
في المقال السابق تحدثت عن الشق الأول من عملية تفكيك التمكين و هو المتعلق بجبر ضرر المتضررين من سياسة التمكين ، و في هذا المقال سوف أدلف إلى الشق الثاني و الأخير من عملية تفكيك التمكين و هو الذي يتعلق بمحاسبة مرتكبي جريمة التمكين .
عملية العقاب الا تحدث الا بعد تحديد شيئين :
نوع الجريمة ، و المتهمين
الجريمة معروفة و هي إساءة استخدام السلطة و إهدار الحقوق المدنية ( التمكين ) ،و لكن كيف نحدد المتهمين ؟
للاجابة على هذا السؤال ، يمكننا توصيف الفئات او الاشخاص المتهمين بهذه الجريمة بأنهم هم :
– السياسيون الذين أصدروا و نفذوا سياسة التمكين و تبنوها ( و هذا التعريف بلا شك يضم كل قيادات الحركة الإسلامية و قيادات حزب المؤتمر الوطني ).
– الموظفين الذين تم توظيفهم بناءا على سياسة التمكين اعتمادا على ولاءهم السياسي للحركة الإسلامية و المؤتمر الوطني .
عملية رصد و تسجيل قائمة بأسماء كل الشخصيات التي تدخل ضمن طائلة المتهمين بالاشتراك في عملية التمكين هو من الأدوار التي تقوم بها مفوضية إزالة آثار التمكين ( اقترحناها في المقال السابق ) ، و بالتأكيد سيشمل ذلك كل قيادات الصف الأول من الكيزان بالإضافة إلى عدد غير معروف حتى الآن من الكيزان الذين تم توظيفهم بناءا على الولاء السياسي .
في سعيها للرصد و التسجيل يجب أن تتمتع المفوضية بصلاحيات المراجعة للسجلات في كل مرافق الدولة ، و ان تتمتع بصلاحيات الاستدعاء و التحقيق مع كل الأشخاص الذين يمكنهم الإدلاء بمعلومات مفيدة في هذا الخصوص ، هذا غير تمتعها بالإعلان للجماهير عن حاجتها للمعلومات بخصوص بعض القضايا و استماعها لكل الشهود الذين يتقدمون للادلاء بشهاداتهم .
بعد الرصد و التسجيل للاسماء و الحالات ، تعكف المفوضية على دراسة كل الحالات التي تمت فيها عمليات تمكين ، و تدرس أبعاد التمكين و عمقه و آثاره المباشرة على المتضررين و غير المباشرة على الوطن عامة ، و تكون رؤية قانونية بنهاية القضية حول الجرم و فداحته و العقاب الذي يستحقه ، و تقدم بذلك توصيات ذات نوعين : توصيات عامة بخصوص الجرم العام الذي يقع على التنظيم السياسي الذي كان يحكم ( الحركة الإسلامية، المؤتمر الوطني ) ، و توصيات خاصة بخصوص القضايا التي تتعلق بالأشخاص.
ترفع المفوضية توصياتها الى الجهات القانونية حول العقاب المطلوب ، و قد توصي في الجرم العام مثلا بحل الحركة الاسلامية او حزب المؤتمر الوطني نهائيا او تجميد نشاطهما رسميا لعدد من السنوات او غير ذلك من العقوبات ، بينما في القضايا التي تتعلق بالأفراد فيجب على المفوضية ان تقدم توصيات منفردة تجاه الدور الذي لعبه كل شخص منفردا في عملية التمكين بناءا على الأذى الذي أحدثه هذا الفعل مع اقتراح العقوبة .
اشير هنا الى ان من بين الطرق الفعالة لتفكيك التمكين التي ادعو مفوضية العدالة و الإنصاف لاستخدامها هي طريقة المواجهة بين المفصولين و من فصلهم ، و بين أصحاب الممتلكات و من صادرها و بين المستعدين للادلاء بالشهادة حول عمليات تمكين تمت في مؤسساتهم ( و لم تطالهم ) و بين المتسببين في هذا الفعل ، هذه العملية تشبه إلى حد ما عمل لجان الحقيقة و المصالحة في جنوب أفريقيا، و توفر رد اعتبار للضحايا المتضررين في مواجهة الجناة ، كما توفر في نفس الوقت فرصة لتأهيل الجناة من خلال اعترافهم بكل العمليات التي تمت عبرهم و بسوء التمكين و آثاره و طلب العفو و السماح .
هذا الدور للمفوضية ستقوم به ايضا مفوضية الحقيقة و المصالحة التي سنقترحها في مقالاتنا القادمة حول انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في عهد الانقاذ في المعتقلات و الحروب .
يوسف السندي
افكارك اكثر من رائعة يا دكتور اقترح عليك لو وضعت الفكرة كاملة من التفكيك الي المحاكمة في برنامج مكتوب كنواة
لهذا المشروع الكبير لا يمكن صلاح الدولة السودانية الا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب
ملحوظة :الوظيفة شهادات والحكومة انتخابات لا تاتشرات