مقالات وآراء

أستراحة الجمعة

صباحكم خير – د ناهد قرناص
شالوا الكلام
ناس قراب منك
عرفوا سر حزني
أسالهم عنك
قالوا ما سمعوك ..تسألهم عني
أغنية ثنائي العاصمة الشهيرة..
مش غريبة شوية ؟ ان السؤال كان عن أحوال أحدهم .. فيتطوع آخر ليس بالإجابة ولكن (انت بتسأل ليه ؟ هو ذاتو ما قاعد يسأل منك) ..دائماً هناك من يكره لك ان تعيش في سلام ..فيقرر من نفسه ..ان يكشف لك أشياء غيبها الله عن قصد.. يكشفونها بدعوى معرفة الحقيقة وهم يظنون انهم يحسنون صنعا.
كانت تعيش في سعادة وترفل في نعيم.. همها الأول والأخير بيتها وزوجها وأولادها ..لا تخرج كثيراً وليس لها صداقات عديدة ..هدوء وراحة بال لا يملكها الكثيرون ..ولأن دوام الحال من المحال ..أتاها ذات يوم اتصال من رقم غريب ..قالت لها صاحبة الاتصال ..انها فاعلة خير لا تحب الظلم ..وانها في الواتساب سترسل لها رسائل متبادلة بين زوجها وزميلة له في العمل ..وبس عينك ما تشوف الا النور.. بعدها صديقتنا لم تذق طعماً للراحة ..ولا زوجها أيضاً ..الذي أقسم أن هذا الامر كان لفترة قصيرة وانه كان في نيته الزواج من هذه الزميلة ..لكنه تراجع عن الفكرة تماماً وانتهى الأمر بينهما ..وإن هذه الزميلة تم نقلها الى مكان آخر ..وان فاعلة الخير هذه ..لم تكن تقصد خيراً ..انما أرادت شراً مستطيرا…
أصدقاء عمر ..بينهما الذكريات ..والعيش والملح ..قصص وحكاوى ..إنتهت صداقتهما فجأة …لأن أحدهما اكتشف أن صديقه كان في يوم ما يريد الزواج من المرأة التي صارت حرمه المصون ..وانها كانت قد رفضت في صمت ولم تخبره حتى لا تؤثر على صداقتهما ..وان هذا الصديق ظل محافظاً على الاحترام والتقدير ولم يحدث طيلة هذه الأعوام ان فتح سيرة الموضوع من قريب او بعيد ..الزوج عرف بالصدفة عندما مازحه زميل لهما من أيام الجامعة.. فانتهت صداقة العمر.. ذلك ان الزوج لم يستطع ان يغفر للصديق اخفاء معلومة مضى عليها أعوام ودهور ..
كم علاقات انسانية هدمتها المعرفة وكشف المستور ؟ كم تمنينا كثيراً لو تركونا على (عمانا) ..وجهلنا ..وأنا في (شقاي سعيد).
في أحد الأفلام الصينية كانت البطلة عمياء منذ ولادتها ..لم تر شيئاً في الدنيا ..واستطاعت ان تعيش حياتها وتتأقلم معها وتدرس الجامعة وصارت مرشدة للعميان الذين يصابون بفقدان البصر اثر حوادث او أمراض ..جمعها عملها هذا بشاب فقد بصره على اثر حادث حركة ..كان متذمراً من حياة الظلام ..استطاعت ان تدربه على الحياة وتمتص غضبه ..لكنه في المقابل أثار فضولها لأشياء كثيرة ..عندما حكى لها عن الألوان ..عن زرقة السماء وخضرة الأشجار ..عن قوس قزح ..عن جمال التقاطيع وحلاوة الملامح ..حينها بكت ..عرفت ان هناك عالم لا تعلم عنه شيئاً.. وليست لديها فرصة لمعرفته ..عاد الى الشاب بصره .. وتركها وقد هد كل عالمها الجميل الذي كانت تعيش فيه…
قالها (انتوني هوبكينز) نجم السينما الامريكية في أحد الأفلام (المعرفة … مؤلمة) ..كم ستر الله أشياء وأشياء لعلمه اننا سنشقى بمعرفتها ..لكن الانسان بطبعه (ظلوماً جهولا) ..يهوى كشف الأغطية بدعوى معرفة الحقيقة ..ولا يدري ان لكل شئ أوان ..وان موعد كشفها لم يحن بعد ..أو ان الله لا يريد أن تكشف أبدا ..
لذلك نصيحة ..لا تبحثوا كثيراً خلف الاشياء …لاتسألوا أكثر مما يجب ..لا تصغوا لكل من يأتي لكم بأخبار الأحبة البعيدين.. فالحقيقة ليست دائماً شافية والمعرفة ليست دائماً منجية ..و.الجهل في كثير من الأحيان نعمة ..
الجريدة
——————
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..