حدائق دسمة بفاكهة التغيير

من كل الأخبار المفرحة والمبشرة والتي هي دون ذلك وجدتني انفعل واتفاعل مع صورتين بثهما الناشطون في الانترنت اليوم والأيام الفائتة . ففي صفحة الابن محمد خليفة بفيسبوك عثرت اليوم الخميس 12 نوفمبر على صورة تنطق بالوعي والثورة : مجموعة من النساء والأطفال تقف وقفة احتجاجية راقية للمطالبة بترحيل شيخ الامين القريب من السلطة والمشاكل والازعاج لاهل الحي البعيد عن الخير والمعروف والانسانية والصورة الثانية وجدتها في واتساب . حي شعبي فقير جدا ينهض في واجهة زقاقه المتعرج عامود كهرباء كتب عليه المبدعون العباقرة الفقراء عبارة (انتبه ! لا تسرق ! لا تغش ! لا تبيع المخدرات الحكومة لا تحب المنافسة).
كان من الممكن أن يكون مشهد الوقفة الاحتجاجية أكثر عادية وأقل دهشة وإسعادا لو أن المكان كان واحدا من تلك المحفوظة عن ظهر قلب والتي تعود الناشطون أن يزوروها بين الفينة والأخرى بكاميراتهم وهواتفهم لأخذ الصور التذكارية الاحتجاجية؛ الفعل في حد ذاته وبحدوده هذه مطلوب ومثمر ويحدث تراكما لا بد منه لتثوير وعي الجماهير بشكل تصاعدي ولكن الوقفات الاحتجاجية داخل الأحياء وبمطالب وشعارات تمس حياة الناس وطمأنينتهم بشكل مباشر تصبح بكل تأكيد أشد اختراقا وأكبر تأثيرا وأقرب لتحقيق المطلوبات الكلية والشاملة ومشاركة أصحاب وجعة من هذا الطراز في فعالية احتجاجية راقية كهذه يشكل في حد ذاته تطورا لافتا وتراكما ذا نكهة مختلفة
و العبارة (انتبه ! لا تسرق ! لا تغش ! لا تبيع المخدرات. الحكومة لا تحب المنافسة) ليست جديدة في حد ذاتها فقد ظل الشباب يتداولونها في منتدياتهم ومجموعاتهم في الفيس والواتس أب منذ فترة ليست بالقصيرة في إشارة واضحة ومباشرة لاتهامهم النظام بالانشغال والاشتغال بهذه المهن والأنشطة ولكن الجديد هو أن (تعود) هذه العبارة لفيسها وواتسابها سالمة غانمة بعدما شكلت وعيا وجرأة في ذلك الحي الشعبي الفقير جعل أحدهم يخطها على عامود النور
مرة أخرى تهب رائحة انتفاضة شعبية ? بمعنى الكلمة ? عارمة. قوامها الفقراء والمساكين والمهمشين والمستضعفين “شخشيا” وليس المتحدثين باسمهم باحساس وصدق قد ينقص أو يزيد. مرة أخرى يجد المرء ريح يوسف ? سبتمبر لولا أن تفندون!
ومهما يكن من أمر فإن الحياة السودانية ماضية إلى الأمام على كل حال. والثورة ضد هذا النظام؛ ضامن هذه الحياة ومضمدة جراحتها في تراكم وتصاعد مستمرين، رغم ما قد يتراكم ظاهريا لبعض الأعين من احتقان متوهم هنا أو ردة مزعومة هناك والله من وراء القصد وهو الهادي سواء السبيل
[email][email protected][/email]