أماني الطويل وتنميط الشعب السوداني

“آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريقة. ” حبيبنا ومولانا علي بن أبي طالب
د. مجتبي سعيد عرمان
خرجت علينا الدكتورة أماني الطويل المهتمة بالشأن السوداني، وربما الخبيرة الاستراتيجية- فلا يهم- بتصريح مفاده:” الذهنية السودانية ثأرية وصفرية وغير متسامحة.” هكذا وبضربة لازب ترسم “الست” الدكتورة أماني الطويل صورة ذهنية (Mental image ) لشعب بكامله وهي صورة مجافية تماما للتضاريس الأجتماعية والثقافية التي شكلت هذا الشعب الذي يبذل الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا، كما شاهدناه علي أيام أعتصام القيادة العامة “ما عندك شيل ولو عندك خت.” و أماني الطويل تتنقل هذه الأيام من قناة (الحدث) إلي (العربية) ذات التأثير النفطي وتصول وتجول على عباد الله المساكين الواقعين تحت وابل الرصاص الذي لا يفرق بين المدنيين العزل والعسكر الحكومي. وهي تتجول من قناة إلي قناة بخفة العصافير في شارع النيل العظيم قبل الحرب وتطلق تلك الأحكام بدون وازع أكاديمي للدرجة العلمية التي تحملها ! وما افادت به يعرف بالتنميط أو ما يعرف بالأنجليزية ( Stereotyping): ( وهو يعني في سياقات علم النفس الأجتماعي رسم صورة ذهنية مسبقة وغارقة في التعميم حول مجموعة من البشر أو الأشياء وغالبا ما تكون مجافية للواقع. والتنميط بالطبع سلبي ولا يراعي الفروقات الفردية والواقع الأجتماعي والثقافي المعقد.
وكما أسلفت لو كانت تلك الدعاوي يطلقها “صغار” الصحفيين الذين يملاؤن القنوات ضجيجا من كل شاكلة ولون من داخل السودان وخارجه وبدون كتاب منير لما اعرناهم انتباهة فهؤلاء لا أحد يحفل بهم! ولكن أماني الطويل كان حريا بها أن تحترم حرف الدال الذي تحمله ولا تلبس ما تطلقه من أحكام لبوس العلمية وعليها أن تلتزم ب (Academic rigor ) أو الصرامة والدقة الأكاديمية والحشمة المطلوبة عوضا هذا الهراء الذي تطلقه في الهواء مجافيا لحقائق الصراع الأجتماعي والسياسي في سودان اليوم.
وليت أماني الطويل قالت النخبة لقنا لها ربما تكون علي حق، ولكن كل الشعب السودان!! فهذا والله فيه تجني علي شعب بكامله – وطبعا الشعب مثله مثل كل شعوب الدنيا وبه ما به من الأمراض الإجتماعية مثل الاستعلاء- والذي كتبنا عنه وهو مبذول في الفضاء الاسفيري ويمكن لأماني الطويل أن تطلع عليه. ولكن الشعب السوداني كان وما زال يقاوم نظام حكم استبدادي بأسم الأسلام ومن وحي أفكار الترابي الذي حاول صياغة الشعب السوداني وأفكار سيد قطب الذي قال بجاهلية القرن العشرين. فشعبنا قام بثورة سليمة قابل بصدور عارية رصاص نظام الفاشية الاسلاموية وقدم رتل من الشهداء وحينما سقط النظام لم يأخد بالثأر من الذين ساموه العذاب. بل قدمهم لمحاكمات كانت تبث علي التلفاز ليشاهدها كل العالم علي الرغم ملاحظاتنا علي تلك المحاكمات. وقد رأينا كيف ثأرت الشعوب من حولنا حينما سقط الديكتاتور وكيف خربوا حتي مؤسسات الدولة وقاموا بنهب حتي الكراسي.
وزبدة القول، شعبنا لن يتنازل عن اقامة دولة القانون وسوف يذهب الجنرالات برهان وحميدتي كما ذهب عبود ونميري غير ماسوفا عليهما بل تطاردهم لعنات الضحايا ويبقي شعبنا شامخا كنخيل بلادي. وقديما قيل أن يبتهوفن أراد مقابلة الامبراطور ولكن الحراس سدوا الأبواب في وجهه فقال لهم:” أن التاريخ يأخذ ألف عام لينجب شخص مثل بيتهوفن ولكن الزمن يلد كل يوم قيصرا يحكم ويذهب إلي الشيطان فينسي”. فطلب الامبراطور من حراسه أن يسمحوا له بالدخول ويعتذروا له. وبالطبع نحن نعيش عصر فساد الروح ونؤمن بالقدر كما كبار متصوفتنا ولكن القدر بلغة اليوم هو الصراع الإنساني وحينما كان الإنسان فتيا خاطب ذاك الأعرابي الخليفة العادل عمر صائحا: ” والله لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا”. وشعبنا الأعزل إلا من حناجر كنداكاته وشفاتته قاوم عسف الفاشية الإسلاموية التي قابلته بالحديد والنار وقابل آلة الموت العمياء بالأناشيد والزغاريط متجاوزا الحواجز الاثنية والانتماءات الضيقة: ” يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور”. وكان حريا بالدكتورة أماني الطويل أن تفضح العقلية العسكرية التي اشعلت الحرب وقصفت وهدمت منازل المدنية تحت بوت العسكر الأصم. فشعبنا أراد أن يكون في قلب المعركة ولم يتخلي عن ثورته المجيدة ليبتلعها الفرعون كما حصل في بلدان الربيع العربي ويستبدل مستبد عادل بمستبد آخر وخصوصا بعد أن اختلط النفط بالدم في أزمنة الأختلال والبحث عن الخلاص الفردي.
ورحم الله شاعرنا الفذ الفحل الراحل محمد الحسن سالم حميد “هوم ميد”: يا دنيا يانا ربات كتف رغم الفواج لا رجف ولا قال عوارضي ابت تخف.
فنظرة أماني الطويل نظرة أحادية بائسة مجافية لتضاريس الواقع الأجتماعي والثقافي الذي تشكل عبر سنوات طويلة من المسيحية والأسلام وكريم المعتقدات الأفريقية التي أنتجت الشخصية السودانية التي فجرت ثلاث ثورات اسقطت اعتي الديكتاتوريات في المنطقة وهذا ليس تصورا طوبايا بقدر ما هي حالة يجري التأسيس لها في مجري الصراع الإجتماعي وصراع الشعب مع جلاديه وقاهريه، ولكن كرهت المحاور الأقليمية والدولية التي تآمرت علي ثورة شعبنا بدعمها لإنقلاب البرهان. وشعبنا لو تعلمين كان يقاتل نظام فاشي ومجرم أقام نظاما أسلامويا كذوبا بحد السيف والمال ولمدة ثلاثون عاما عجافا أو كما قال محمود درويش: ” نحن يا أختاه من عشرين عاما لم نكن نكتب أشعارا ولكنا نقاتل.” ولعلك تعلمين أن الظابط دوما كداب كما قال عنه شاعرنا الفذ الخال عبد الرحمن الأبنودي في أحزانه: ” يا عم الظابط أنت كداب واللي بعتك كداب…مش بالذل حنشوفكم غير أو أسترجي منكم خير…”
وخلاصة القول وزبدته، شعبنا به ما به من قيم الحق والخير والجمال والكرم الفياض وأيضا به ما به من القيم التي لا تتماشي مع قيم ” الحداثة” الكونية وهي نتاج لسيادة عصور التخلف والكبت الإجتماعي وظلم الإنسان لأخيه وهي بالطبع ليست حكرا علي شعبنا وأنما كل شعوب المنطقة تسودها أوضاع في منتهي الرداءة والانحطاط وكل شيء يثير الضحك والمرارة …فلا بيع بدون غش وبالطبع الطبقات المسيطرة اقتصاديا وإجتماعيا تحاول أن تفرص قيمها التي تقوم علي السيطرة، وأنظري هداك الله في أشعار حبيبنا الفاجومي – أحمد فؤاد نجم لتجدي صحة ما أقوله. وشعبنا لن يستكين ولكنه رمي حجر في بركة الصراع الإجتماعي والسياسي لخلخلة البني القديمة التي أنتجت فساد الروح، وما قيمة الإنسان لو لم يقاوم العسف والانحطاط وبوت العسكرتاريا الأصم، أو كما قال كازانتزاكي: ” قيمة الأنسان كامنة في شيء وأحد فقط: “أن يعيش ويموت بشجاعة دون التنازل بقبول أي جزاء.” فالشعب الذي كسر أرض الظلام الزاحف حتي حواف القلب لن يستكين لجلاديه ودوما عمي الظابط كداب. ولو أردتي أن تصولي وتجولي علينا نحن عباد الله في السودان الواقعين تحت قصف المنازل، عليكي أن تحترمي اللقب الذي تحملينه وتحترمي المشاهد العربي وضميره الغير مسيس. وموعدنا الصبح ولو كرهت المحاور الأقليمية التي دعمت إنقلاب البرهان وتتعامل مع السودان كمصدر للموارد الزراعية والحيوانية والمياه الوفيرة. وقبل أسبوعين شاهدت علي التلفاز رئيس أحدي الدول الأفريقية رافعا أصبعه في وجه الرئيس الفرنسي مطالبا منه التوقف عن إعطاء الأفارقة مواعظ لحكم أنفسهم. يكفي جنرالات الحرب يا دكتورة أماني فكفي عنا تنظيرك الهراء! ونحن أدري بتضاريس الصراع الإجتماعي والسياسي في بلادنا وغدا سننهض من تحت الرماد وبوت العسكر الأصم.
اكيد غلطانة أن كانت تقصد الشعب اما ان كانت تقصد الذين أتوا إلينا بعد الثورة والله انا ذاتي محتار ديل بيحملوا الجنسية السودانية كيف.. ثلاثة سنه يمارسون السياسة بغباء مع العسكر إلى أن اوصلونا إلى مرحلة الحرب..الله لا كسبهم.
الكوز جليطة اتفووووووووووووووووو
شنو يعني قلة ادبك يا ممحون سامي
لا تفقه شيئا في شؤون السودان وتدعي الفهم
مثلها مثل كثير من النخب المصرية ترى ان العلم والهم والذكاء خلق للمصريين فقط.
ويمارسون هذه الروح الاستعلائية الجفواء ..ليس علينا وحسب بل على باقي الددول العربية.
وهذا النوع من المتعالمين هم سبب انتكاسة الاعلام المصري..وتراجعه بحيث اصبح نسياً منسيا وقد تفوقت عليهم القنوات الخليجية – على علاتها- ولولا ان هذه الطويل ظهرت في قناة خليجية فربما لن يهتم بها احد او بتحليلاتها لو ظهرت على قناة مصرية.
والغريب ان هناك من النخب السودانية من يحتفى بهذه الجاهلة التي تدعي العلم.
ألف شكر لصاحب المقال بتعريفي شخصية أماني الطويل…لم اسمع بها من قبل!!
بعيد عن مضمون المقال:
دكتور/ مجتبي، هل انت ابن سعيد عرمان، زميلي في جامعة القاهرة فرع الخرطوم عام ١٩٦٥؟!!
عرمان يا راجل ! ! !
يا راجل عرمرم متابط جنوبيه بت سلطان جنوبي و عيالو في إمارة بريطانيا ! ! !
يمكن ظهر ليه اخو و ايه المُشكِله ما عندنا حميرتي و طفح في المشهد واد اسمه القوني!!!
ممكن يا اخوي تاصل لينا اصل اسم القوني جزاك الله خير ….
سؤال مهم يا استاذنا بكري .الصائغ … والغرد من السؤال واقع لي تب ؟… ولكن ..
دكتورمجتبي هو ابن سعيد عرمان، وشقيق كل من عبد الفتاح وعبد الماجد، وهيثم وأظن ياسر … وهؤلاء هم ابناء المعلم مربي الاجيال منذ ايام بخت الرضا الاستاذ الجليل سعيد عرمان سعيد الحسن واصله من حصاية الدامر بالجعليين و انتقلت الاسرة استقرت وتقطن حاليا بحلة سعيد بالجزيرة ريفي الحصاحيصا وجدهم حسين ودحمد عرمان رجل عالم من علماء الدين والإفتاء …وحلة سعيد فتقع بين الكتير وطابت وبالتحديد بلغة مزارعية مشروع الجزيرة في مكتب العمارة كاسر ترعة سعيد ..
لعل هذا يجيب جزئياً علي الاستفسار؟؟!! ولايفتي وبكري فى المدينة !!..
رغم انى ضد توجه الحكومة المصرية الاخير تجاه السودان الذي يختزل ارث البلدين فى رؤي عسكرية سطحية ، الا ان كلام الطويل هو عين الحق ، وقديما قيل الجمل ما بشوف عوجة رقبته !.
و أن كان ثمة عزاء فى ذلك فأن وصفها ينطبق على المصريين انفسهم و كامل الشعوب العربية.
الا ان ما يهمنا هنا هو أن نستيقظ نحن لمصالحنا الخاصة من اوهامنا المجردة ، و ان نعمل على معالجتها.