مقالات وآراء

الخلاط المصري من دون رهانات

 

✍د. خالد عثمان

من الواضح ان عملية تخلق جنين هذا الاتفاق الاطارى فى مشيمة تكوين شائهة قد تركت بصمتها عليه واورثته عللا خلقية تجعل استمراره فى الحياة بين شك وظن .
يرقي التحليل السياسي بتصدر مصر ممثلة في شخص مدير جهاز المخابرات لايجاد مخرج للازمة السودانيه التي تطاول امدها إلى منزلة الحدث الاستثنائي الخارق، بل بدا بالنسبة إلى الكثير من المتابعين مفاجئا يكاد يوصف بالغرابة والسرياليه ، كيف لا، وقد كسرت هذه المبادره جل الأنساق، وهتكت سر العديد من أنماط التفكير والتحليل والتصنيف والتوصيف فبدأ إنه تحول يوحي بتطهر سياسي ودبلوماسي من ثقل تركة اخطاء تاريخية بسلاح مخابراتي.
هناك دائما مخرج ، ومن لديه حيلة فاليحتال . كما جاء في (الخلاط+) وهو أول فيلم سعودي تنتجه نتفليكس ، من إخراج فهد العمري ومن بطولة الممثل السعودي القدير عبد العزيز الشهري، الفيلم يحتوي على أربع قصص قصيرة يربطها موضوع الخداع حيث تقع شخصيات (الخلاط+) في مواقف غير متوقعة وتحاول أن تجد حيلة لتخرج منها. بدأً من لصان يحطمان حفل لإنقاذ شريكهما في التآمر. وطباخة تعمل في مطعم فاخر تضع سمعة المطعم على المحك لإنقاذ زواج والديها الفاشل. وصديق يعود إلى المشرحة لدفن سر عن زوجة صديقه المتوفى، وصولا إلى أم تبحث عن زوجها أثناء بحثه عن ابنهما.
لكن حتي لا تحملنا عجائبية المشهد السياسي إلى تقييمات متسرعة متهافتة وحتي نلجم أفواهنا وأقلامنا عن السقوط في النعرات الانفعالية والمواقف الانطباعية لا بد من (عقلنة المشهد)، وهو ما يقتضى بالضرورة الاتجاه نحو معالجة الانحراف السياسي والتلاعب بالقرار الوطني والتأثير الايجابى بخطاب عقلانى لتخفيف حدة الاحتقان السياسي والتحشيد الفوضوي وسيادة الواقعية بعيدا عن الاحلام الطوباوية . ومقاومة سيادة خطاب المزايدات و (الثأر السياسي) فهي تمثل خطاب سياسي لفئات لطالما احتكرت خطاب الحداثة و الموجة الجديدة من الثورية التي نواتها نخبة سياسية من العائلة الاجتماعية الديمقراطية. لذلك وضعت لجان المقاومة علي خط النار ووقفت تتفرج في خط تجنب المغامرة.
المثير للدهشة ويكشف عن خطل التفكير لدى المجموعات التى تريد احتكار سلطة الثورة ولا مبدئيتها انها دعت لجان المقاومة الى الحياد وعدم الانحياز لاى من المركزين سواء مركز الحل الجذرى او مركز التسوية الذى تقوده اى انها تريد استثمار تضحيات لجان المقاومة كعامل ضغط على طاولة التفاوض بينها والعسكر دون تفتح لها الطريق للمشاركة فى السلطة.
ان هذا الموقف بالاضافة الى انه تعبير جلى عن عقلية الوصاية الا انه كذلك يشف عن الافتقار للمسؤلية الاخلاقية.
اضافة الي انهم لن يستطيعوا أن يقنعوا الجماهير الثائرة والعالم أن الشعب يثق فيهم وانه قد فوّض لهم الأمر و يعتبرهم ناطقين باسمه معبرين عن ارادته.
ان الجماهير نفسها تعلن زهدها وعزوفها وقالت بوضوح إنها غير معنية أصلا بهذا العبث الذي ظلوا يبدعون فيه كل يوم ولكن الرسالة لم ولن تصلهم . وفي الوقت الذى تمضى فيه الجماهير فى طرقها وهى تقوم الى ثورتها هم في المقابل يمضون في توهماتهم ان كل ذلك مجرد مؤامرة حاكتها قوى داخلية تسير في خط الثورة المضادة.
عودا الي ( الخلاط+) الاستغراق الذي يتملكك وانت تستمتع بمتابعة التفاصيل تجعل تتحسر على حال هؤلاء الذي كان يمكنهم أن يتحدوا جميعا ليصنعوا الحياة ، ولكنهم بدلا من ذلك عاشوا في جزر معزولة لا ترى الا داخل الحيز الضيق من الألاعيب والحيل الصغيرة الذي حبست نفسها فيها وأصبحت لا ترى الاخر الا شيطانا أو عدوا محتملا أو خصما في صراعاتها الضيقة حول مصالح متوهمة تتوه في ثناياها المصالح العليا الحقيقية للبلاد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..