هل قرارات القمة الإفريقية قابلة للتطبيق في جنوب السودان؟

محجوب محمد صالح
خيبة الأمل التي طالت المجتمع الإقليمي والدولي جراء مآلات الأحداث في دولة جنوب السودان، دفعت المجتمع الإقليمي والدولي لأن يقررا مواجهة الدولة الوليدة بإجراءات حاسمة، حتى لا تتدهور الأوضاع إلى مرحلة الانهيار الكامل، ولقد ظل الصراع الدموي يتصاعد في الجنوب منذ اندلاع الحرب الأهلية أواخر العام 2013، ووصل ذروته هذا الشهر والجنوب يستعد للاحتفال بعيد استقلاله الخامس، في معركة أدارها جيش الحكومة وجيش المعارضة مع بدء تنفيذ اتفاق السلام ووقف إطلاق النار الذي توصلت إليه منظمة الإيجاد بعد جهد طويل ومحادثات مضنية وضغوط دولية متواصلة، وجاء الصراع دموياً وحاداً وذا طبيعة عرقية قبلية هددت مستقبل الدولة.
لذلك صدرت قرارات مجلس الأمن الأخيرة وقرارات القمة الإفريقية المنعقدة هذا الأسبوع في العاصمة الرواندية كيجالي، لتعكس تأكيداً وإصراراً على المستوى الدولي وعلى المستوى الإقليمي للتدخل القوي والفوري لوقف نزيف الدم، ووضع حد لهذا الصراع المأساوي الذي وضع الدولة على حافة الانهيار.
أجاز الرؤساء الأفارقة في قمتهم قراراً بإرسال قوة عسكرية، تتشكل من خمس من دول الجوار الإفريقي (إثيوبيا ? أوغندا ? السودان ? كينيا ? رواندا) لتفرض السلام في الجنوب وتفصل بين القوات المتصارعة وتتولى مسؤولية الأمن في جوبا، وطلب الأفارقة من مجلس الأمن أن يعدل في تفويض بعثته المسؤولة عن حفظ السلام في دولة الجنوب، لتكون بعثة لتحقيق السلام أولاً، ثم حفظه ثانياً، وأن يلحق بها القوة الإفريقية لتتوفر لها الشرعية الدولية والإقليمية للقيام بهذه المهام، فتتولى بذلك الأمن وتفصل بين الجيوش وتوقف الصراع المسلح، حتى تتيح لحكومة الوحدة الوطنية التي أنشأتها اتفاقية الإيجاد أن تتولى عملية المصالحة الوطنية، وتجاوز الخلافات السياسية والعرقية، وتثبت دعائم استقرار يحمي المدنيين، ويسهل وصول العون الإنساني، ويرتق النسيج الاجتماعي الذي اهترأ نتيجة الحرب القبلية، حتى يتم الانتقال السلس إلى وضع دائم. كل هذه أهداف نبيلة من الناحية النظرية، لكن يبقى السؤال الأهم: هل هي قابلة للتطبيق على أرض الواقع؟
في مقال سابق تكهنا بصدور مثل هذه القرارات من القمة الإفريقية ومجلس الأمن، لكننا تنبأنا بأن تنفيذها على أرض الواقع مهمة صعبة، إن لم تكن مستحيلة. وتشير تداعيات الأحداث هذا الأسبوع إلى صحة ما قلنا به من قبل، إذ إن المعارضة المسلحة بقيادة ريك مشار قد قبلتها واعتبرتها استجابة لمطالبها، بعد أن غادرت قواتها مدينة جوبا وغادر وزراؤها حكومة الوحدة الوطنية عائدين بالموقف إلى المربع الأول، وفي ذات الوقت عارض المشروع الأممي والإفريقي رئيس الجمهورية سلفا كير ورهطه، وهدد سلفا كير بأنه لن يسمح بدخول أي جندي أجنبي جديد أرض الجنوب، وأنه سيقاوم ذلك وبدأ بتعبئة سياسية ومظاهرات شعبية لرفض ومقاومة القرارات.
ولا نظن أن الاتحاد الإفريقي مستعد لتنفيذ عملية عسكرية واسعة المدى في دولة إفريقية ضد رغبة حكومتها، لأن ذلك يعني أن القوة الإفريقية ستضطر لمحاربة جيش الحكومة، وهو جيش مدرب على حرب العصابات التي ظل يقودها على مدى عقود من الزمان، عندما كان يحارب جيش السودان قبل الانفصال، بالإضافة لذلك فإن الجنوب يعج الآن بالسلاح وبالميليشيات المنفلتة والمسلحة، وتضاريسه وغاباته تساعد حرب العصابات أكثر مما تساعد حرب الجيوش النظامية، ولذلك فإن المشروع الإفريقي غير قابل للتطبيق في أرض الواقع، وجيوش الدول الإفريقية ستتحسب كثيرا قبل الدخول في مستنقع حرب العصابات في جنوب السودان، وحتى لو تجرأت وفعلت ذلك فهي مهددة بالفشل وبإلحاق المزيد من المآسي بالمدنيين الذين عانوا طويلاً.
المخرج الوحيد المتاح للاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن هو استعمال هذه القرارات كوسيلة للضغط على أطراف الصراع في جنوب السودان، حتى يستميلهم إلى التسوية السياسية الشاملة، وإلى تحقيق السلام والاستقرار عبر مشروع جديد لاقتسام الثروة والسلطة، يعترف بالتنوع القبلي ويحقق الإنصاف والمساواة للجميع، وهو مشروع طويل الأجل لن يتحقق بين يوم وليلة، ويحتاج إلى صبر وعمل دؤوب وإرادة سياسية ما زال القادة الجنوبيون يفتقدونها، وربما أقنعتهم مآسي الحرب الأهلية بضرورتها ? ربما!;
العرب
سبحان الله يا محجوب
الموضوع لمن بقى عند الجنوبيين اصبحت يتطلب حكمة ومعالجة سياسية
ولمن يبقى على الشمال ما عندك غير سلم تسلم
منتهى التناقض
حتى دول الجوار الخمسة التي سترسل قوات عسكرية لحفظ السلام في دولة الجنوب..نصها موالين لسلفاكير ونصها موالين لريك مشار.. مافي فايدة اذا ما زادت الطين بله…
لن يستتب السلام فى الجنوب طالما أن ريك مشار يظل يؤمن بكجور قبيلته النوير بأنهم سيحكموا كل الجنوب فى يوم من الأيام،، تقسيم الجنوب أقرب من هذه الفكرة