وسط ترقب للوساطة الأممية!! هل ستفلح (الـمحاور الأربعة) في لم الشمل وصولاً لاستئناف الانتقال؟

الخرطوم: محجوب عيسى
دون بوادر حلٍّ وشيك، طرحت أحزاب أبرزها “الأمة القومي، والشيوعي، والبعث” رؤى للخروج من الأزمة المركبة والتي تمُرُّ بها البلاد والتي زادت تعقيداً عقب إجراءات 25 أكتوبر ما أجبر قوى الثورة في إعادة النظر حول كيفية استعادة الثورة واستكمال الانتقال عبر توحيد رؤية لتوافق سياسي ينقذ البلاد من خطر التفكيك والانهيار، حيث توقع مراقبون نجاح التوافق السياسي في تقليل الاحتقان بالبلاد وقالوا إنه خطوة إيجابية لاختراق وتفادي الانسداد السياسي والانكفاء الذاتي من قبل العسكريين والمدنيين ولجان المقاومة مشددين على ضرورة دعمها ومناقشتها بصورة جادة لتحقيق أهداف الثورة.
وحسب ما ورد في إفادات القوى السياسية والتي استنطقتها (اليوم التالي) فإن أبرز ملامح الالتقاء تكمن في أربعة محاور أساسية، تبدأ بإطلاق حوار شامل مع جميع القوى باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية لقيادة الفترة الانتقالية، كما تتضمن إدخال تعديلات على الوثيقة الدستورية لتواكب المتغيرات السياسية، وأخيراً التأكيد على قيام انتخابات نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، هذا ما يتفق أيضاً مع رؤية رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لحل الأزمة السياسية والمعلنة عقب لقاءٍ جمعه برئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي في فبراير الماضي.
وفي الوقت ذاته وجد التوافق المطروح بين القوى السياسية انتقاداً من تجمع القوى المدنية ووصف بأنه غير واضح، كما أنه لم يوضح مرجعيته الدستورية ورهن الخروج من الأزمة عبر جلوس القوى الثورية الحريصة على التغيير والاتفاق على تغيير بأسس ووثيقة جديدة بشراكة كافة القوى السياسية بما فيهم لجان المقاومة وتمثيل واضح للنساء، إلا أن الموقف حول رفض الحوار مع المكون العسكري أيضاً يمكن أن يقرأ في إطار نسف المبادرات في مهدها.
وتدور محاور الحل على أربعة مستويات أولاها القوى السياسية وثانيها الإقليمية والأممية علاوة على مبادرة المكون العسكري وما تقدمه لجان المقاومة من مواثيق وآخرها المشوره التي يُقدمها الأصدقاء والمقربون من ملف السودان.
توافق السياسي
كشف حزب الأمة القومي عن ملامح التوافق السياسي الذي قال إنه يطرح أجندة وثوابت وطنية متفق عليها تتمثل في رفض الانقلاب، وإبطال إجراءاته وقراراته، فضلاً عن مساءلة مرتكبيه، وإقامة البديل وصولاً لاستكمال الانتقال، وإتمام السلام وانتشال السوادنيين من قاع بئر العوز والتضييق الاقتصادي، بالإضافة إلى استعادة مكتسبات الحكومة الانتقالية على الصعيد الإقليمي والدولي.
وأكد القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق أن التوافق السياسي المزمع الإعلان عنه يشمل كافة القوى السياسية دون استثناء حتى المشاركين في الانقلاب وانتهاكاته علاوة النظام المباد ومن معه.
إبطال انقلاب
وأبان الصادق في تصريح خص به (اليوم التالي) أن الهدف من تسريع التوافق الوطني الحاجة الماسة واستباق محاولات الانشقاق والاختراق التي تنشط عليها أجهزة وإدارات لم يسمها وتصرف عليها صرف من لا يخشى الفقر والبلاد حالها يغني عن سؤالها وفق تعبيره، علاوة على أنه يأتي ضمن مساعي الحزب الدؤوبة لإبطال الانقلاب وإيقاف نذر الكوارث وإنهاء شبح الانهيار القادم.
وقال إن الحزب سيظل يعمل مع كافة الحادبين والشركاء من قوى حية وتكوينات مدنية ولجان مقاومة وتكتلات شبابية وأجسام مطلبية ونسوية ومجتمعات أهلية لإيقاف التدحرج المريع وتحقيق أجندة وشعارات ضحى من أجلها الشعب السوداني.
واعتبر أن التوافق السياسي في البلاد حادث وأمر واقع بين كافة الأطراف المناوئة لإجراءات 25 أكتوبر، وتابع: كما أنه اتسع ليشمل بعض الذين شايعوا الانقلاب في بواكيره ويحاولون القفز من سفينته “عسكر ومدنيين” سيما وأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، الأمر الذي خلق معسكرات للاستقطاب الحاد للكتلة المدنية ومحاولة تمزيقها.
وطبقاً للقيادي بحزب الأمة القومي فإنه من المقرر أن يتم الإعلان عن التوافق الوطني الأسبوع المقبل الا أنه عاد وقال إن الإعلان ربما يأخذ بعض الوقت بسبب تأخير وصول الرد النهائي لبعض الجهات بجانب أحداث مواكب يومي (14 و15) مارس.
خطوة إيجابية:
وفي السياق يرى المحلل السياسي الطيب العباسي، في إفاداته لـ(اليوم التالي) أن التوافق السياسي المزمع طرحة من قبل حزب الأمة القومي خطوة ايجابية لاختراق وتفادي الانسداد السياسي والانكفاء الذاتي من قبل العسكريين والمدنيين ولجان المقاومة وقال إنها فكرة يجب أن تدعم وأن تتم مناقشتها بصورة جادة لتحقيق أهداف الثورة علاوة على التأسيس لفترة انتقالية مدنية لجهة أن المرحلة الانتقالية ليست مرحلة مكاسب ذاتية.
وبحسب العباسي فإن البلاد بحاجة إلى رؤية توافقية لتحريك المياه الراكدة تتبعها كافة الأطراف السياسية سيما وأن البلاد في حالة انهيار سياسي واقتصادي وأمني وعدلي، وشدد على ضرورة غض الطرف عن كافة معوقات مسيرة البلاد والارتقاء بها، كما دعا القوى السياسية إلى التفكير في كيفية تأسيس دولة بما يرضي الجميع من كفاءات وطنية ذات سلطة مدنية مستقلة.
رؤية غير واضحة:
وفي الأثناء رهن تجمع القوى المدنية الخروج من الأزمة عبر جلوس القوى الثورية الحريصة على التغيير والاتفاق على تغيير بأسس ووثيقة دستورية جديدة بشراكة كافة القوى السياسية بما فيهم لجان المقاومة وتمثيل واضح للمرأة.
وقالت القيادية بالتجمع أمينة محمود في إفاداتها لـ(اليوم التالي) إن رؤية حزب الأمة غير واضحة وإنها لم توضح ركيزتها الأساسية، وتساءلت: “هل التوافق يرتكز على الوثيقة الدستورية القديمة للعام 2019، أم على وثيقة جديدة”، وأضافت أن الرجوع إلى الوثيقة القديمة مرفوض من قبل معظم القوى الحية لأنها قائمة على الشراكة مع العسكريين وأنها مجربة ولم تذهب إلى الأمام فضلاً عن أن الرجوع وترميم الماضي لا يأتي بنتيجة، ولا بد من معالجات جذرية لكافة القضايا.
وكشفت محمود عن اتصالات مع كافة القوى السياسية الحادبة على التغيير حول كيفية تكوين الجبهة عريضة لحل الأزمة حسب تعبيرها.
وثيقة جديدة:
وفي وقت سابق كشف الحزب الشيوعي عن بدء قوى سياسية في خطوات عملية للاتفاق حول وثيقة دستورية جديدة لإنقاذ البلاد وإعادة الثورة إلى مسارها الطبيعي.
وأكد الحزب بحسب الناطق الرسمي باسمه فتحي الفضل في تصريح لـ(اليوم التالي) أنها لا تضم وجوداً للمكون العسكري وبقايا النظام السابق والذين ساهموا معه في ضياع ثلاث سنوات من عمر الثورة، وقطع بعدم العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر خاصة مبادرة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، سيما وأنهما يرتكزان على الوثيقة التي أصبحت ليست الوثيقة التي تم التوقيع عليها في العام 2019.
نتائج مقبولة:
وفي الاتجاه ذاته أكد المحلل السياسي الرشيد أبو شامة نجاح التوافق السياسي المزمع الإعلان عنه خلال الأيام القادمة في حل الأزمة السياسية الراهنة والوصول لنتائج مقبولة من كافة الأطراف سيما وأن التوافق يساند ويدعم المبادرة الأممية رغم معارضة بعض القوى السياسية لها والتي تم دعمها من قبل الاتحاد الأفريقي بغرض حل الأزمة وأن يكون الحكم للمدنيين، وتوقع أبو شامة في حديثه لـ(اليوم التالي) أن يحظى التوافق السياسي بتأييد واسع من القوى السياسية حتى العسكريين والقوى الدولية والإقليمية، علاوة على جمع كافة المبادرات تحت سقف واحد كركيزة للتوافق.
إصلاح مؤسسي:
وبدوره أطلق حزب البعث العربي الاشتراكي رؤية سياسية للفترة الراهنة للقوى السياسية والاجتماعية تعمل على إسقاط الانقلاب العسكري وتكوين حكومة انتقالية لأقصر فترة انتقالية ممكنة وجود جيش وطني حديث وظيفته الأساسية حماية النظام الدستوري، وسيادة ووحدة الوطن وسلامة أراضيه واستكمال مطلوبات الإصلاح المؤسسي في القضاء والنيابة العامة والمراجع العام، واستكمال مسيرة السلام وتحقيق مطلوباته وعلى رأسها تنفيذ الترتيبات الأمنية بما ينهي ظاهرة التشكيلات العسكرية خارج القوات المسلحة فضلاً عن ولاية وزارة المالية على المال العام وعلى موارد شركات ومؤسسات القوات النظامية وإخضاع إدارة الشركات ذات الطبيعة غير العسكرية للوزارة المختصة وإعادة التفاوض مع مؤسسات التمويل الدولية وفق شروط جديدة تمنع إلغاء أعباء المعالجات الاقتصادية الهيكلية على الشعب والمنتجين الصغار، وحشد الموارد الذاتية والحفاظ على موارد البلاد وثرواتها، بالإضافة إلى اعتماد نهج الاقتصاد المختلط متعدد القطاعات وتوازنها، وإعادة تأهيل القطاع التعاوني لتنمية الموارد في تلبية احتياجات الشعب، الشمول المالي للسيطرة على الموارد وضبط الإنفاق ومحاربة الفساد والمحسوبية والمحاباة بزيادة الصادرات والتوسع في الصناعات التحويلية، والتخطيط لمغادرة تصديرها كمواد خام بإدخالها في سلاسل القيمة المضافة وترشيد الواردات، بجانب تنمية الصادرات.
إصلاح قوانين:
وبحسب الرؤية التي تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منها أنها تعمل على تعدد المصادر الإيرادية وتوسيع الوعاء الضريبي، وإصلاح القوانين واعتماد مبدأ الضريبة التصاعدية والضرائب النوعية، وخفض الإنفاق الحكومي الاستهلاكي وإصلاح الجهاز المصرفي وتعديل قوانينه ولوائحه بسيطرة الدولة على القطاع المالي، واعتماد النظام المزدوج، وأيضاً تصفية مرتكزات نظام الـ30 من يونيو 1989 في كل القطاعات الاقتصادية والمالية والأمنية والعسكرية وتنقية المؤسسات القضائية والخدمة المدنية وجهازي الأمن والشرطة من العناصر المرتبطة بهذا النظام، وإعادة النظر في كافة القوانين التي صدرت في عهد هذا النظام، بما يخدم التحول الديمقراطي وتحقيق مبدأ العدالة الانتقالية والعدالة الجنائية لمحاسبة كل من ارتكب جرماً في حق الشعب ومؤسساته الدستورية منذ 30 يونيو 1989 وحتى سقوط انقلاب 25 أكتوبر وقيام مفوضية قومية للانتخابات من عناصر نزيهة ومتوافق عليها للإشراف على الانتخابات، علاوة على إعداد مسودة دستور دائم تعرض على البرلمان المنتخب لمناقشتها وإجازتها وعرضها في استفتاء شعبي، وإقامة علاقات خارجية متوازنة وتتفاعل إيجابياً مع قضايا محيطها العربي والأفريقي وتعزيز أواصر الوحدة العربية والأفريقية والتكامل الاقتصادي والاجتماعي وتناصر قوى التحرر الوطني والتقدم والتيار المناهض للعولمة الراسمالية المتوحشة وتناهض الاحتلال والعدوان والتمييز العنصري.
=-=-=
اليوم التالي