إنقاذ الجنيه

معاذ منصور :

لست أعلم سبباً واحداً يجعل الحكومة والاقتصاديين بالبلاد يصبرون كل هذا الصبر المخجل وهم يطالعون تدهور قيمة الجنيه السوداني امام العملات الاجنبية وارتفاع معدلات التضخم، بهذه الصورة القاتلة التي القت بنتائجها على كاهل المواطن البسيط، وظهرت آثارها على تغيير انماط استهلاكه، وتم حذف العديد من السمات بعضها يعد من الضروريات.
والدولة تتفرج وكأن الامر لا يعنيها، لدرجة انها اولت اهتماماً لعلاقة لاعب بناديه الرياضي اكثر من الامور المعيشية الطاحنة، ولم تتم أية مراجعات ملحوظة للسياسة النقدية تعجل بوقف نزيف الجنيه السوداني، ولم نسمع حتى بتطبيق جاد لسياسة خفض الانفاق الحكومي التي اوعزت بأنها ستعمل على انفاذها ان لم يكن العكس قد حدث.
موارد الدولة من النقد الاجنبي بعد خروج النفط باتت اكثر من محدودة، بل وأوشكت على الجفاف، فالصادرات في تدنٍ ملحوظ بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، وما تفرضه الحكومة من ضرائب والتزامات وتعقيدات جمركية وعائدات العمل بالخارج باتت في مجملها تصب خارج النظام المصرفي، والسبب متعلق ايضاً بالسياسات النقدية المفروضة وغياب المحفزات لهذه الفئة التي تزداد يوماً بعد آخر ــ القريب والبعيد ــ يتلهف للحصول على تأشيرة سفر تبعده عن هذا الهم المتزايد.
اليس بامكان الجهات ذات الصلة بأمر تدهور الجنيه الجلوس بصدق وتدارس الامر والاستعانة بمن هم خارج هذه الدوائر وحتى بخبرات اجنبية، لوقف هذا التدهور واتخاذ ما يلزم بقرارات اكثر جرأة تبدي خلالها تنازلات للعاملين بالخارج وتحفزهم لضخ مدخراتهم بالبلاد وتعويضهم بمنح امتيازات لتعليم ابنائهم بالداخل، بدلاً من القسوة التى يُعاملون بها في الظرف الحالي، والنظر اليهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
أما قضية الوفود المتنقلة بين جوبا واديس ابابا، فاقترح أن تحول مصاريفها الباهظة لمعالجة بعض الامور الحياتية، مثل توفير العلاج لمرضى الكلى، فكل يوم نتأكد ان نتائجها لا تتعدى تصريحات باهتة وابتسامات صفراء مزيفة لا تسمن ولا تغني من جوع، وما هو مخطط له هو الذي سيمضى فإن كانت الحكومة عازمة على تقديم تنازلات لتخرج من المأزق الحالي، فلتذهب او تعود أدراجها وتبحث عن حل لقضاياها الاقتصادية بعيداً عن بترول الجنوب.
أما التصريحات المبشرة التي نسمعها من المسؤولين يوما بعد يوم دون ان نرى طحيناً، اما ان تكون صدقا والفساد هو من ابتلع نتائجها وإما أن تكون نفاقاً وتخديراً يؤثم مطلقوها ومن يتلاعب بمشاعر هذا الإنسان البسيط الذي بات متعلقاً بكل ما يرى فيه الخلاص ، وسمعنا عن التعدين خاصة في الذهب وكميات تفوق الخيال، ومصنع هو الاول في افريقيا، وما زلنا نتراجع عن المربع الاول وعن مصانع سكر تنتج وتنتج، واوشك الناس العودة لشرب القهوة بالتمر، وعن مشروعات زراعية هنا وهناك والمواطن اصبح متفرجاً على السلع المعروضة في الاسواق من لحوم وخضروات وفواكه، والذين تمتلئ بهم شاشة التلفاز ليسوا هم المعنيون بكل ما يجري، فالنعمة بادية على وجوههم وليسوا ممن يعاني ويلات تدهور الجنيه المريع. وعناد وتعنت الحكومة ليس هو الحل، فالسودان مليء بخبرات اقتصادية احدثت تحولاً في اقتصاديات الدول من حولنا، ولتكن اكثر جرأة في الاستماع لما تحمل حناياهم، فلربما كان الحل بين ظهرانيهم.

الصحافة

تعليق واحد

  1. اى عملية تجارية لها مصروفات وايرادات فالدولة تصرف على شؤونها من بند المصروفات فى الميزانية وتقوم بتجنيب الايرادات ولم تودعها ففى هذة الحالة لن يكن هنالك توازن بالمرة0 وهذا بموجب تصريح وزير المالية000

  2. هل متوقع في ظل حكم الكيزان الطفيلين جنيهنا كان حيكون زي الجنيه الاسترليني؟؟؟؟؟
    المشكلة بعد اقتلاع النظام الفاسد ده هل باستطاعتنا ارجاع المليارات الاتنهبت؟؟؟؟

  3. إن السودان بخير فأبناؤه ملأوا الدنيا بخبراتهم الكبيرة ولعبوا دورا كبيرا في جميع المؤسسات الدولية الاقتصادية والسياسية منها والاجتماعية ، فليس عيب على الحكومة أن تأخذ زمام المبادرة لاستقطابهم في معالجة المشكلة الاقتصادية.وفي داخل السودان لو صدقت النوايا ووضحت الرؤى فإن حل المشكلة الاقتصادية لا تحتاج فترة زمنية كبيرة . ففي عهد دكتور عبد الوهاب عثمان كان الدولار لاكثر من 3 سنوات في مكانه لم يتغير . يجب ان تعترف الدولة اولا بالمشكلة فليس عيبا أو خصما منها بل يعتبر كسبا لها .اتمنى ان تقوم الدائرة الاقتصادية بتبني رؤية استراتجية واضحة في استقطاب مدخرات المغتربين بعيدا عن الاماني وذلك بتوفير محفزات لجلب تلك المدخرات فدولة مثل اسبانيا طرحت مشروعا لجذب المدخرات من كل العالم بمنح الجنسية لمن يشتري بيتا فيها بملغ 200 الف يورو وانا اقترح ان يسمح للمغترب بإحضار سيارة اي موديل مقابل ان يحول للبنك ما يعادل سعرها بالريال او الدولار مثلا سيارة قيمتها 10 الف دولار يحول قيمة 10 الف دولار بالسعر الرسمي للبنك و يعفى من جماركها بنسة مقدرة في فترة الاغتراب لمرة واحدة دون تحديد خروج نهائي .وثانياعمل مشروع زراعي كبير وتقوم الدولة بتجهيزه كاملا وتفتح باب الاكتتاب فيه للمغتربين على ان تسند إدارته لشخصية زراعية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة وكذلك فتح باب مشاريع ناجحة صحية وسكنية وتجارية … وعلى الله قصد السبيل

  4. الاخ دولار القيامة كن قامت التقوم ان شاء الله علي الاقل نرتاح من عفن بني كوز الوسخين ديل ونرتاح من منافقي الدنيا وعفنها وقذارتها

  5. هل هي محض صدف…
    ام تدابير اقدار…
    ***- وان ياتي هذا المقال اليوم 19 ديسمبر الحالي ومعه صورة الراحل مجدي محجوب…وهونفس تاريخ اعدامه شنقآ بسجن (كوبر) في عام 1989?!!…فالراحل مجدي تم اعدامه في 19 دسيمبر 1989 بعد محاكمة عسكرية هزيلة، والغريب في الامر ان المبالغ التي صودرت من خزينة العائلة في نوفمبر 1989 ولم تورد لوزارة المالية او بنك السودان حتي اليوم !! لقد نهبوها علانية اولاد الحرام وانتفعوا بها كملكية خاصة وليست اموالآ تسلم للجهات المسؤولة بالمالية او بنك السودان، ومنع (المجلس العالي لثورة الانقاذ) الصحفيين من التطرق لموضوع اعدام مجدي،ومنعت ايضآ نشر اي موضوع او خبر عن مصادرة الاموال من الضحايا مجدي وبطرس واركانجلو!!

    ***- اليوم 19 ديسمبر الحالي والذكري ال23 عامآ علي استشهاد الراحل مجدي الذي مانسيناه، ويوم القصاص ات بلا ريب، فويل للسفلة القتلة، وسندرككم ونقدمكم للعدالة، ولن تنجو من القصاص ولو كنتم في بروج مشيدة…..والكلام لك يا المنطط عينيك…وساكن في العمارات بفلوس الضحايا!!

  6. أخـوي الحـبــــــــوب،

    حليم،
    ***- وسررت بعودتك للكتابة بعد طول انقطاع، كلنا معك في دعائك وان يحفظ الله ماتبقي من السودان الفضل، ويقنا من شر الفتن والمصائب والإقتتال التي قتلت نحو 2 مليون سوداني، وشردت 10 مليون ومازلت المحن تتواصل والاغتيالات مستمرة بلا توقف وبالامس القريب قتلت السلطات الامنية طالب بمرحلة الاساس، وسقطت طائرة انتينوف ومات الطيار بعد ان اتم عمليات قصف، وازدادت عزلة النظام بعد تقربه من ايران ….

    ***- ومابعيد ان ينتهي البشير شر نهاية وقبل بشار الأسد بسبب سياساته الهزيلة وتخطيطاته البليدة، وتمسكه بالرأي القائل (ان كل مشاكل البلاد تحل بالسلاح!!)، سينتهي البشير نهاية مرة عام 2013 لان كل الحلول لاحلال السلام والأمن بطريقة البشير قد فشلت، ولا يبقي الا الحل الثوري وبث روح اكتوبر وابريل في الجماهير …وغدآ لناظر قريب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..