قسطرة مستشفى الشعب ولعاب الطب الخاص

لن ينصلح أمر الصحة في السودان، ما لم يتم تطهير كيان ولسان المؤسسة الصحية في بلادنا من لعاب الطب الخاص.. لم نر يوماً أي وزير صحة اتحادي أو ولائي مر على هذه الوزارات يتحدث عن خطط وقائية من الأمراض التي تفتك بالمواطنين أو يتحرك خطوة واحدة في هذا الاتجاه..
مثال بسيط على ذلك، مستشفى الشعب لأمراض القلب الذي أذكره بمناسبة تعطل أجهزة قسطرة القلب هذه الأيام، التي سأعود للتعليق عليها في آخر المقال، لكن مثل هذا المستشفى الذي تتحمل الحكومة وديوان الزكاة جزءاً فقط من تكاليف عمليات القلب التي تجرى فيه، وتعجز عن تحمل كامل الكلفة فيدفعها المريض.. هذا المستشفى يستقبل المئات من حالات الإصابة بأمراض القلب يومياً، ثلثها تقريباً يفارق الحياة بسبب الذبحات القلبية – حماكم الله وشفاكم منها – وهذه الأمراض جزء كبير من أسباب الإصابة بها يمكن تجنبه والوقاية منه خاصة الذبحات القلبية حيث أن أهم أسبابها هي الوزن الزائد والإصابة بالسكر وضغط الدم، وهذا يعني أن تقليل نسبة الإصابة بها لا يحتاج لأكثر من التوعية بالأغذية الصحية وتهيئة الظروف للرياضة والمشي..
مضمار مثل مضمار الساحة الخضراء بولاية الخرطوم.. مساحة لرياضة المشي وإنقاص الوزن وتذويب الكولسترول لماذا لا يكون الدخول لهذه الساحة مجاناً..؟
لماذا لا تترك الولاية ميادين الأحياء كمساحات لممارسة رياضة المشي وإنقاص الوزن والوقاية من هذه الأمراض.. وتشجع المواطنين على ذلك.. إن ما ستدفعه ولاية الخرطوم في تهيئة هذه المساحات للنساء والرجال لممارسة رياضة المشي الصحي الآمن يخفف على خزانتها هي نفسها نسبة مقدرة من الأموال التي نفترض أنها تدفعها وتتحملها أو تتحمل جزءاً منها على الأقل في تكلفة العلاج، من نفس هذه الأمراض وتكاليف العمليات الجراحية..
لكن لعاب الطب الخاص في الكيان الصحي يلوث تفكير هذا الكيان.. ويجعل كل جهوده منقوصة.. حتى ولو افترضنا صدق الزعم بوجود مظهر من الاهتمام بتطوير الخدمات الصحية لكن الواقع أنهم لا يقومون بتبني خطط إستراتيجية وقائية متكاملة لتقليل نسبة المرض.. وهناك مصالح خاصة تستفيد وتستثمر في استمرار حالة المرض في هذا البلد..
وبالعودة لتعطل أجهزة قسطرة القلب بمستشفى الشعب هذه الأيام كما نقلت بعض الأخبار أمس.. نقول في التعليق على موضوع تعطل هذه الأجهزة في كل مرة إن هناك تاريخا سيئا في ملف تعطل أجهزة التشخيص والعلاج في المستشفيات الحكومية وخاصة في مستشفى الخرطوم وهو تاريخ قديم، حين كان الكثير من فنيي الأشعة في زمانٍ مضي يتسببون في تعطيل أجهزة المستشفى الحكومي ليذهب المريض مضطراً إلى عياداتهم الخارجية المجاورة – في غالب الأحيان – للمستشفى نفسه..
صفحة تعطل الأجهزة في المستشفيات الحكومية صفحة سوداء من صفحات التاريخ الصحي وتجعلنا بكل صراحة نتشكك – دون معلومات – في احتمالات وجود شبهات حول حكاية تعطل أجهزة القسطرة في مستشفى الشعب الذي يلجأ إليه المواطنون بسبب فاتورته الأقل من فاتورة المستشفيات الخاصة، هل نتوقع أن يتم التحقيق في هذا الملف..؟
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. للأسف الشديد الحكومه وديوان الزكاة والقائمين على أمر الصحه ضاربين بصحة المواطن عرض الحائط. لماذا لا تقوم الحكومة بتوفير الاجهزة العلاجية اللازمه لهذه المستشفيات ولماذا ديوان الزكاة يقف مكتوف الايدي فى عدم دعم هذه المستشفيات بالاجهزة الواجب توفرهاللآسف الشديد الحكومه رفعت يدها من كل هذا فى ظل وجود منظمات خيريه ومنظمات مجتمع مدني تفي ببعض الاشياء وذلك لضيق سعت اليد. الاستثمار فى المستشفيات الخاصه أصبح ظاهرة غريبهوأصبح الانسان البسيط مجبر بالذهاب اليها ولو كلفه أن يبيع كل مايملك من أجل أن يتعافى .
    الفساد طال كل هياكل الدولة ومؤسساتهاوأصبحت رائحته تزكم الأنوف.
    أين سياسة توطين العلاج بالداخل ولا مجرد شعارات ينادي بها هؤلاء
    لك الله ايها المواطن المغلوب على أمرك..
    وما الله بغافل عما تعملون.. الظلم ظلمات يوم القيامه.. وما للظالمين من أنصار
    وحسبي الله ونعم الوكيل ….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..