أخبار السودان

علامات نهاية السودان

منعم سليمان

الكراهية هي أكثر المشاعر التي تجعل الإنسان ينزع إلى الوحدة ، حيث تأخذ الشخص إلى نفسه فقط فتُلهيه بها ، وتنسيه كل ما / ومن حوله ، وتقتل في دواخله المشاعر والاحاسيس ، فيصبح الشخص الذي تحركه الكراهية دون المبادئ ، جزءً لا هوية له ، يتحرق رغبةً في الالتحام بالأجزاء التي تشبهه ، فينتهي به الأمر إلى البحث عن كارهين و(كريهين) آخرين ليتحالف معهم.

وفي النهاية لن تكون محصلة هذه الكراهية الخطيرة سوى أنها تجعل ذلك الشخص يتخلى عن كل القيم النبيلة التي ظل يدافع عنها وينافح من أجلها ، فُيعيد دون أن يدري صياغة نفسه على غرار ظالميه.

أتمنى لو كنت أنا قائل هذه الموعظة الأخلاقية العظيمة ، ولكنني أنقلها من نسخة رديئة مهترئة لكتاب لاحقني به بائع كتب جائل وألح علىّ دون سائر خلق الله من السابلة بشارع طلعت حرب في القاهرة أن اشتريه منه ، اسمه : (المؤمن الصادق : أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية) من تأليف (إيريك هوفر) وترجمة (غازي القصيبي) ، فإشتريت الكتاب إكراماً لإسم المترجم ، وهو شاعر ومثقف ودبلوماسي سعودي بارز وقعت تحت تأثير كلمته منذ أول قصيدة قرأتها له عن غزو (العلوج) للكويت . والحق يُقال انني بعد ان أكملت قراءة الكتاب ، دعوت للراحل القصيبي بان تضاف ترجمته النيّرة هذه لميزان حسناته الكثيرة ، وأن تعم شآبيب الرحمة المفكر الأمريكي “إيريك هوفر” حياً كان أم متوفي.

كل هذا الإستطراد سببه كتابات البعض على حوائط الـ (فيس بوك) ، وتعليقات بعض القراء حول أحداث الخرطوم الأخيرة ، فحادثة الإعتداء التي تعرض لها الأستاذ “عثمان ميرغني” رئيس تحرير صحيفة (التيار) من عناصر تابعة لجهاز الأمن ، كشفت عن مقدار الكراهية التي عشعشت في قلوب بعض من يدعون معارضة النظام القمعي في الخرطوم ، ولكنهم ودون وعي منهم يرجمون بحجارة من سجيل كيبورداتهم الضحيِّة دونما توجيه أية إدانة للمُعتدي ، كما عبر عن ذلك أحد (النشطاء) على حائطه الفيسبوكي ، وهو يضع صورة عثمان والدماء تغطي وجهه ، كاتباً دون أن يرتعش كيبورده : (كيدهم في نحرهم) ! وكالعادة لم يترك (ناشط) آخر حفلة الشواء المجانية هذه تفوته دون أن يتدخل فكتب وهو يضع صورة أكثر دموية : (يارب بهم وبأهلهم عجل بالنصر والفرج) . يا للهول ويا للمأساة ، لماذا يُحاسب الضحايا بماضي أفكارهم ؟ وكيف يتنازل ناشط عن إنسانيته بهذه السهولة المٌخيفة؟!

والطامة الكبرى ما كشفه العدوان الإسرائيلي المجنون على (غزة) وما خلفه من مأساة إنسانية حقيقية وسط الأطفال والنساء والمدنيين هناك ، حيث كشف عن جهل وزيف بعض الديمقراطيين السودانيين ، فليست الكتابات المُرتجفة والمُرجفة وحدها التي استثارتني ، بل أن صديقاً كنت أدخره ليومٍ عبوساً قمطريرا أدخل البؤس والعبوس في نفسيّ عندما قابلته هذا العيد ، حيث حكى لي بإنتشاء وفرح عارمين وكأنه قادم للتو من جلسة إستماع لسيمفونية بتهوفن التاسعة ، وليس من مشاهدة نشرة الأخبار بقناة العربية ، قال مزهواً : إن الصواريخ الإسرائيلية على غزة ستُدمر (حماس) وتركيا وقطر ! هنيئاً لمعارضتنا به وتعساً لصداقتي معه .

لم ير هذا الصديق في كل هذه الصواريخ التي تفتك بأجساد الأطفال وتحرق أكباد النساء وتُشرد المدنيين الآمنين في غزّة سوى أنها أداة لتدمير الأخوان المسلمين ، فتنازل بفعل الكراهية التي أكلت قلبه وعقله طوعاً عن إنسانيته وعن كل القيم التي ظل يدافع عنها فالتقى دون أن يدري مع ظالميه من الإخوان المسلمين ، فالبغل القطري المتخلف والآغا التركي الطامع يقفان نفس الموقف معه ، إذ لم يُدينا حتى الآن القصف الاسرائيلي على أطفال غزة ، لأن الكراهية التي تملأ قلوبهم تجاه كل ما هو مصري أعمتهم عن رؤية حقيقة وكنه الأزمة ، فلم يروا ثمة ما يستحق الإدانة عدا المبادرة المصرية لحل الأزمة ، فتفرغوا للنيل من مصر ورئيسها ، وكأن “السيسي” هو الذي يقتل أطفال غزة وليس “نتنياهو” ؟!
هكذا إستطاعت الكراهية توحيد العناصر المتنافرة فأصبح صديقي مع (قطر وتركيا) دون أن يدري ، وهذا ما حذرنا منه كتاب (المؤمن الصادق) .
ليست هذه كل المأساة كما يحدثنا كتاب “إيريك هوفر” ، بل تتجلى في أحقر صورها عندما يرى المجرم في جرائم أخرى إرتكبها غيره فرصة لتطهير النفس دون ان يتخلى عن رغبته في ارتكاب جرائم مثلها أو تفوقها فظاعة ، وهذا ما رأيته عياناً بياناً ثالث أيام العيد عندما أطل “عمر البشير” على قناة (الجزيرة) وهو يردد : أين مجلس الأمن الدولي الذي يتحدث عن حفظ السلم والأمن الدوليين ؟ أين مجلس حقوق الإنسان عن ما يحدث في غزة؟!
حكاية مُعبرة حكاها الكاتب اللبناني البارز “سمير عطا الله” مُلخصها (أن “فيليب تقلا” وزير خارجية لبنان في عام 1975 كان خارجاً في الصباح من منزله متوجهاً لحضور جلسة مجلس الوزراء ، وفي الطريق رأى قتلة يسحلون ضحيّة ، فطلب من السائق التوجه للمطار مباشرة ، ولم يعد بعدها إلى بلاده ، قال “عطا الله” أنه عندما قابله بعد سنوات وسأله عن سبب مغادرته ، رد وزير الخارجية قائلاً : إن القتل علامة البدايات ، أما السحل فعلامة النهايات).
وتأسياً بمقولة ذلك الوزير العاقل ، أقول : إن القتل بدارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق كان علامة للبدايات ، أما الكراهية التي أدخلتها السلطة الحاكمة في أنفسنا فهي علامة النهايات.
[email protected]

تعليق واحد

  1. هذا الظلم وهذا العذاب من قبل الحكومة تجعل الكثيرين من ابناء الهامش والمتعاطفين معهم يفضلون ليس الانفصال وفقط
    بل زعزع ايمانهم في العقيدة الاسلامية نفسها
    وكثير من اللذين جلست معهم يتمنون لو حكمت اسرائيل السودان حتي فضل بعضهم تحمل مخاطر السفر الي اسرائيل ليعيش لاجئىء هناك
    كيف يرتبط الانسان بوطن لا يجني منة غير الذل والعذاب والموت
    وارتداد مريم وانفصال الجنوب ماهي الا ظواهر… الحكومة هي التي تدفع الناس اليها
    عموما نسال الله تعجيل نهاية هؤلائى الذين يتاجرون بالاسلام ولتكون نهايات هم وليس السودان
    ……. مطابع شركة الركوبة الاعلامية العملاقة تلفزيون راديو جرايد عربي انجليزي كتب هي الشرارة الاولي للانطلاق الثورة الشاملة لكنس حكومة الفساد والتلاعب بالمشاعر والعاطفة الدينية اطرحوا الاسهم للاكتتاب

  2. سلمت يداك وزادك الله نوراً ودخره الله لك

    هكذا يكون الكاتب حين يكتب ينضح ثقافةً وملئ بالافكار تستمتع وتستنير ثم تنهل وفبل كل هذا يقنعك هدف المقال كفيت ووفيت ايها العملاق

  3. قطر وتركيا افضل من كل الروءساء العرب وموقفهم ان كان سلباً او ايجاباً في نظر الكثير
    فخراً لهم اخذو موقفهم ولكن هيهات الي الجبناء والرعناء

  4. ماشاءالله عليك وعلي أسلوبك الراقي في الكتابة وفهمك العميق لمشكل السودان انتهى والعصبية والقبلية به تعمقت وتجزرت وكراهية البعض لكل مأهو عربي رقم زعمهم بأننا ليس بعرب او حتي من العرب المستعربة أطفال غزة ومنظر قتلهم وأشلاءهم تبكي من كان قلبه حجر هؤلاء بهم مرض نفسي وعلاجهم صعب والمفروض ان يتصالحون مع أنفسهم ويحبونها ويتقبلوا سحنتهم التي خلقهم الله بها حتى لو ذهبت الإنقاذ وصار الامر بيدهم هم سيظلون في نفس هذا الموقف فالموقف ليس بسبب حكم حماس او حكومة الإنقاذ هؤلاء قوم لديهم عقدة ومشكلة في خلقت هم وشكلهم الذي خلقهم الله به وما ذنبنا حماس او الإنقاذ في ذلك الله يستر علينا وذي مابيقولوا الغريق قدام وقتال التعايشي وحربه ضد اولاد البحر ما بعيد

  5. الأخ الكريم عبد المنعم سليمان رائع كعادتك دائما ونشكرك على العيدية التي اتحفتنا بها، اظن والله أعلم الانطباع الذي تركه الأخوان المسلمون أو أخوان الشياطين (عمر البشير والترابي وعلي عثمان ونافع ومن لف لفهم) أظن أنه أوجد حالة خاصة من الكراهية وسوء الظن لكل من يكون من هذه الفئة أو من شايعها وما أظن الأمر مربوط بالفرح أو التأسي على منظر الأطفال فمصيبتنا أكبر من ذلك، فالبشير كل يوم يرقص ويبتسم ساخرا على أشلاء أطفالنا ونسائنا المغتصبات بأمر السلطة. فلذلك أخي منعم هناك حالة خاصة نمر بها كلنا ولا ندري متى سيتم الانفجار الكبير ولكنه لا محالة آت ويمكن قياس الأمر بهذه الزواية. أما بالنسبة لما حصل للجسور عثمان ميرغني فتأكد إن كل سوداني يضمر في نفسه لحظة الانتقام له ولشرفه وأظن أن من يكتبون هذه الترهات هم من جهاز الأمن الحاقد على الشعب السوداني.

  6. هذا الظلم وهذا العذاب من قبل الحكومة تجعل الكثيرين من ابناء الهامش والمتعاطفين معهم يفضلون ليس الانفصال وفقط
    بل زعزع ايمانهم في العقيدة الاسلامية نفسها
    وكثير من اللذين جلست معهم يتمنون لو حكمت اسرائيل السودان حتي فضل بعضهم تحمل مخاطر السفر الي اسرائيل ليعيش لاجئىء هناك
    كيف يرتبط الانسان بوطن لا يجني منة غير الذل والعذاب والموت
    وارتداد مريم وانفصال الجنوب ماهي الا ظواهر… الحكومة هي التي تدفع الناس اليها
    عموما نسال الله تعجيل نهاية هؤلائى الذين يتاجرون بالاسلام ولتكون نهايات هم وليس السودان
    ……. مطابع شركة الركوبة الاعلامية العملاقة تلفزيون راديو جرايد عربي انجليزي كتب هي الشرارة الاولي للانطلاق الثورة الشاملة لكنس حكومة الفساد والتلاعب بالمشاعر والعاطفة الدينية اطرحوا الاسهم للاكتتاب

  7. سلمت يداك وزادك الله نوراً ودخره الله لك

    هكذا يكون الكاتب حين يكتب ينضح ثقافةً وملئ بالافكار تستمتع وتستنير ثم تنهل وفبل كل هذا يقنعك هدف المقال كفيت ووفيت ايها العملاق

  8. قطر وتركيا افضل من كل الروءساء العرب وموقفهم ان كان سلباً او ايجاباً في نظر الكثير
    فخراً لهم اخذو موقفهم ولكن هيهات الي الجبناء والرعناء

  9. ماشاءالله عليك وعلي أسلوبك الراقي في الكتابة وفهمك العميق لمشكل السودان انتهى والعصبية والقبلية به تعمقت وتجزرت وكراهية البعض لكل مأهو عربي رقم زعمهم بأننا ليس بعرب او حتي من العرب المستعربة أطفال غزة ومنظر قتلهم وأشلاءهم تبكي من كان قلبه حجر هؤلاء بهم مرض نفسي وعلاجهم صعب والمفروض ان يتصالحون مع أنفسهم ويحبونها ويتقبلوا سحنتهم التي خلقهم الله بها حتى لو ذهبت الإنقاذ وصار الامر بيدهم هم سيظلون في نفس هذا الموقف فالموقف ليس بسبب حكم حماس او حكومة الإنقاذ هؤلاء قوم لديهم عقدة ومشكلة في خلقت هم وشكلهم الذي خلقهم الله به وما ذنبنا حماس او الإنقاذ في ذلك الله يستر علينا وذي مابيقولوا الغريق قدام وقتال التعايشي وحربه ضد اولاد البحر ما بعيد

  10. الأخ الكريم عبد المنعم سليمان رائع كعادتك دائما ونشكرك على العيدية التي اتحفتنا بها، اظن والله أعلم الانطباع الذي تركه الأخوان المسلمون أو أخوان الشياطين (عمر البشير والترابي وعلي عثمان ونافع ومن لف لفهم) أظن أنه أوجد حالة خاصة من الكراهية وسوء الظن لكل من يكون من هذه الفئة أو من شايعها وما أظن الأمر مربوط بالفرح أو التأسي على منظر الأطفال فمصيبتنا أكبر من ذلك، فالبشير كل يوم يرقص ويبتسم ساخرا على أشلاء أطفالنا ونسائنا المغتصبات بأمر السلطة. فلذلك أخي منعم هناك حالة خاصة نمر بها كلنا ولا ندري متى سيتم الانفجار الكبير ولكنه لا محالة آت ويمكن قياس الأمر بهذه الزواية. أما بالنسبة لما حصل للجسور عثمان ميرغني فتأكد إن كل سوداني يضمر في نفسه لحظة الانتقام له ولشرفه وأظن أن من يكتبون هذه الترهات هم من جهاز الأمن الحاقد على الشعب السوداني.

  11. ياااااا عبد المنعم سليمان
    معني كلمة كراهية واصل الكلمة كرِهَ يَكرَه ، كُرْهًا وكَرْهًا وكَراهةً وكراهِيَةً وكراهيَّةً ، فهو كاره ، والمفعول مَكْروه وكَرِيه
    كَرِهَ الشيءَ : مقتَه ، ولم يحبّه ، أبغضه ، نفَر منه ( وَاللَّهُ مُتِمٌّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ) هذا ما جاء في المعجم الوسيط فالمفعول مَكْروه ليس شيئاً بشعاً وبالعكس قد يكون شيئاً حميداً وهنا تكمن خطورة إستخدامك لتلك الكلمة فالكراهية ليس التي حركت الأقلام أو دفعت بصديقك ليقل ما قال بل هو حب الإنتقام لكل أم فقدت بنيها ، الإنتقام لكل إمرأة تم إغتصابها ، الإنتقام لكل أسرة تم تشريدها و الإنتقام لكل مظلوم .فلإنتقام يزيل القهر الذي في الصدور وبه يتعافي المعلول بعكس الكراهية التي تنمو ولا تزول فهل فهمت الفرق بين الكلمتين ؟ وفي سبيل الإنتقام يصبح مبدأ عدو عدوي صديقي والأخوان المسلمون تنظيم ماسوني إجرامي عالمي ولذلك لا تتعجب أن نستخدم كل ما هو متاح لنا لتحرير سوداننا من ذلك الإحتلال البغيض وإن كانت كلمة . فالكراهية صفة الشيطان والإنتقام من صفات الرحمن .

  12. معروف ان الانظمة الديكتاتورية او الغقائدية تزرع الكره فى نفوس المواطنين وان الانظمة الديمقراطية التى يسود فيها القانون والحريات تزرع المحبة فى نفوس ابناء الوطن الواحد حتى ولو اختلفوا سياسيا كان المحجوب ومبارك زروق اعداء الداء فى البرلمان ولكن ما ان يخرجوا من القاعة حتى يصبحوا كالاشقاء وهم بعد جلسات البرلمان اصدقاء لا يفترقون!!!
    لعن الله الديكتاتوريات العسكرية منها والعقائدية لعنا كثيرا!!!
    انظروا للبريطانيين مثالا لا حصرا كيف يحبون الاسرة الحاكمة وحكوماتهم الانتخبوها برضاهم الخ الخ الخ!!!!
    اذا الناس فى الوطن تساوت امام القانون وتوفرت لها الحريات والمنافسة الحرة الشريفة فى كل المجالات عندها لا يكون هناك مجال للكراهية الا فى ما ندر عند المرضى النفسيين والعنصريين فقط!!!!!!

  13. اريك هوفر (21 مايو 1983 25 يوليو 1902) فيلسوف الأخلاقية والاجتماعية الأمريكي. ألف عشرة كتب وحصل على وسام الحرية الرئاسي في فبراير عام 1983. كتابه الأول، “المؤمن الحقيقي” الذي نشر في عام 1951، انتشر على نطاق واسع أما هوفر نفسه، فاعتقد ان كتابه “محنة التغيير” كان أفضل أعماله
    وفي عام 2001، أنشأت “جائزة اريك هوفر” تكريما له مع الإذن الممنوح من قبل مؤسسة اريك هوفر في عام 2005.
    حاز هوفر على اهتمام الرأي العام بعد نشره لكتابه الأول عام 1951 بعنوان “المؤمن الحقيقي: أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية”. حاول إيجاد الجذور النفسة وراء نشؤ وصعود الحكومات الشمولية، وخصوصا ألمانيا أدولف هتلر وروسيا جوزيف ستالين، فيما سماه مصح المجانين.

    وملخّص الكتاب المقصود :
    اعتبر هوفر أن الحركات الثقافية المتعصبة والمتطرفة، سواء كانت دينية أم سياسية، تنشاء في ظل ظروف يمكن التنبؤ بها: عندما يعتقد أعداد كبيرة من الناس بأن حياتهم الفردية لا قيمة لها ومدمرة، وأن العالم الحديث فاسد لا يمكن إصلاحه، والأمل الوحيد يكمن فقط في الانضمام إلى مجموعة أكبر التي تهدف إلى تغييرات جذرية. اعتقد هوفر أن تقدير الذات والشعور بالرضا تجاه الحياة هي واحدة من أهم مرتكزات الشعور بالمعافاة النفسية. لذلك ركز على ما اعتبره عواقب عدم احترام الذات. على سبيل المثال، لاحظ هوفر أنه في كثير من الأحيان كان يشعر قادة الحركات الجماهيرية المثقفين بالإحباط، من أدولف هتلر في أوروبا القرن العشرين إلى كزيوكوان هونغ المتذمر من فشل ترقي البيروقراطية الصينية في القرن التاسع عشر.
    من مباديء الكتاب الأساسية بأن الحركات الجماهيرية قابلة للتبادل: في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، كان الشيوعيين والنازيين أعداء ظاهريا، إلا أنه بشكل روتيني، كانو يتبادلون الأعضاء لأن الحزبين حاولوا استمالات نفس النوع من الناس، الغاضبون والمتذمرون من الوضع. وبنفس المبدا، وما يقرب من ألف سنة قبل ذلك، تحول شاول، مضطهد المسيحيين المتعصب، إلى بولص الرسول، المسيحي المتعصب .لذلك اعتبر هوفر في كتابه “المؤمن الحقيقي”، أن موضوع الحركة الجماهيرية أقل أهمية من اهمية الإنتماء إلى حركة نشطة ومندفعة.
    كما ادعى هوفر أن نشوء هاجس عاطفي مع عالم خارجي أو مع الحياة الخاصة للآخرين هي محاولة للتعويض عن عدم وجود معنى حقيقي في حياة المرء الخاصة. الكتاب يناقش الحركات الجماهيرية والدينية والسياسية .

    (( إن نشوء هاجس عاطفي مع عالم خارجي أو مع الحياة الخاصة للآخرين هي محاولة للتعويض عن عدم وجود معنى حقيقي في حياة المرء الخاصة )) انتهى الملخّص .
    هذه الحالة ( هاجس عاطفي مع العالم الآخر) مقاربة للحال والهوس الحاصل في بلادنا بقضية (( غزة )) .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..