عندما يصبح بشّار هو البشير

بشفافية

عندما يصبح بشّار هو البشير

حيدر المكاشفي

رئيس دولة مستضيفة لحدث رئاسي كبير، يتقدم هذا الرئيس واثق الخطوة يمشي ملكاً نحو المنصة الرئيسية ليلقي كلمة افتتاحية أمام حشد ملوكي ورئاسي واميري يختمها بتوجيه تحية وشكر للحضور الكريم بالاسم والصفة فيحيى ويشكر من بين من حيّا وشكر «الرئيس بشار الأسد رئيس السودان»، فماذا يمكن ان نسمى هذا، هل هو زلة لسان وكلمة خرجت عفو الخاطر، ام أنها محاولة إذلال متعمدة خاصة وان الخطأ الذي نصّب بشار في محل البشير قد جاء بعد مرور اقل من خمس سنوات على محاولة اغتيال الرئيس المتحدث بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا والتي اُتهم بتدبيرها السودان، وما يزال ما في القلب في القلب، فمن أخطأ أو تعمد الخطأ- الله أعلم- في ذكر الاسم الصحيح لرئيس السودان، كان هو الرئيس «المتنحي» حسني مبارك وكان ذلك إبان انعقاد «غُمة» من الغمم العربية بالعاصمة المصرية القاهرة في اخريات عام ألفين، وقياساً على هذا المثال يمكن ان نقول ان اي زلة فيها قولان، فقد تكون سطحية وعفوية انزلقت من طرف اللسان، وقد تكون «غويطة» ومستوطنة داخل العقل الباطن اندفعت من الداخل بقوة وجرت على اللسان بسرعة رغم انف قائلها، وما دمنا في حضرة المحروسة مصر فلن نغادرها من دون ان نشير إلى زلة مماثلة للمرشد العام لجماعة الاخوان المصرية السابق مهدي عاكف حين قال في تصريح شهير «طز في مصر.. وابو مصر… واللي بمصر»، وبعد ان اشبع مصر «طزطزة» تمنى لو ان حكمت مصر الجماعة الاسلامية في ماليزيا، وكي نكون منصفين لابد ان نعترف بزلات الاقلام التي يقع فيها احيانا اهل الاعلام حين ينزعون بعض الكلام بصورة خاطئة من سياقه العام، وهذه أيضا فيها قولان، فقد يكون الزلل بسبب سوء في الرصد أو الصياغة والتحرير، وقد يكون بسبب سوء نية مع السبق والاصرار والترصد، فمن هو يا ترى الذي زلّ، لسانا سوار ومندور، أم أقلام الصحافيين التي نقلت عنهما قولا ثقيلا انكرا انهما قالاه بالصيغة التي ورد بها في الصحف.
الواقع ان الاقوال التي توجب اخذ اقوال ناطقها في مخافر الشرطة كثيرة ليس أخفها ما قاله الدكتور عوض الجاز حين كان وزيراً للطاقة امام حشد جماهيري بمدينة الفاشر وكان من بين حضوره عدد لافت من النساء حين قال ما معناه «بكرة يجوكم اولاد الحرام يقولوا ليكم الاتفاق ناقص- ويعني اتفاقية ابوجا»، فهناك آخرون اقذع وافظع في الشتم والكلام الفالت من الجاز منهم «فلان داك» تعرفونه بلحن القول فهو من شدة اعتداده بكلامه اللاذع وسبابه المقذع لم يحدث ان تراجع عن كلمة او علّقها على شماعة النقل غير الامين او الصياغة الملتبسة كما فعل أخيرا كل من مندور المهدي وحاج ماجد سوار القياديين بحزب المؤتمر الوطني، بإصدار الأول بيان ينفي فيه انه توعد المعارضة بالسحق ولقائها بصدور خارجة عن ملابسهم «يقصد صدور عارية» كما جاء بالبنط العريض في عدد من الصحف، والثاني باتصال هاتفي نفى لي فيه شخصياً انه قال ما يفيد بان مجموعات اقتصادية جديدة مثل مجموعة النفيدي واسامة داؤود وابراهيم مالك، هي من استفاد من الانقاذ بينما تضرر منها رجال المال والاعمال الاسلاميين، وتحدث كثيرا عن اعترافه بفضل هذه العائلات على اقتصاد البلاد وعراقتهم في هذا المجال، والاثنان اتفقا على ان ما نُسب إليهما لم يكن صحيحاً بالمعنى الذي ورد به وانما اُنتزع من سياقه، وبعد هذا النفي والتصحيح الذي يحمد لهما لم يبق لنا سوى توجيه كلمة عامة تضع اي قائل أمام مسؤولية ما يقول وحتى لا يتعلل اي متفلت بأن كلامه انتزع عن سياقه العام، وكلمتنا هي ما قيل ان سيدنا ابو بكر رضي الله عنه كان كثيراً ما يتمثل بها وهي «البلاء موكل بالمنطق»، والحيطة في اللفظة واجبة وجوب الحذر في الفعل..

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..