مشاهد الحرب الأهلية.. رسائل حزب الله لوأد مطالب نزع السلاح

في خضم أزمة اقتصادية ومعيشية يعاني منها لبنان عادت الأصوات المطالبة بنزع سلاح حزب الله لترتفع في ظل إمساكه بالسلطة، حيث كان له الدور الأكبر في وصول الوضع إلى ما هو عليه سواء بالفساد أو خطف البلاد للمحور الإيراني.
وبعد وقفة احتجاجية الأسبوع الماضي، رفضاً لسلاح حزب الله، ثم تجددها السبت، بدا واضحاً أن هذه الانتفاضة لم ترق للمليشيا، لتبدأ عبر مناصريها حملة مضادة بعد ساعات فقط من المظاهرة الحاشدة وسط بيروت.
وبدأ التوتر على خلفية شعارات مذهبية أطلقها مناصرون لمليشيا حزب الله وحركة أمل إلى أن تحولت العاصمة بيروت، وتحديدا المناطق التي كانت تعرف بخطوط تماس خلال الحرب، إلى ساحة معركة ومواجهات استخدمت فيها الأسلحة، وأعادت لبنان لمشاهد الحرب الأهلية.
واستمرت المواجهات لساعات قبل أن تهدأ بعدما سجلت اتصالات سياسية على أعلى المستويات ودخل رجال الدين على الخط عبر بيانات متعددة.
تهديدات حزب الله
الباحث السياسي، لقمان سليم، اعتبر أن المطالبة بنزع سلاح حزب الله ليست أمرا جديدا؛ بل مطلب يعود إلى العام 2005 بعد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، حيث عقدت منذ ذلك الحين طاولات حوار بين زعماء الأحزاب حول هذا الموضوع.
وأعاد سليم التذكير بتعهد حزب الله آنذاك بأن كل شيء قابل للتفاوض بما فيها سلاحه، لكنه وبدل ذلك عمد إلى استخدامه مرة في الداخل وأخرى خارج الحدود، إلى أن أخرج الحديث عنه من دائرة النقاش تماما.
وقال الباحث السياسي اللبناني لـ”العين الإخبارية” إنه مع انطلاق التحركات الشعبية في أكتوبر 2019 عادت هذه الأصوات وارتفعت مطالبة بنزع سلاحه انطلاقا من عدة أسباب أهمها أنه أحد الأسباب الكبرى للأزمة والهيمنة ومنافسة دويلة حزب الله للدولة.
ومع ذلك عاد حزب الله مجددا إلى التلويح بـ”خطوط تماس الحرب الأهلية” عبر التهديد في الشارع لكل من يرفع هذا الشعار.
وخير دليل على تهديدات حزب الله ما تعرض له المحتجين خلال الترحكات التي انطلقت في أكتوبر الماضي، وكان هو من بين الذين تعرضوا للاستهداف المباشر ؛ حيث كان سليم مشاركا مع زملاء باحثين له في ندوة في وسط بيروت، وتحدثوا عن دور هذا السلاح.
وأكد أن سلاح حزب الله فقد شرعيته داخلياً وخارجياً وأخلاقياً بعدما استخدمه ضد اللبنانيين ودخوله في حروب خارجية، وبات بالتالي عبئا على اللبنانيين.
ونبه إلى أن الأسابيع المقبلة ستشهد تحركات أكبر ضد سلاح حزب الله، ودعوات لتطبيق القرارات الدولية التي تنص على نزعه، قائلا “كلما تفاقمت الأزمة الاقتصادية ستتعالى الأصوات وتتوسع دائرتها بعدما بات السلاح عورة وليس مفخرة”.
وقال: “ما شهدناه مساء السبت هو رسالة سياسية واضحة من حزب الله مفادها إما أن يبقى السلاح أو نحرق البلاد ونذهب إلى حرب أهلية”.
نزع السلاح
ولا يختلف موقف مسؤول الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور عن رأي سليم فيما يتعلق بسلاح حزب الله؛ حيث اعتبر هذه الأزمة أحد أسباب التي أوصلت البلاد لأزمة الاقتصادية حاليا.
لكن ومع تأييده المطلق لمطلب نزع سلاح حزب الله، يرى جبور أنه في الوقت الحالي سيكون من المجدي أكثر الضغط عبر القضايا المعيشية الاجتماعية التي تؤثر بشكل أكبر على تلك المليشيا.
ولفت إلى أن “حزب الله استغل هذا الأمر لتحريف الأمور إلى مكان آخر وضرب الثورة ، وهنا تبرز أهمية سؤال اليوم: هل هناك إمكانية لمقاربة السلاح وهل يمكن الوصول إلى أي نتيجة؟
وتابع جبور: “الواقعية تجعلنا ندرك أن المصلحة تقتضي إبقاء الضغط على حزب الله من الباب المعيشي الذي تعاني منه بيئته كما كل اللبنانيين لأن من الباب السياسي لا يمكن الوصول لنتيجة، لأن ذلك يتطلب ظروف داخلية وخارجية غير متوفرة”.
وأضاف: “ثورة 17 أكتوبر بدأت تحت عناوين اجتماعية ومعيشية لكنها أربكت حزب الله في لبنان بشكل عام وفي بيئته بشكل خاص لأنه يستطيع أن يستنفر شارعه دفاعا عن السلاح إلا أنه لا يمكنه فعل ذلك عند مواجهة مطالب بحل الأزمة المالية والاقتصادية”.
وتجمع متظاهرون لبنانيون، السبت، وسط العاصمة بيروت، للاحتجاج ضد حزب الله ومحاولته بسط النفوذ على الدولة اللبنانية وفساد الطبقة الحاكمة، بحسب محتجين.
وتعرضت قوات الجيش اللبناني للرشق بالحجارة والألعاب النارية ما أدى لوقوع إصابات بين صفوفه أحدهم بليغة في العين، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام بلبنان.
وأوقفت وحدات الجيش اللبناني، 4 أشخاص (سوري، فلسطيني وسودانيين)، لقيامهم بأعمال شغب وتكسير خلال الاحتجاجات.
وحذرت قيادة الجيش اللبناني من خطورة انزلاق البلاد إلى موضع خطير يطيح بالوحدة الوطنية ويمزق السلم الأهلي ويغذي الانقسام.
وطالبت اللبنانيين بالوعي لدقة المرحلة وخطورتها، وضرورة الالتزام بالإجراءات الأمنية، مشددة على أنها لن تتهاون مع أي مخل بالأمن أو عابث بالاستقرار.
وكانت المظاهرات قد شهدت مواجهات على مقربة من مقر البرلمان بوسط بيروت، بين المحتجين الذين عمد بعضهم إلى تحطيم واجهات المحلات، وعناصر الأمن الذين أطلقوا عليهم قنابل الدخان لتفريقهم.