جدعات

جدعات
(1)
تصريحان رسميان لكلٍ من السيد وزير المالية ووزير المعادن تصدَّرا عدداً من صُحُف الخرطوم، حيث قال السيد وزير المالية نصَّاً (لولا الذهب لتدهور سعر الصرف)!! فيما قال السيد وزير المعادن أنَّ قطاع التعدين مظلومٌ لعدم إدراج مُساهمته في إحصائيات الاقتصاد القومي!
o نقول للسيد وزير المالية هل ما وصل إليه سعر الصرف الحالي لا يُعدُّ تدهوراً؟ وندعو سيادته للرجوع إلى البرنامج الإسعافي للاقتصاد السوداني الذي أفصح عنه مع بدايات عام 2012 والذي اختصَّ محوره (البرنامج الإسعافي) الثاني بالسياسات النقدية عبر السيطرة على التضخُّم في حدود 15% والتحكُّم في مُعدَّلات عرض النقود ومُتابعة برنامج الضخ السيولى والمُحافظة على استقرار سعر الصرف في حدود 3.25 جنيه للدولار الأمريكي في عام 2012 فهل ترى يا سيادة الوزير عدم وجود تدهور في سعر الصرف عقب مُقارنة مُحتويات البرنامج الإسعافي، الذي أشرفتم على إعداده بوزارتكم المُوقَّرة، مع واقعنا الحالي؟ وأين مُساهمة الذهب في الحد من (تدهور) سعر الصرف؟ لا سيما إذا رجعنا لـ(مصفوفة) برنامجكم الـ(إسعافي) التي قدَّرت تصدير نحو 50 طن متري من الذهب بقيمة 2.5 مليار دولار بنهاية عام 2012!! بل الأغرب أنَّنا استقبلنا عام 2013 بـ(بُشرى) من السيد وزير المالية بالـ(قرض الصيني)!!
o ونأمُل تفضُّل السيد وزير المعادن ببيان (حجم) مُساهمة وزارته في الاقتصاد القومي بـ(الأرقام) لا سيما ما يتعلَّق بسداد الديون وعلى الأقل الديون أو الالتزامات الخاصَّة بإنشاء البنيات التحتية لقطاع التعدين كمصفى الذهب وغيرها؟ مع بيان مدى مُساهمة قطاع الـتعدين الـ(مظلوم) في بقية مُكوِّنات الدخل القومي السوداني، وكيف ومتى ساهم في الحد من تدهور سعر الصرف تحديداً؟!.
(2)
بحسب ? سونا ? أفْصَحَ السيد وزير الاستثمار أو الوزير بالمجلس الأعلى للاستثمار (لا أدري أيُّهُما أصَحْ؟) عن عدم وقوع أي ضرر على مشروعات المملكة العربية السعودية بالسودان وعدم (تأثُّرها) بـ(الأمطار والسيول) التى تعرَّضت لها البلاد و(العباد) في الأيَّام الماضية.
o هذا عن استثمارات المملكة العربية السعودية التي نتمنَّى لها كل التوفيق والبركة والنجاح، ماذا عن المُستثمر السوداني؟ هل فكَّرت وزارة الاستثمار أو المجلس الأعلى للاستثمار في تحسين وترقية الاستثمار الوطني؟ وما هي جهوده في هذا الصدد ونتائجها (بالأرقام)؟ سواء على صعيد إنعاش الاقتصاد الوطني أو تحسين سعر الصرف أو تقليل الديون الخارجية أو الفجوة الغذائية أو تقليل الاعتماد على الضرائب والـ(مكوس) للصرف على الإنفاق الـ(حكومي) الـ(مُتزايد) باضطراد؟! تُرى ما هي رُؤية وزارة الاستثمار أو المجلس الأعلى للاستثمار (إذا كانت هناك رُؤية موجودة فعلياً) لتحويل الرأسمالية الوطنية الـ(محدودة) حالياً إلى أعمال مُنتِجَة والاستفادة من قدراتها المالية الضخمة جداً في الصناعات الأساسية أو الوسيطة أو التحويلية (صناعات استراتيجية، زراعة، سياحة وغيرها) بدلاً عن نشاطاتها الاستهلاكية الحالية (اتصالات، أتوبيسات سفرية، صناعة بسكويت وغيرها).
(3)
بحسب تصريحات من وزارة الثروة الحيوانية والسمكية، بلغت كمِّية صادرات الضأن والماعز والأبقار والإبل إلى الخارج لهذا العام حتَّى الآن نحو (2,342,194) رأس وحوالي (1,733,7) طن لحوم (دون تحديد العائد من تصدير هذه الكمِّيات!)، فيما كان حجم الصادر في العام الماضي (3,8) ملايين رأس.
o كم بلغت عائدات تصدير هذه الكمِّيات المهولة من الثروة الحيوانية بالأرقام واثرها على الاقتصاد القومي والمُواطن؟ وأين صُرِفَتْ وعلى أي أساس؟ ولماذا أصلاً يتم تصدير كل هذه الكمِّيات؟ وهل يعلم السادة القائمون على أمر التصدير بقواعد الـ(عَرْضْ) والـ(طَلَبْ) القائلة بأنَّه (كلَّما زاد العرض قلَّ الطلب والسعر معاً والعكس صحيح؟)، ومتى نحذوا حذو بقية الدول في تطبيق هذه القواعد الاقتصادية على غرار ما يجري في الأوبك والبترول تحديداً؟! وأين الدولة من مسئولياتها في توفير احتياجات الشعب الأساسية لا سيما المُنتجات الوطنية كاللحوم الحمراء التي لم تعُد مُتاحة لقطاعات واسعة من السودانيين بينما (تُتيحها) الدولة للغير دون عوائد ملموسة بل وبطريقة تُهدِّد استمرارية عطائها وديمومتها؟ ولصالح من أصلاً يجري كل هذا؟
(4)
صرَّحَتْ السيدة/وزير تنمية الموارد البشرية والعمل بأنَّ الخرطوم ستستضيف خلال شهر نوفمبر المُقبل إعلان نتائج سوق العمل في العالم العربي، فيما ذكر السيد (مُدير) مشروع مسح سوق العمل أنَّ المشروع بدأ من عام 2011، بتمويل من المالية بلغ مليون جنيه (لا أدري إنْ بالجديد أم القديم!).
o عقب قراءتي لهذا التصريح، سألت ما لا يقل عن 20 أُستاذاً جامعياً ومُتخصِّصاً في الإدارة، بالإضافة إلى عددٍ مُقدَّرٍ من الاقتصاديين ورجال المال والأعمال، واتفقوا جميعاً بأنَّهم لم يسمعوا بهذا الأمر من قبل رغم علاقتهم الـ(وطيدة) به! تُرى أين تمَّ هذا الـ(مَسْحْ)؟ فهذا الكم من الأفراد الذين استفسرتهم عن الموضوع يُعتبرون (عيِّنات عشوائية)، وإذا اتفق جميع أفراد العيِّنة على رأي حول أمرٍ ما يُمكن إطلاق هذا الرأي كـ(نتيجة) أو مُحصِّلة نهائية للموضوع، وهو المعمول به في كافة الدراسات والبحوث العلمية! فأين تمَّ (مَسْحْ) العمل هذا في السودان؟ ومتى وما هي معايير وأُسُس اختيار (عيِّنات) هذا المسح سواء كانت جُغرافية، أو عُمرية، أو فئوية، أو قطاعية….. إلخ؟ ومن الذي أشرف على تحديدها؟ وآلية وطرق وأساليب جمع وتحليل البيانات؟ ومدى دقَّتها وتحكيمها وغيرها العديد من الأسئلة!
(5)
صَنَّفَتْ دراسة بيئية مدينة الجزائر من ضمن أكثر المُدُنْ الساحلية في العالم عُرضةً لخطر الفيضانات والكوارث الطبيعية في غضون عام 2050، في حال بقي مُعدَّل ارتفاع مُستوى سطح البحر في المُستويات الحالية، وقَدَّرت الدراسة أنَّ تكلفة الاستعداد لهذه الأخطار لن تقل عن 350 مليون دولار.
o هكذا يكون الاستشراف وهكذا تكون دراسات المُستقبل، ومن هنا يبدأ الـ(تفكير) ثمَّ الـ(تخطيط) الاستراتيجي! يدرسون المُستقبل ويُفكِّرون فيما يمكن أن يحدُث في فترة تتجاوز الثلاثة عقود من الزمان استناداً لأُسس ومُؤشِّرات و(مُعطيات) آنية، من (قِبَلْ) الـ(مُتخصِّصين) والـ(عارفين) و(ذوي الشأن)، وليس بالارتجال والتخمين غير المدروس والتهوُّر وردود الإفعال وانتظار الكوارث حتَّى تقع ثم تعميقها وزيادتها وتوليد المزيد منها.! ولا أبلغ على (صحَّة حديثي هذا) مما يجري لنا سنوياً في السودان ونحن جميعاً نعلم مواعيد الفيضان وموسم الأمطار، والحال ياهو ذاتو الحال، وحينما تحدث الكارثة تتكرَّر المُعالجات الـ(عقيمة) والتي لا تتعدَّى متاريس الرمال (بالعون الذاتي الأهلي) أو التصريحات هنا وهناك لتتطوَّر بـ(تطوُّر) الـ(كارثة) أو الأزمة إلى نداءات دولية، ومُؤخَّراً ظرهت بعض الاجتهادات (من غير ذوي العلم والمعرفة والاختصاص) على شاكلة دعوهم (يعني المُتأثِّرين بالفيضانات والسيول) يعودوا لمناطقهم، أو الـ(بدء) في دراسة تخزين المياه أو (بناء سد) حول الخرطوم وغيرها من الحلول التي تزيد من المشاكل والكوارث عاماً بعد آخر.. إنَّها دعوة للتأمُّل والتدبُّر في كيف (يُسيِّر) العالم حياته (الحالية والمُستقبلية) وكيف يعمل في إطارٍ من الـ(علمية) والـ(مُؤسَّسية) وو………… والله المُستعان.
لقد أوجزت وأوفيت يا دكتور