قصة ثلاثة عشر ساعة في زنزانة بقسم الدروشاب

بينما يستعد نصرالدين يوسف الطالب بجامعة بحري وزملائه لتناول الإفطار حوالي الساعة الحادية عشر صباحاً بالكدرو _أم القرى شمال _ وهي المنطقة التي استأجر الطلاب منازل يسكنون بها لقربها من الجامعة البعيدة عن وسط المدينة , كانت السنة اللهب تعانق سماء جامعة بحري والفوضي تعم المكان , لم يعرف نصرالدين وعدد كبير من زملائه حتى اللحظة خبر الحريق المشتعل في اركان الجامعة لولا أن احد زملائه هاتفه ليخبره بالحدث وليحذره من القدوم الى الجامعة ولسان حاله أن الجامعة ” كتـــــمت ” .

لم تكتف ” الكتمة ” بمحيط الجامعة بل تمددت الى الجوار حيث مساكن الطلاب وطوقت المكان , فكان نصرالدين الذي لم ينهِ محادثته بعد في يد الشرطة موقوفاً لأجل لا شئ لتبدأ بعدها قصة الثلاثة عشر ساعة في زنزانة بقسم الدروشاب .

لم تقلِ الشرطة للطلاب ادخلوا مساكنكم ليحطمنكم جنودنا الأشاوس , بل اقتحمت مساكنهم واعتقلت الطلاب الذين لم يذهبوا اصلاً الى الجامعة ولم يسمعوا باحداثها , اعتقلتهم الشرطة حفاة عراة إلا من ملابس النوم , وبعضهم جائع لم يفطر بعد .

النهب والتخريب طال ممتلكات الطلاب ولم يسلم بعضهم من الضرب والعنف اللفظي والبدني , ولم يخطر ببال رجال الشرطة وهم يتعاملون مع الطلاب بمثل هذه الوحشية جراء ذنب لم يرتكبوه , لم يخطر ببالهم أن هولاء هم قادة المستقبل والمُعَول عليهم في رفعة البلاد ونهضتها وإنقاذ اهلها من الفقر والجوع والجهل والتخلف بمن فيهم رجال الشرطة .

بلغ عدد الطلاب الموقوفين من مساكنهم ومن محيط الجامعة اكثر من 75 طالباً بقسم الدروشاب , هب معارفهم وزملائهم لعمل اللازم لإخراجهم بالضمان الشخصي , وبرغم بساطة الإجراء الا ان تعقيدات الواقع المرير ابقت الطلاب رهن الحراسة حتى بعد منتصف الليل , وبعضهم لم يجد من يوفر له الضمان فاضطر للمبيت في الحراسة .

في الوقت الذي خرج فيه الطلاب حوالي الثانية عشر ونصف منتصف الليل يكون د. تجاني سيسي رئيس السلطة الاقليمية لدارفور والموقع على الاتفاق الذي بسببه احتج الطلاب مطالبين بحقهم , يكون سيسي نائما على فراشه الوثير ممتلئ البطن مما لذ وطاب بعكس طلاب الحراسة زُغب الحواصل لا طعام ولا منام , وكذلك أمين حسن عمر مسئول مكتب سلام دارفور ورئيس وفد الحكومة في مفاوضات الدوحة الذان لم يكلفا نفسيهما بتصريح صحفي لشرح ملابسات قضية اعفاء طلاب دارفور من الرسوم , ويكون في الوقت ذاته مدير جامعة بحري لم يفهم بعد كيف صبت لجان محاسبة جامعته الزيت على النار وهي تحسب أنها تختار العقوبة المناسبة لردع الطلاب عن أي سلوك مشابه , فإذا بجملة الخسائر التي وقعت جراء رد الفعل يساوي أضعاف المبلغ المطلوب سداده للجامعة .

عموماً تمثل حادثة جامعة بحري أحد مظاهر الفشل المتكرر في واقعنا السوداني والذي لم ننتبه لخطره إلا بعد الإستفحال .

وفي الأخير شكرٌ مستحق للاستاذ عبدالله ضيفة المحاضر بجامعة بحري وهو يتابع قصة الثلاثة عشر ساعة في الزنزانة قلقاً ودعاءاً وكذلك للاستاذ محمد ضياء الدين عضو القيادة القطرية لحزب البعث والعم أمين فلين وللدكتور الرائع عمر الكنزى والدكتور عبدالماجد عبدالله Majed Abdallaرئيس شوري طلاب المؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم الذي تكبد المشاق ووقف على خروج معظم الطلاب واطمأن عليهم والشكر ايضاً الى الاستاذ عثمان عيسى امين شباب الشعبي بولاية الخرطوم لوقفته المشرفه مع الطلاب وللبطل الجسور والشاب الخلوق آدم ادم زكريا وللسيدة الشجاعة تراجي مصطفي Tragi Omer Mustafa وللاستاذ معاوية عبدالباقي وللشيخ الصابر صابر مالك ولكثير من ابناء وطني الذين يبعثون الأمل بمستقبل واعد ..

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لا شك ان التحريض الاساسي صادر عن الحكومة ظنا منها انها تخيف الطلاب و تشكمهم، و هذا هو دورها و ديدنها. لكن يجب الا يظن احدنا ان الشرطة تفهم مقاصد الحكومة لانها مشغولة بالجانب الذي يخصها و هو السرقة و اللصوصية، فالأحداث في الجامعة لماذا اذن يقتحمون مساكن الطلاب؟ لأنهم يعلمون ان الطلاب داخل الجامعة ليس معهم شيء يسرق الا اللهم موبايل او ساعة، اما اقتحام السكن فلانهم يعلمون ان به ممتلكات الطلاب على قلتها، لذلك كان اقتحام السكن بغرض السرقة فقط، فهي شرطة تتكون من عصابات للصوصية و السرقة ابتداء من شرطة المرور مرورا بكل أقسامها. خلي واحد يقنعني بان عنف الشرطة بسبب الغيرة على الأمن رغم رواتبهم الضعيفة، و اوع واحد فيكم يقول لي فيهم ناس شرفاء، مافي مافي مافي مافي.

  2. مصداقاً لما كتبه الأستاذ حافظ كبير، فقد اتصل بي أحد عساكر قسم الدروشاب شمال حوالى الساعة الخامسة مساء يبلغني أن إبني الذي يدرس بالفرقة الأولى جامعة بحري في القسم، ويطلب حضوري لأضمنه.. ولأنني (بعافية) كما يقول الأخوة المصريون، اتصلت بشقيقه الأكبر ليذهب إليه ويضمنه.. فإذا بهما يدخلان المنزل عند الثانية صباح اليوم التالي بالرغم من وجود عربة معهما.. لقد استغربت جداً من (كشة) إبني، لأنه صغير جداً و(ما زول شدايد)، وليس له اهتمامات سياسية أو جهوية أو قبلية.. في الصباح سألته عما جرى، قال لي: نزلنا من البص في طريقنا إلى الجامعة، فإذا بمجموعة كبيرة من الطلاب تجري في اتجاهنا .. والشرطة تطاردهم، أما أنا فلم أجر إلى أي اتجاه، فقبضوا على وأوسعوني ضرباً.. حتى أنهم في النهاية ذهبوا للمستشفى لأن ظهري كان يؤلمني، وعملوا لي صورة أشعة، وبقيت بلا طعام لمدة 14 ساعة حتى وصلت إلى البيت
    رسالتي إلى الشرطة التي وقفت معها كثيراً كصحفي: أن خافوا الله في شباب وطنكم حتى لا تغرسوا فيهم كراهية الوطن نفسه.. فأي سلطة مهما طال أمدها إلى زوال، ويبقى الوطن، والعنف يولد العنف المضاد.

  3. أنا محتار من ضباط الشرطة الذين يقفون متفرجين وجنودهم تضرب الطلاب الصغار … أليس لهم أبناء ؟؟؟ لماذا لا يتخيلون أن أبنائهم في نفس هذا الموقف !!!؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..