مقالات وآراء سياسية

السودان – القابلية للإستعمار – قراءة في دفتر قديم متجدد

م. التجاني محمد صالح

يبدو أن أميركا قد قررت أن الفرصة سانحة الآن لكي تبسط نفوذها الكامل على السودان بوصفه أحد مكتسباتها التي حصلت عليها بموجب مشاركتها في الحرب العالمية الثانية كما هو معلوم . كانت لأمريكا محاولة خجولة سابقة لتوجيه السياسة في السودان بعيد الإستقلال ولكنها لم تجد القبول من مجتمع خارج لتوه من قبضة مستعمر آخر ما كان له أن يقبل بمستمر جديد في ذلك الزمان . ولذلك قررت أمريكا تأجيل تنفيذ خطتها الرئيسية لبعض الوقت والإستعاضة عنها بالعمل من الداخل بإنتهاج سياسة الفوضى الخلاقة لتخريب كل خطوة يخطوها المجتمع السوداني في سبيل تعزيز إستقلاله وتطوره . تأجيل المشروع الأمريكي لمدة نصف قرن كانت كافية لإدخال الدولة السودانية في حلقة مفرغة كانت نتيجتها تمزيق وتعفن الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية حتى بات المجتمع قابلا للترحيب بالمخلص الأمريكي ومطالبا به. ونحن نرى مظاهر ذلك جلية متمثلة في الترحيب الكبير بالدور الأميركي والغربي عموما الذي إختط لنفسه أخيرا رقعة جغرافية خضراء يدير منها نشاطه لتحقيق أهدافه في غياب تام للحكومة السودانية المشغولة بإدارة معاركها التي لا تنتهي.

هذا الوضع الجديد خلق في الواقع تنافسا كبيرا بين قوى أخرى منها الصين وروسيا على الموارد الطبيعية التي تذخر بها الجغرافيا السودانية. لقد أصبح السودان منذ مدة ليست بالقصيرة ساحة مفتوحة يلعب فيها الكبار والصغار من الدوليين والإقليميين ودول الجوار من خلال ممالأتهم لهذا الطرف المحلي أو ذاك.

إن ما يحدث الآن من قتل وتشريد ونزوح داخلي وخارجي ليس جديدا فقد حدث مثله قبل قرن من الزمان وأسفر في نهايته عن حقبة إستعمارية كاملة دامت لمدة ستة عقود تفنن فيها المستعمر في تشكيل المجتمع السوداني لخدمة أغراضه وقبل خروجه الصوري خلف وراءه من القوانين والنظم والمؤسسات

 

 

ما كان كفيلا بالمحافظة على جرثومة القابلية للإستعمار فاعلة. و ها هي ذات الجرثومة تؤتي أكلها الآن بعد أن عملت في هدوء و مثابرة على تمزيق الجسد السوداني من الداخل.
فهل الثورة السودانية واعية بما يكفي بالدور الكبير الذي ينتظرها؟ .

6 أبريل يحبنا و نحبه

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..