف وقع الحديث في قلوب الظالمين.اتري لو كانوا من المصدقين افعلوا ما فعلوا.
لفروا فرار الجبان من ظلم العباد؛ أمة محمد، فما بالك لو كانت هذه الأمة أمة تحب وتبالغ في محبة النبي صلوات الله عليه وسلم .
.
وين الكسرة الثابتة
خطبة في مكانها