مقالات وآراء

السودان و كرم إستضافة اللاجئين !

 

صوت الحق
الصديق النعيم موسى

في العام 1967 لجأ خمسة ألآف زائيري إلى بلادنا ومنذ ذلك الوقت ظل السودان مكاناً آمناً لكل من ضاقت به الحياة ففتحت الدولة أبوابها مُشرعة وسميت : ( بسياسة الباب المفتوح ) التي تسير فيها الدولة برغم ظروفها الإقتصادية الطاحنة وبرغم ضعف التمويل إلاّ أنَّ الشعب السوداني ضرب أروع أنواع الأمثلة وقبل أن تُصدّق المعسكرات فتح المواطنون أبوابهم للفأرين من ديارهم ومن هنا أقول وبكل فخر وعِزة الشعب السوداني صاحب رسالة فريدة وتستحق التجربة الرائدة التوقّف عندها كثيراً لِما فيها من معانٍ وعِبر ودروس يجب أن تستفيد منها الدولة في المقام الأول ومعتمدية اللاجئين صاحبة الإختصاص ، ولعلّي أجد نفسي مُهتماً بموضوع اللاجئين لثلاثة أسباب رئيسة ، أولهما : تعاطفي تُجاه اللاجئين في شتّى أنحاء العالم والسودان بوجه الخصوص . وثانيهما : ضعف الخدمات المُقدّمة . وثالثهما : أُزدواجية التعامل مع الدول الفقيرة ( السودان نموذجاً ) . هذه الأسباب جعلتني أتعمّق في مِلف اللاجئين ودراسته جيداً من جميع النواحي .
الكثير من الإيجابيات التي قدمها السودان في إستضافة اللاجئين لم ترى النور بعد ، نعم هناك إيجابيات كثيرة جداً يقوم بها السودان ( الفقير ) تُجاه اللاجئين نصف قرنٍ ويزيد الدولة تُقدّم لهم الأمن والأمان وتصدّق الأراضي لقيام المعسكرات وتسمح لهم بحرية الحركة والسفر وأتعاطف معهم لقضيتهم الإنسانية وأدعمها بكتاباتي منذ سنواتٍ طويلة ( وهذا ليس للمزايدة وإنما واجبُ وأمانة يسألني الله عنها ) عندما أجد أحد اللاجئين أتذكّر مأسآته حتى يصل لبلادنا ( وأسأل نفسي كيف وصل والمعاناة تواجهه من جميع الإتجاهات ) وأسئلة كثيرة ترادوني كيف يأكلون ويشربون وينامون ؟ شهدت البلاد موجات لجوءٍ منذ وقتٍ طويل وقبل تدخّل معتمدية اللاجئين والمفوضية السامية يقوم أهل الولايات بالواجب التام ولم أنسى الدخول الإثيوبي الحديث في نوفمبر من العام 2020 وأهل القضارف ( في منطقة الهشابة المدينة 8 ) ( وحمداييت بولاية كسلا ) هرعوا لنجدة إخواننا الإثيوبيين ، تم فتح أبوابهم والمزارعين والعمال والتُجار ينحرون الماشية ليضيّفوهم هذا الأمر طبيعي لأهل السودان .
تجربة السودان في إدارة اللجوء تستحق الوقوف كثيراً لأبعادها الإنسانية عندما تم إنشاء معتمدية اللاجئين كوحدة صغيرة تُعنى بهذا الأمر ، وبعد سنوات ليست بالطويلة تدفقت أعداد كبيرة جداً من اللاجئين الإرتريين بشرق السودان فقدمت مُعتمدية اللاجئين أنموذجاً طيباً في ذلك الوقت إستمر لأكثر من ثلاثين عاماً حتى العودة الطوعية في تسعينيات القرن الماضي .
ومن أجل توثيق ذلك قابلت الكثير من الذين عملوا في معتمدية اللاجئين منهم من حضروا ذلك العهد الجميل ، الرحمة والمغفرة لمن فارقونا ، الأمر الذي يجب كتابته بأحرفٍ من نور وقفة الشعب السوداني في إستضافته للاجئين برغم سوء الأحوال الإقتصادية إستقبلت البلاد قُرابة المليوني لاجئ .
صوت أخير :
تجربة السودان في اللجوء يجب أن تُدرّس فهي مثالاً حياً لأكثر من نصف قرنٍ من الزمان ، لم تغلق بلادنا أبوابها وهي من أفقر دول العالم من حيث المؤشرات ( برغم أنها غنية بمواردها ) يقاسِم فيها الفقير مَن إستجاروا به وتُنشأ المعسكرات بسرعة البرق وبالرغم من أنَّ القانون ينص على تواجد اللاجئ في مركز الإستقبال لمدة ثلاثة أيام إلاّ أنَّ دولتنا سمحت لهم بالمكوث لأشهر طويله حتى تُشيّد المعسكرات الدائمة . ومع ذلك كله هنالك سوء داخل المعسكرات في المباني التي يجلسون بها وما أدراك ما خريف القضارف إضافة إلى المُشمعات التي تغطي المسكن في الصيف ترتفع بها درجة الحرارة العالية .
ما تُقدّمه الدولة للجوء واللاجئين ليس بالضرورة أن يكون مال فقط ولكنها تسهيلات في نظري أكبر بكثير من المال . الغابات والأشجار التي يذكرها التأريخ ، حرية الحركة والعمل والتجوال .
ما أريد أن أقوله الدولة السودانية لها المثل الأعلى في إستضافة اللاجئين وعندما أقول الدولة أعني في المقام الأول الشعب المستضيف فهو أحد المنظومات الفاعلة في البلاد وهم أهل الثناء والشُكر والإحترام وحكومة الولايات المستضيفة ومعتمدية اللاجئين صاحبة الإختصاص . هؤلاء يمثّلون نموذجاً للجوء وعندما تتكامل الأدوار يكون الناتج جيداً للغاية .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..