جنوب كردفان: ليس من رأى كمن سمع !

أن تجلس إلى قادم أو قادمة من مناطق النزاع المُسلّح المُستعر فى جنوب كردفان ، لتستمع إلى بعض إفادات و” شهادات ” الفارّين والفارّات والناجين والناجيات من جحيم قصف (الأنتينوف) الحكومى هناك ، تشعر بمدى مرارة الأسى والحزن وعُمق الجُرح الإنسانى الكبير الناتج من قسوة الصراع والإحتراب اللعين، مضافاً إلى نبرة ” الغُبن ” (المشروع ) الذى يحمله إنسان تلك المناطق ” المُهشّمة ” لمُجمل سياسات (المركز) تجاه ( الهامش ) فى السودان ( الفضل ) من جرّاء عنف الدولة وآلتها العسكريّة فى مناطق سيطرة (الحركة) وصلف وجبروت وإستهداف وتمييز الأجهزة الأمنيّة فى مناطق ( الحكومة )، حيث الإعتقال التعسُّفى والتعذيب والقتل خارج القانون،يتم – للأسف – على السُحنة والهويّة ، وهذا وحده يُمكن تصنيفه وفق معايير حقوق الإنسان ومُفرداتها ” إنتهاك شنيع ” يقع تحت طائلة الإتّهام بإرتكاب ( جرائم الحرب ) و(الجرائم ضد الإنسانيّة ) و(الإبادة ) و( التطهير العرقى ) ،وهى جرائم تستحق التحقيق الدولى المُستقل ، وتضع المُجتمع الدولى وآلياته المعنيّة بحفظ الأمن والسلام العالميين – عاجلاً أم آجلاً – تحت مسئوليّات مُحدّدة ، يعرف تداعياتها وتبعاتها جيّداً صانعوا السياسات فى الخرطوم ، وكبار وصغار المُنفّذين فى مناطق النزاع ، إذا ما تدحرجت كُرة ثلجها ، وقد كانت دارفور ( مسرحاً ) لسيناريوهات مُشابهة .
الأرقام وحدها تحكى عن حجم المأساة ( قتلى وجرحى ومفقودين ونازحين ولاجيئين ) ” مئآت الآلاف ” ونقص كبير وعظيم ” لا يُقدّر بثمن ” فى ( الأنفس البشريّة ) و( الأنعام ) و( الثمرات ) ، وتوقُّف ” كامل شامل ” لعجلة الحياة والتنمية وإنعدام فى الخدمات الضروريّة فى التعليم والصحّة ، حيث يعيش إنسان المنطقة تحت رحمة ( الأنتينوف ) الحكومى ، يُقابله – حتماً – مرامى قذائف (هاون ) الطرف الآخر ” ردّاً للجميل ” الحكومى فى مناطق النزاع المُسلّح ، والأخطر من كل هذا وذاك ،تعنُّت و إصرار الحكومة على عدم السماح بتمرير العون الإنسانى والإغاثى للمناطق ( المنكوبة )، فى مُقابلة مرونة وإستعداد الطرف الآخر فى الصراع ” الحركة ” للتعاون – على الأقل- فى هذه الجبهة الهامّة بالذات .
أمام هذا الواقع الإنسانى المزرى و إستمرار حالة الإحتراب والعُنف المُسلّح ، لابُدّ من رفع الصوت عالياً لوقف الحرب ولتسريع تحقيق السلام المُستدام فى منطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق..ومن المُسلّمات ودروس وعبر التاريخ والجغرافيا ، أنّ مثل هذا النزاع لا يمكن – بل يستحيل – حسمه عسكريّاً لمصلحة أىّ من الطرفين المُتقاتلين ، مهما كان العتاد والإستعداد العسكرى لدفع فاتورة الإقتتال ، على المدى القريب أو حتّى البعيد، الأمر الذى يجعل من مواصلة الإحتكام للسلاح واللجؤ للحلول العسكريّة مُغامرات ليست “محسوبة صاح ” وطائشة وعدميّة ، وهدر لكافّة الطاقات والموارد التى يجب أن تُوجّه لتحقيق السلام عبر الحوار والتفاوض غير المشروط ، للخروج من الأزمة ، وإلّا فالكارثة والطامّة الكُبرى قادمة، لتفتيت السودان ” الفضل “..و رغم أنّنا- جميعاً – ننشُد الشراكة فى الوطن ، إلّا أنّ الذى يده فى الماء ( الساخن ) ليس مثل الذى يده فى النار..وصحيح أنّه ليس من رأى كمن سمع !.

مدارات
فيصل الباقر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..