“صراع البرهان – حميتي والثورة السودانية”

م/ التجاني محمد صالح
في ظل التصريحات التي تبدو متضاربة من قبل قادة إنقلاب 25 أكتوبر 2021م بخصوص تبعية مليشيا الجنجويد
ودمجها في الجيش لتكوين جيش موحد ، يبدو منذ الوهلة الأولى وبقراءة متعجلة أن هناك معركة مفتعلة في غير معترك. ذلك أن كلا الجانبين يقر بمبدأ دمج مليشيا الجنجويد في الجيش وفقا لما جاء في بنود الإتفاق الإطاري. وأيضا من دون الدخول في مناقشة محتوى الإتفاق الإطاري ومشروعيته من عدمها إلا أن هناك إختلافا جوهريا في تفسير البند الخاص بدمج قوات تلك المليشيات وهو ما بات واضحا من التصريحات التي صدرت عن قادة الجيش وفي مقدمتهم البرهان والكباشي وتلاهم قائد هيئة الأركان من جانب ومن الجانب الآخر تصريحات قادة مليشيا الجنجويد وعلى رأسهم حميتي . وكما ذكرنا فإن كلا الجانبين يؤكد على قبوله وإلتزامه ومباركته للإتفاق على دمج تلك القوات. والسؤال الذي يطرح نفسه هو أين المشكلة طالما أن الفريقين متفقان على المبدأ نفسه؟ والجواب على ذلك في ظني يبدأ بالمقولة الرائجة في السياسة السودانية التي تقول: الشيطان يكمن في التفاصيل. فما هي تلك التفاصيل؟
هذه المشاركة محاولة لقراءة ما بين السطور وربما لما لم يكتب بين السطور أيضا.
الإتفاق الإطاري “المعلن” ينص على دمج قوات الجنجويد في الجيش وفق “الجداول الزمنية المتفق عليها” مع أيلولة القيادة لمجلس السيادة الذي هو محدود الصلاحيات. والجداول الزمنية المتفق عليها تأتي كما يفهم من ضمن خطة للحكومة الإنتقالية القادمة.
ومن جانب آخر نجد أن البرهان بصفته القائد العام للجيش يصدر مرسوما بتعيين قائد مليشيا الجنجويد كأحد مساعدي القائد العام مع إلغاء وظيفة قائد هيئة الأركان المشتركة والعودة لنظام القائد العام . وبهذا الترتيب تصبح قيادة قوات الجنجويد تحت إمرة القائد العام الذي هو صوريا يقع تحت إمرة مجلس السيادة المرتقب. قرار القائد العام أصبح نافذا من تاريخ صدوره وهذا ما قد يفسر جزء من مكامن شيطان التفاصيل التي استعجلها البرهان لشيئ في نفسه. وفي ذات السياق أكد زعيم الجنجويد إلتزامه بالإتفاق الإطاري “غير المعلن” الموجود داخل الأدراج. ومما يفهم أيضا أن جميع ترتيبات الدمج ستتم ضمن برنامج متفق عليه مع الحكومة الإنتقالية القادمة وليس بترتيبات بدأت مسبقا بقرارات من القائد العام.
ومن الجدير بالذكر أيضا أن قيادة الجنجويد ظلت تردد باستمرار أن دمج مليشياتها لن يتم إلا من خلال حكومة ومجلس تشريعي منتخب أي أن الدمج لن يكون خلال الفترة الإنتقالية للحكومة القادمة (وفقا لجداول زمنية متفق عليها). و هذا الأمر تحديدا هو ما قد يؤشر لما أكده زعيم الجنجويد من وجود وثيقة موقعة “غير معلنة” محفوظة في الأدراج. فهل يا ترى تتضمن تلك الوثيقة “غير المعلنة” إلتزاما محددا من قبل الحرية والتغيير لزعيم الجنجويد بعدم دمج قواته خلال الفترة الإنتقالية القادمة على أن يتم ذلك بعد تكوين حكومة ومجلس تشريعي منتخبين وتبعية قيادتها مباشرة لمجلس السيادة وليس للقائد العام؟ ما يؤكد هذه الفرضية التناغم الكبير الذي نراه الآن بين زعيم الجنجويد والحرية والتغيير.
ومع كل هذه الزعزعة ستظل الثورة السودانية غير معنية إلا بأمر واحد وهو العسكر للثكنات والجنجويد ينحل.
6 أبريل يحبنا و نحبه.
هل معقول يصبح الجنجويدى تحت امر القائد العام بكل قوتة الاقتصادية والعسكرية.
لن يحدث ذلك وانما هى تخدير للقادم الاسوأ وهى المواجة المحتملة بين مليشيا الكيزان(الجيش) ومليشيا الجنجويد .