أخبار السودان

تغيير اجتماعي.. الشباب وتحديات قيم السلطة الأبوية

الخرطوم – زهرة عكاشة

لأن الشباب هم حماة وعصب المستقبل، لابد من التقرب إليهم وتوادّهم لمعرفة الأشياء التي تؤثر في سلوكهم سلباً، فحمل مركز دراسات المجتمع (مدا) مسؤولية ذلك حتى أنه لم يتوان في إجراء الدراسات الأسرية التي من شأنها الوصول إلى الأسباب، ومن ثم إيجاد الحلول الناجعة لها.

وكانت آخرها ورقة الشباب وتحديات قيم السلطة الأبوية التي احتضنتها قاعة الشهيد الزبير، وقدمتها د. فاطمة وقيع الله أستاذ مساعد بكلية الدراسات الاجتماعية والاقتصادية بجامعة بحري، وعقب عليها كل من بروفيسور هاجر حبو حسن محمد صالح، وإدارت النقاش أميرة الفاضل مدير المركز.

قبول ورفض

أشارت د. فاطمة وقيع الله إلى أن الموضوع يؤرق المجتمع السوداني لأنه يؤثر في الأسرة التي تعد أصغر وحدة فيه. وقالت إن المجتمع السوداني شأنه شأن بقية المجتمعات في تعرضه لظاهرة تغيير اجتماعي في كافة أركانه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتابعت: الناظر للأسرة كأصغر وحدة مكونة للبناء الاجتماعي، وعندما نريد العلاقة بين الأب والأبناء، لابد أن نتحدث عن الأسرة التي يتم فيها تطبيق هذه القضية، وذلك للصراع القيمي بين الآباء والأبناء، لأن الآباء لهم قيمهم الخاصة التي يريدون غرسها في أبنائهم أو يملوها عليهم، التي قد لا يرفضونها، وفي ذات الوقت ربما يفرض عليهم الواقع عدم الاستجابة لها.

تحديد العلاقة

وأكدت من خلال الورقة أن هناك مفاهيم ذات صلة تؤثر في تحديد مفهوم العلاقة بين الآباء والأبناء، لذلك لفتت د. فاطمة إلى أن مفهوم الشباب المقصود هنا الأبناء من الجنسين الذين تخطوا مرحلة الطفولة إلى سن المراهقة أو تجاوزوها، ويتم التعرض للجنسين على حد سواء، إذ لم تعد هناك فروق فعلية بينهم من حيث الإعداد للمستقبل وإدارة دفة الحياة، أما عن القيم الاجتماعية، قالت: معروف أنها موضوع أو حاجة أو اتجاه أو رغبة ويستخدم المصطلح عندما تظهر علاقة تفاعلية بين الاتجاهات والحاجات والرغبات من جهة وبين الموضوعات من جهة أخرى. أما في علم الاجتماع والانثروبلوجيا القيمة تعني المستويات التفاعلية المشتركة التي نحتكم عليها في تقييم الموضوعات والاتجهات الأخلاقية أو المعرفية.

وأردفت لتحديد العلاقة بين نسق القيم والبناء الاجتماعي والثقافي، يتضح لنا أن هناك عدداً من المبادئ التي تؤثر في وجود القيم ومدى ثباتها أو تغيرها، حيث تعد القيم مكوناً أساسياً في بناء نسق المجتمع، وذات تأثير واضح في اختيار أعضاء المجتمع بأنماطهم السلوكية وبدائلها، لأنها تلعب دوراً كبيراً لصول المجتمع لأهدافه وغاياته، وتحمل أيضاً من الصفات المعنوية التي تمكن الآباء من تحقيق إشباعهم في اتجاهاتهم المعنوية والنفسية، وفي نهاية الأمر هي تعبر عن المجتمع فيما يحدده من أنواع الثواب والعقاب على من يلتزم بها أو يخرج عنها، فالقيم التي تحكم العلاقة بين الآباء والأبناء بحسب د. فاطمة تعبر عن مفهموم السلطة الأبوية، فالأبناء تحكمهم قيم الاحترام والطاعة لأوامر وقرارات الآباء والاستجابة لتوجيهتهم فيما يتعلق بسلوكياتهم.

السلطة الأبوية في الريف

أما التنشئة الاجتماعية قالت د. فاطمة إنها عملية تلقين للقيم والمعايير منذ الطفولة لتصبح أساس يقوم عليه، ويظل الإنسان يتعرض لها طيلة حياته، وأشارت إلى أن الأسرة في ريف تعتمد السلطة الأبوية الكاملة، فنجد الأب هو من يتولى أمر الصرف على العائلة ويسيطر على الأبناء بالتوجيه حتى عند الزواج هو من يملك قرار ذلك، وهذا عكس ما يحدث في المجتمع الحضري الذي يعتمد على الأسرة النووية المكونة من الأب والأم والأبناء التي تقوم على العامل الاقتصادي الذي يتطلب عمل كل أفراد الأسرة للإيفاء بمتطلباتها، الأمر الذي أدى إلى غياب الكثير من القيم التي تحكم تلك الأسرة.

هجرة وأقران

وترى د. فاطمة أن العامل الاقتصادي أحد أهم العوامل التي أدت إلى تغير السلطة الأبوية. وقالت نلاحظ كثيراً أن أهل الريف هجروا الزراعة والرعي ونزحوا إلى العاصمة، بسبب الحروب في جنوب السودان والجفاف والتصحر الذي ضرب غرب السودان في ثمانينيات القرن المنصرم، كلها عوامل أدت إلى عدم الاستقرار الأمر الذي ترتب عليه تغير اقتصادي عمل على تغير اجتماعي مع التغير الديموغرافي الذي حدث آنذاك، بالإضافة إلى أن موجات الهجرة التي اجتاحت البلاد في السنوات الأخيرة أدت إلى تشتت أفراد الأسرة. وقالت د. فاطمة إن زحف المدينة السودانية نحو الريف أيضاً خلق نوعاً من التقارب المكاني، الأمر الذي سهل من اختراق ثقافة الحضر للريف.

الخروج للعمل

لافته إلى أن خروج المرأة والرجل للعمل خلق ضغطاً وإرباكاً على العلاقة داخل الأسرة، فأصبح الطفل يقضي أطول فترة من اليوم مع أقرانه، فتلقائياً يجد نفسه مع أصدقائه أكثر من أسرته، وبالتالي يتأثر سلوكه بهم سلباً أو إيجاباً، فضلاً عن أن العولمة خلقت وحدة تكاملية مع الشباب حتى أنهم باتوا منفذي خططها وبرامجها، وأضافت: بل أضحت عالمهم الذي يحققون فيه طموحاتهم في مراحل عمرية مبكرة، ونبهت د. فاطمة إلى انتشار وسائل الاتصال التي ساهمت بشكل كبير في إضعاف العلاقة الأسرية عبر ما تبثه القنوات الفضائية وانشغال الأبناء طوال الوقت بمواقع التواصل الاجتماعي بالشبكة العنكبوتية التي ساعد جهاز المحمول بتطبيقاته الذكية جذبهم إليها لتوافره وسهولة حمله.

صراع اجيال

وتابعت: أيضاً لعب التعليم الخاص دوراً في ذلك، وقلل من من فعالية العملية التعليمية في بناء وتكوين شخصية الأطفال عندما اصطبغ بصبغة استثمارية، ولم تعد المدرسة تقوم بمهمتها في غرس القيم المجتمعية. وقالت د. فاطمة إن صراع الأجيال الذي عبر عنه العلماء (الفارق الزمني) ظهر لنا من خلال الصراع القائم بين الآباء وما يحملونه من قيم تكرس للسلطة الأبوية، وبين الأبناء الذين يتبنون قيم الحرية والديمقراطية

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. دة كله رد فعل لأبناء الذوات والأثرياء حملة الجوازات الأجنبية الذين إنضموا لداعش وجبهة النصرة دون إذن من أسرهم،، المفروض في ندوتكم دى أحسن تشيلوا عليهم الفاتحة لأنهم سوف لن يعودوا بل سيفنوا عن بكرة أبيهم مع بقية سافكى الدماء،، قال تغيير إجتماعى قال دول تربوا في المجتمعات الغربية وما عندهم علاقة بالسودان سوى جامعة مأمون حميدة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..