مقالات وآراء

فولدر والمهمة الصعبة

 الباقر علي محمد الحسن

الحمدلله ،أن نعم الله على السودان كثيرة ، ومن أميز هذه النعم ، أن قواتنا النظامية بكل أطيافها ومشاربها،  واختلاف عقائدها القتالية ، أنها لم  تتعرض لتفتت وصراع فيما بينها أو يصيبها التشظي منذ سقوط نظام الإنقاذ قبل 3 سنوات ، بل ظلت متماسكة وقوية في وجه كل التقلبات السياسية وظلامية المشهد على إمتداد الفترة الإنتقالية ، هي تسد الثغور وتدفع عن البلاد الأعداء دون إن يعكر صفو التماسك وقوة العزيمة ذلك  الاضطراب السياسي الذي إعترى جسد الحكم وبنيته في فترة الإنتقال السياسي عقب ثورة ديسمبر المجيدة 2018 , كما يطيب في هذا المقام الإشادة بالإنضباط الذي تحلت به القوات ، قوات الكفاح المسلح والتي وقعت على إتفاق سلام جوبا وتماسكت بالرغم من التلكؤ الذي صاحب عملية الترتيبات الأمنية ومازال ،
كانت هذه المقدمة لازمة وواجبة،  لأن التصدعات التي شابت الأجسام السياسية والمهنية والحزبية في السودان في السنوات الثلاث  التي خلت لم نعهدها من قبل على الأقل من الناحية النسبية الى ما إنتهت إليه تلك الأحزاب والكيانات،  حيث أن في سابق تأريخها لم تصل بها المنكافات لمستوى تعطيل دولاب الحياة أو أن  يقاسي الناس  سيولة أمنية تقلق مضاجع كل الناس في مأمنهم ومعاشهم.حيث تأتى كل ذلك و تمخض عن الفراغ الذي تعاني منه البلاد منذ حدوث التغيير السياسي أو الإنقلاب في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 . لذا إشادتنا بالقوات أتت من إنفراط عقدها سيخلق فوضى لا يمكن ضبط إيقاعها مهما بذل من جهد لآعادة إيقاعها للمعهود والواجب المطلوب .

ما يهمنا في هذا المقال أن نقتفي أثر المؤتمر الصحفي لمندوب الأمم المتحدة السيد فولكر  والذي إبتدر حديثه بتسمية الأشياء بمسمياتها ، حيث وصف التغيير السياسي في 25 أكتوبر بالإنقلاب ، كما إنه نفى حمله مبادرة ليقطع الطريق أمام أي تكهنات لأي جهة سياسية أو إعلامية ، فولكر حسب ما صرح به ، سيلتقي كل الكيانات السياسية كل على حده حيث لم يستثني أحدا من تلك الكيانات والتي قد تشمل القوى الإسلامية التي تلعب دورا فاعلا في المشهد السياسي وما آل إليه رغم وقوفها خلف الكواليس
إذن على فولكر  أن يستصحب معه في جولاته لمقابلة القوى السياسية العسكرية ، المهنية ، الحزبية ، حركات الكفاح المسلح  والقوى الحديثة من شباب ومرأة ولجان مقاومة بعض ما سيقابله من معوقات أو فلنقل صعوبات في تقريب وجهات النظر وإلا سيزيد من الاختلافات والإنشقاقات بين الأطراف السياسية المتنازعة على السلطة وعلى البقاء على المشهد السياسي
العقبة الأولى ، والتي يجب النظر فيها بعمق وجدية وهي وجوب الإعتراف بالآخر من كل الأطراف مدنية كانت  أو عسكرية يتبع هذا الإعتراف إقرار بحق ودور كل طرف في العمل السياسي بهدف الإنتقال المدني الديمقراطي  .
العقبة الثانية ، أن عزل أي قوى سياسية مهما كان دورها في المشاورات التي يجريها فولكر ، ستلعب دورا سالبا في الوصول الى حل للأزمة الشائكة التي يعيشها السودان.
العقبة الثالثة ، أن الظروف السياسية مواتية لإن تظهر في الأفق أحزاب هلامية ليس لها وجود أصلا لتتمكن من إنتهاز الفرص والتسلق لتحقيق مصالح ذاتية وشخصية .
العقبة الرابعة ، أن بعض الأحزاب الصغيرة ، والتي استثمرت الإنشقاقات في الحرية والتغيير وتجمع المهنيين قد لا تتاح لها نفس الفرصة في الصعود لدسة الحكم مرة اذا حدث التوافق الوطني الحقيقي بقاعدة مشاركة واسعة.
العقبة الخامسة ،  وهي حصول المكون العسكري على مكاسب وخسران المكون المدني كل ما كسب في فترة الشراكة بينهما .
العقبة السادسة   ،    العودة الى ما قبل 25 من أكتوبر تظل مستحيلة في ظل المعطيات والأمر الواقع ومنطق التاريخ والرياضيات وعليه إيجاد منطقة وسط تعتمد على حجم التنازلات من كل فريق
العقبة السادسة   إذا تم البناء على المبادرات الوطنية مجتمعة دون تشخيص لسبب فشلها ، فولكر سيدور في حلقة مفرغة وسيتوه في غابة مليئة بالأشواك والألغام ولن يجد طريقا للخروج من المتاهة التي سيدخلها فيه النخبة السياسية التي تسعى بكل جهدها للظفر بأي غنيمة دون النظر الى المخاطر التي أحاطت بالوطن
العقبة الثامنة ، أن النخب السياسية المدنية ما زالت وبرغم كل ماحدث ، تتشاكس وتعاند بعضها ولم تخرج إلينا بكتاب واحد مبين .
حتى لا نتهم بالوقوف الى صف الإنقلاب ، نتساءل،  هل يمكن إستغلال الممكن في وساطة فولكر لإنجاح مهمته وأن لا نضيع الفرصة الأخيرة.
قناعتنا أن فولكر سيمشي فوق أشواك وألغام،  جزر منفصلة غير متصلة ، سينهكه المسير ، ولا ندري ماذا يكون مصير المحاولة الأخيرة .
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يا كاتب المقال قواتنا ظلت متماسكة ولكن الاصح لانها اصبحت مدجنة لصالح الحركة الاسلامية وافرغت من العناصر الوطنية وبقاءها من عدمه لن يغير شيئا ولماذ لا تدري كيف سينهكه المسير لانه بصريح العبارة يريد ان يضع كل البيض “غثه وثيمنه” في سلة واحدة!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..