مقالات سياسية

حمدوك..العود أحمد

بشفافية

حيدر المكاشفي

في الأنباء إن الأطراف المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، اتفقت على معايير وآليات اختيار رئيس الوزراء في الحكومة المرتقب تشكيلها حسب المصفوفة الزمنية المعلنة في الحادي عشر من ابريل القادم، وذلك بالطبع حين يصار لعملية اختيار الشخصية التي ستتولى المنصب، بعد تكامل العملية السياسية والوصول للاتفاق النهائي والتوقيع عليه، غير أن عدد من المراقبين يتوقعون ان لا تسير عملية اختيار رئيس الوزراء بسلاسة، بل ستثير عملية التوافق على من يشغل منصب رئيس الوزراء حين يصار الى ذلك خلافا عميقا، ورغم نفي المصادر المأذونة داخل تحالف الحرية والتغيير وموقعي الاتفاق الاطاري، ترشيح بعض الاسماء للمفاضلة بينها حسب المعايير الموضوعة، الا ان عددا من الاسماء ظلت متداولة في المواقع وبين الناس وفي المجالس، وكالعادة ظل اسم رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك قاسما مشتركا اعظما في كل الاحاديث و(اللست) التي تناولت الموضوع، ويبدو من كثرة تردد اسم حمدوك مع كل (لستة) تتسرب عن شخص رئيس الوزراء القادم، أنه الأنسب والأوفر حظا والأكثر قبولا للعودة لمنصبه مجددا، تسنده كثير من المزايا والصفات الشخصية والعلاقات الدولية والاقليمية والانجازات الكبيرة والمؤثرة التي حققها رغم الظروف غير المواتية التي عمل فيها لأقل من عامين، وأثبت الرجل خلال هذه الفترة على قصرها أنه رجل دولة بحق وحقيقة..

والمفارقة ان ما يعتبره البعض مآخذ عليه وضعف منه لهدوئه وحديثه الهادئ الرزين، هو قيمة مضافة له، فلا هو بالمهرج و (العوعاي) الذي يعلو صوته بالهتاف والضجيج والنفخ والهرش، ولا هو بالمتكبر المتنبر المتشوبر، كما كان يفعل المخلوع البشير، فالقوة ليست في الحلقوم وانما في المنطق، أما قولهم فيه انه متردد ولا يتخذ القرارات القوية والجريئة، فتلك كلمة تدين قائليها، فالرجل ليس ديكتاتور في زمن ثورة تطالب بالحرية والديمقراطية والحكم المدني، لا يجوز له ان ينفرد بالقرار ويصدر ما يشاء، ولو كانت هناك من منقصة في هذا الجانب فمسؤوليتها تقع على الحاضنة (قوى الحرية والتغيير)، التي أربكت اداءه بخلافاتها وتشاكساتها وانعدام البرنامج الواحد والرؤية الموحدة حتى خرج منها من خرج،

وتعيدني حكاية بعض غير المرحبين بعودة حمدوك لرئاسة الوزراء، بحكاية جماعة النظام البائد معه، ففي بدايات النظام البائد وعلى أيام هوجة التمكين، أصدر الطيب سيخة وكان وقتها يشغل منصب وزير رئاسة مجلس الوزراء، قرارا باحالة الدكتور احمد عبد الله حمدوك للصالح الخاص الذي كان يطلق عليه زورا الصالح العام، فذهبوا بالخطاب الى وزارة الزراعة فلم يجدوه موظفاًهناك، ثم جدوا في البحث عنه حتى وجدوه في وزارة التخطيط فسلموه خطاب الفصل، والترصد واضح في هذه العملية، وبعد ان تقلد حمدوك مناصب رفيعة في مؤسسات اقليمية ودولية وحقق نجاحا كبيرا وفي بعض الدول، هرعوا اليه يغازلونه لتولي وزارة المالية، بل استبقوا موافقته واعلنوا خبر تعيينه، ولكن حمدوك صدمهم وابطل مكرهم فرفض المنصب وركله وانتصر لموقفه الوطني..نعلم ان حمدوك زاهد في المنصب والعودة لشغله مرة أخرى،ولكن الخيار هنا ليس خياره الشخصي بل تفرضه كل المعطيات والحيثيات التي تجعله الأفضل لتولي المنصب، فلماذا لايعود برغبة طيف واسع من الناس..عد يا حمدوك فالعود أحمد..

الجريدة

 

‫14 تعليقات

  1. بارك الله فيك اخي حيدر المكاشفي ورمضان كريم احسنت في صيغة هذا المقال الجميل الواعي نعم لعودة الدكتور عبدالله حمدوك فهيا امنية السواد الاعظم من الشعب الذينا يحلمون بوطن معافه من الجهل والتخلف والمرض الذي لحق بنا جراء حكم الاسلامين للسودان

  2. حمدوك يتمتع تفويض شعبي ضخم لكن المشكلة في التفويض السياسي حيث أن التسوية التي ستعيده مرفوضة من قطاع واسع من المكونات السياسية الموجودة الآن. قد تجد من بين هذه المكونات من لا يعترض على حمدوك كشخص وبرنامج لكنه يرفض التسوية التي أتت به إلى المنصب. لو كان لحمدوك شرعية ديمقراطية عن طريق انتخابات برلمانية او رئاسة لاستطاع ان يفرض برنامجه وينفذه وينقذ البلاد والعباد من الوهدة الراهنة. لكنه قبوله للمنصب بهذه التسوية المشكوك في نجاحها يعني ان توضع أمامه عراقيل اكثر من التي عانى منها في المرة السابقة من العسكر والفلول والحركات المسلحة.

  3. خاف الله علي المسكين دا صدقني مادام البرهان موجود وادوته من ترك والفلول والحركات المسلحة موجودة فلا امل في نجاح الي شخص ياتي لهذا المنصب قول حسبي الله ونعم الوكيل

  4. رغم اني اتمني ان يعود دكتور حمدوك وكل المخلصين للوطن للمساهمه في بنائه الا اني
    لا اود ان يعود حمدوك في ظل وجود عبد الوهاب البرخان وعصابة الاسلامويون السفله
    لانهم سيعرقلون اي محاوله منه او من اي من المخلصين لافشاله ليعودوا ثانية للنغمه
    القديمه حمود فاشل ومتردد الخ الخ الخ .
    اظن انه من الافضل لنا ان ندخر المؤسس لانتخابات رئاسة الجمهورية ليحظي بالشرعيه
    التي تجعله قادرا علي تنفييذ كل البرامج التي من شانها اعادة السودان الي وضعه الطبيعي بين الأمم
    وان كنا متأكدين بأنه حتي الانتخابات المقبله سيبذلون كل مساعيهم لافشالها للاتيان بأحد رجالهم ليكون
    رئيسا للجمهوريه .

  5. نعم الخيار ليس شخصي بل تفرضه الحيثيات ورأى السواد الاعظم من عامة الشعب، شكرا استاذ حيدر كالعادة عمودك الاكثر قراءة.

  6. كامل ادريس دا قالوا زور يعني ممكن يغش ومن غشنا ليس منا يعني ما امين كيف به أن يكون رئيس وزراء مرفوض . حمدوك يرجع للمنصب دا مطلب الشعب غير كدا اي واحد مرفوض المؤسس وبس

  7. القضية ليست في من يكون رئيس الوزراء، المشكلة في هذا الركام من الروث الذي خلّفه النظام البائد، هذا الروث من مليشيات وفلول ومؤسسات عسكرية وشرطية وأمنية إنقاذية وأحزاب متهالكة وحركات عسكرية متناسلة. هذا الركام لن يترك مجالاً لأي شكل من أشكال الحكومة أن تقف على رجليها مهما كانت الاتفاقيات، وهذه ظاهرة سريالية غير طبيعية يصعب تسويتها إلا على الطريقة البلقانية التي جعلت من يوغسلافيا على صغر حجمها أربع دول مجهرية.

  8. يلفوا و يدورو, لن يجدوا أفضل و أنسب من حمدوك لتولى المنصب وان كنا نشفق عليه من بيئتهم السياسية السيئة القذرة المليئة بألتآمر و الخساسة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..