تاجر البندقية وجامعة الدول العربية

في إطار إحتفالات مسرحيي العالم باليوم العالمي كما هو معتاد في السابع والعشرين من شهر مارس ” سنويا ” أحتفل مسرحيي البلاد أول أمس باليوم العالمي للمسرح بمسرح جامعة جوبا ..تحت شعار ( معا لتعزيز الهوية الوطنية ) .. وكمتابعين للشآن الأدبي وقضايا الثقافة ندلي بملاحظاتنا التي لا ترتقي للنقد المسرحي بمعناه الشامل بل أشبه بملاحظات من لم يتخصص في النقد و قد تصيب تلك الملاحظات وقد لا تصيب و فوق كل هذا وذاك نشيد أيما إشادة بالحراك الثقافي الدؤوب لكلية الفنون والموسيقى والدراما بجامعة جوبا لدورها الريادي في التغيير الإجتماعي المنشود بأدواتها …ويتجسد دور الفنون والدراما في المقولة الأثيرة : أعطيني مسرحا ، أعطيك أمة.
(٢)
اليوم كان يوم إستثنائي تم تقديم ورقة تدور محتواها في نفس المجال ..وتم عرض مسرحيات .و لفت نظري ثلاثة مسرحيات بالترتيب ( تاجر البندقية ) و ” في شنو ” وكذلك (الأنداية) وللإسم دلالة واضحة ، وقبل الولوج لسرد الملاحظات لابد من تذكير القارئ بأن النقد المسرحي أصعب الممارسات النقدية بإعتباره نقدا مركبا تتداخل فيه عناصر كثيرة ..و بغض النظر عن نوع النقد فإن للناقد دور تتمثل في تحديد مكامن الضعف لتداركها ومكامن القوة لتقويتها في أي عمل ما .
(٣)
شاهدنا تاجر البندقية على خشبة المسرح وللتذكير هذه مسرحية شهيرة ل ( شكسبير ) وفخامة الإسم يكفي .فالمسرحية تاريخية وتم قولبتها للواقع الجنوبسوداني ونعترف بأن أي خروج من النص يفقد معنى المسرحية بأكملها وأيضا نلفت نظر القائمين بأمر تلك المسرحية بأن الديكور و اللغة أفسدت المسرحية من رسالتها ويبدوأ أن اللغة المستخدم (لغة عربية فصحى ) بالإضافة للديكور ممثلة في اللبس و ” السيف والخنجر ” أرسل رسالة للمشاهد بأن المسرحية لا علاقة لها بالواقع المعاش في البلاد هنا ولنوع ما لم يراعي الممثليين للبيئة و ” توطين” تلك المسرحية بالطريقة التي شاهدناها أول أمس قد يفهم بأن للأمر علاقة بعلاقات جنوب السودان بجامعة الدول العربية في الوقت الحالي ، وإلا نفهم بأن القائمين باليوم العالمي للمسرح لم يدرسوا بيئة البلاد جيدا ، مثلما فعل أحد المسرحيين قبل سنوات غنى أغنية وردي ( يا بلدي / يا حبوب / جلابية و توب / سروال ومركوب ) غناه في فضائية جنوب السودان بعد إعلان الدولة بشهور فقط….!!
(٤)
في شنو ..؟!! مسرحية أيضا شاهدناه وخرج المشاهد برسالة مفادها ” الساسة من أجل الكرسي يفعلون (كل شيء ) وللتدقيق بغض النظر عن نوع الكرسي فإن للكرسي معنى حتى ولو كرسي ” مكسر ” وأبدع البطل عندما حافظ على كرسيه بالطريقة التي شاهدناه فهو فعلا صاحب الكرسي الأصيل بعد أن تخلى عنه رفاقه بسبب أنه لا يلتزم بتعليمات من كان يعمل معهم ..فشق طريقه (للكووشة) باحثا عما يسد رمقه ..وفي خضم البحث لإيجاد بديل وجد كرسي في القمامات الملقآة على الشارع و أصبح يشتغل به ” ورنيش” حتى دارت دورة الأيام وجاء رفاق الأمس ..يستنجدون به ، وهو لم يكن من أصحاب الذاكرة الضعيفة (ذاكرة السمكة ) ..وللمخرج اليد الطولي في هذا العمل الإبداعي حيث ختم المسرحية بسؤال : في شنو …؟!! أي صاحب الكرسي أندهش من رفاقه السابقين .
(٥)
قبل أن نختم بالأنداية .. نؤد تذكير القارئ بأن الملاحظات ليس شرطا أن تصيب …ومخرج (الأنداية) قرأ الواقع بعين فاحصة و لسان ساخر و حس إبداعي ، فالكل شاهد واقعية الأنداية ولماذا يهرب الكثيرين وخاصة أغلبية “المثقفيين” للأنداية…؟!! السبب بسيط لآن الواقع طارد ومن يتولى شآن المجتمع (غريق ) في تضليل المجتمع وتناقض القول والفعل يظهر من أول أفعال كل من يتولى شآن مجتمعه …فما قدمه بطل الأنداية نموذج واقعي نعيشه كل يوم في جنوب السودان والرسالة وصلت لكل مشاهد حتى “الصوت ” يعرفه المشاهد المتابع للواقع السياسي أي (نبرة منو)؟ من ساسة البلاد ….!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..