(نحو) الأمية

والعبارة أعلاه كانت طرفة متداولة أيام الزمن الجميل ..عندما كنا منارة التعليم في الوطن العربي وافريقيا و(قفلنا واحتفلنا) بالتعليم الابتدائي المجاني.. فانتشرت مدارس مسائية لتعليم الذين فاتهم قطار الدراسة ..ولديهم رغبة في التعلم …فكانت مدارس (محو الامية) ..لكن البعض كان ينقطها خطأ فيبدل الميم بالنون فتضيع الكلمة ويختلف المعنى جملة وتفصيلا.
قبل أيام قرأت لافتة في الطريق العام ..لافتة لمؤسسة حكومية رسمية ..يعني (لافتة متعوب عليها ومدفوع فيها الشئ الفلاني )..مكتوب (صك العملة) ..ايوة والله ..(صك) بدلاً عن (سك ) ..وما بين الصاد والسين ..ضاعت الكلمة وتاه المعنى ..ولله الأمر من قبل ومن بعد ..ويبدو ان الصاد في طريقها الى تسيد المشهد عنوة واقتدارا وما (حدش قادر يلمها) فقد صار من المعتاد ان تقرأ في الشريط الاخباري الرسمي اطلاق (صراح) بدلاً عن اطلاق سراح ..ويا قلبي لا تحزن.
فجأة لاحظت ان أعيننا تعودت على الأخطاء الاملائية ..ولم تعد تثير فينا ذلك التقزز او التحسر على الكتابة كما كان الأمر في البداية …عادي صرت اقرأ (الذمن) و(الاعتزار)..و(القضب).. وأهز كتفي واقول في نفسي (وأنا مالي ) ..بل انني قرأت قبل أيام كلمة (الاقتراح) في مجمل حديث عن الانتخابات الامريكية ..ولم افهم المقصود الا بعد ان اكتشفت المقصود هو كلمة (الاقتراع).. والمؤسف في الأمر ان الاخطاء اعلاه لا يرتكبها اشخاص لم يكملوا دارستهم ..لكنها تأتي من اشخاص نالوا من التعليم أكثره وربما كانوا من الذين تقدموا الصفوف في التخرج ..حينها تعلم يا صديقي اننا فعلا نسير (نحو الأمية).
لجنة القراي ..لا أدري بالضبط ما تقوم به ..وهم كغيرهم من اللجان يحيطون عملهم بسياج عال من السرية والتكتم ..وكل مرة ترشح إشاعة بأن هناك دوروسا قد تم الغاؤها ..او هناك دروساً تمت اضافتها ..ومن ثم ويتم نفي هذه الاخبار ..و(بس خلاص ) ..المهم ..يا جماعة الخير ..والذين بيدهم الحل والعقد في امر المناهج والتعليم ..اعيدوا للتعليم هيبته ..وللغة العربية مكانتها ..وبالذات حصص الاملاء ..ودروس المطالعة والمكتبة ..والنصوص والاناشيد ..وكل تلك الكتب التي ظلت محفورة في أذهاننا رغم تباعد الزمن والتقدم في العمر.
(نجي بعد دا للافتات )..الذين يقومون على أمر اللافتة عادة ما يكون جل همهم هو المبلغ الذي يتم انفاقه.. وتصديقه واستخراجه ومحاولة (مباصرة) جزء منه للصالح (الخاص) ..الى هؤلاء المذكورين آنفاً.. عندي ليكم مفاجأة صغيرة ..تخيلوا ان تصحيح العبارات المكتوبة خدمة مجانية ..لا تنقص من المال شيئا ..فقط (أسأل قوقل) ..انفق جزء بسيط من وقتك للتدقيق في الكلمات المكتوبة في اللافتة ..فالخطأ اللغوي بعد قليل تعتاد العين عليه حتى يتم اعتماده بديلاً للصحيح ..ومن ثم يأتي زمن تصير فيه الأمية واقعاً وليست مجازا كما هو حادث الآن…في هذ الزمن السعيد الما بعيد.
المفارقة غير السعيدة انني وفي طريقي للعمل صباح أمس قرأت على ظهر حافلة ركاب عبارة (الذمن قدار) ..فوجدتني أهتف دون وعي (اقبل وين وأحكي الوجعة).
الجريدة
مفيد ممتع
الرسم الاملائي جزئية معارك الهوية الثقافية
محاولة اللجو الي جادة الصواب اللغوي جيدة كفعل و مطالبة و نشد اني. لكن بالرجوع الي نظريات اللغة نجد من خصايصها التحور و التحول و الابدال حتي فالمنطوق لدينا من الفاظ و معاني يختلف بعض الشي عن الجوار الجغرافي و تعدد ثقافاتنا و منها الغوية و معلوم بتاثيراتها فيبقي امر الرسم الاملائي مسالة وقت.وقد خطت موسوعة الوكيبيديا للمصرين نوع لغة متفرعة تحترم ( الشين ) المعلقة باواخر الكلمات.
فليس من المستغرب ابدال حرف ( الحا ) بحرف (الهاء ) مثلا ( هب ) بدلا عن حب .. فعجميتنا المتسعة و ليس الامية هي السبب علما عجميتنا القديمة هي التي ولدت لغة الضاد و هو درس تاريخ نوبي و من قبل بجاوي لم يكتمل. و في ( الضاد ) هذه قصة فالاخوة بجزيرة العرب تبدل الضاد بالظاء … الرياظ بدل عن الرياض. و يمكن الرجوع للمغتربين للتأكيد.
فارحموا حالكم و شدوا حيلكم في برامج شاملة توازن ما بين تقبل الذات كهوية ثقافية و محو امية.و المعترك تفعلية لا غلبة فيه الا بمرور قد يدرك و قد لا.
اتفق مع اسامة يوجد في المملكة من يقراء ولا الظالين بدلا من الضالين ويوجد ايضا كلمة يلحك بدلا من يضحك