تذكار عزيز” يتوقف الزمن المتغير برهة عند محطة الفنان الذري..صوت لا يشيخ ولا يغيب..

الخرطوم – الزين عثمان/ ام درمان- نصر حامد
الناس هنا شوق يهدهدهم، يصنعون الحب، كلامهم أنغام ولونهم بسام، وحين يتقابلون يهتفون بالسلام، أو يتبادلون أغنية لإبراهيم عوض. قبل أن ترتفع راية الوطن في عام الاستقلال بعامين كانوا يفعلون ذلك قبل تحقيق (المصير) وبعده يكررون الفعل، الزمن المتغير يتوقف عند محطة الفنان الذري ليمنح الجميع لحظات من الهناء والأناقة، ويصفف الإحساس بضفيرة الصوت الذي لا يشيخ ولا يغيب أبداً.
الزمن يتوقف برهة حين تعلن الأجندة عن حضور يوم الثالث والعشرين من مايو، ففي هذا اليوم من العام 2006 ودعنا الحبيب وراح.. وزاد علينا الجراح.. إلا أن إبراهيم عوض يصدق في غنائه الحاضر، ويرسم تفاصيل المصير.. ليه تقولي انتهينا.. ونحن في عز الشباب.. نحنا مع الأيام بقينا.. قصة ما بتعرف نهاية.. ابتدت ريدة ومحبة.. وأصبحت في ذاتا غاية.. نحنا قلب الدنيا ديا.. ونحنا عز الدنيا بينا.. وتاني ما تقول انتهينا.!!
إبراهيم عوض التسريحة.. إبراهيم عوض سن الدهب البسامة.. إبراهيم عوض البدلة والمظهر الأنيق.. إبراهيم عوض عزيز دنيانا ومحاولة للحكي عن زول جمل للحروف ممشى.. وكتب اسمه بأحرف من نور داخل وجدان السودانيين ليصبح رقماً صعب التجاوز.. وحكاية ما بتعرف نهاية.. ابتدأت في حي العرب في العام 1933 ودوزن لها موسيقى الرحيل في مايو من العام 2006.. ثمانية أعوام من الرحيل لزول ساكن في ذاكرة الأمة، بل ما زال يحضر في حفلاتها وساعات طربها.. ورغم الموت تظل القضية أن الدنيا مع صوت الفنان الذري “منى وأحلام”.
ميلاد مبدع
في العام 1933 وفي حي العرب الأم درماني أو حي الطرب الأم درماني، ولد إبراهيم عوض عبد المجيد حسن حسين داؤود قلاش.. وينحدر عوض من أسرة تمثل خليطاً لتمازج المصريين بالسودانيين. حيث ما يزال بعض أهله في منطقة أسوان، وقد اشتهرت أسرته بالنحت، وشارك والده مع والد اللواء خالد حسن عباس في نحت تمثال كتشنر، وقد برع إبراهيم عوض لاحقاً في مثل هذا النوع من الإبداع كغيره من أبناء جيله.. في ذلك الزمان التحق بخلوة الفكي عثمان قبل أن يواصل في خلوة الشريف السوري. حيث درس القرآن والفقه والسنة ما ساعده في تقوية لغته العربية ومخارج نطق الحروف.. بعدها التحق بمدرسة العناية الابتدائية بالقرب من منزل أحمد حسن جمعة، لكنه لم يكمل تعليمه نتيجةً لظروف أسرته المادية. حيث لم يستطع إكمال دراسته، ووقفت خمسة عشر قرشاً لم تستطع أسرته دفعها ما أدى لتركه الدراسة من الصف الثالث، وامتهن بعدها بيع الأناتيك والمنحوتات الخشبية والأشكال الفنية، ويقوم ببيعها للسياح الأجانب.. بعدها امتهن صناعة أبواب الحديد والجملونات في ورشة المعلم ناصر بشير. حيث صار بارعاً في هذا المجال أيضاً.
بداية المشوار
“تسعتاشر سنة.. عمر الغرام.. عمر المنى”.. هي ذاتها كانت لحظة الانطلاق والدخول إلى ساحات صناعة المتعة للسودانيين بصوت إبراهيم الذي بات يملك عصا موسى (عوداً) صنعه بيده وأصبح يترنم على أنغامه مردداً.. غضبك جميل زي بسمتك، ورائعة عميد الفن السوداني أحمد المصطفى (أهواك يا ملاك)، وقد تعلم العزف على العود على يد علي سالم في تلك الفترة الباكرة.. صحبه صديق علي إبراهيم إلى منزل خاله عبدالرحمن الريح إلا أن فارق العمر، والقيم السائدة آنذاك كان تحرم تواجد الاثنين في مكان واحد، كما أن ودالريح كان مشغولاً بعمله الخاص في صناعة الفلكلوريات، لكنه كان بين الفينة والأخرى يتابع نشاط الشبان من خلال الشباك إلى إن جاء ذات يوم ليقول لإبراهيم عوض: (صوتك جميل) لكن هذا الجمال ليكتمل لابد من مشوار يتم قطعه، كان هو مشوار الإذاعة السودانية. حيث تتم عملية إجازة الصوت ليصبح بعدها إبراهيم عوض هو إبراهيم عوض.
صوت من عالم تاني
زود عبدالرحمن الريح إبراهيم عوض بثلاث أغنيات ألفها معاً وذلك من أجل غنائها في الإذاعة لإجازة الصوت، وهي أغنيات: (هيجتني الذكرى، أبسمي يا أيامي وعلمتني الحب)..
وبالفعل ذهب إلى الإذاعة وبرفقته الأغنيات الثلاث والتي كانت شرطاً لاعتماد أي فنان لإجازة صوته بالإذاعة، وتمت إجازة صوته بواسطة متولي عيد مدير الإذاعة وقتها، وكان ذلك في العام 1953 وفي نفس اليوم تمت إجازة صوت الفنان الراحل صلاح محمد عيسى، وطلب منه تقديم أغنية واحدة فقط لبثها للجمهور ومن ثم تحديد صلاحيته كفنان بعد أخذ رأي الجمهور الذي سوف يبعث خطابات تشجعك أو لا.. وقام بتسجيل أغنية (هيجتني الذكرى) برفقة الفرقة الموسيقية المكونة من حسن خواض ورابح حسن وعلاء الدين حمزة وبدر التهامي وبرعي محمد دفع الله وموسى محمد إبراهيم بحضور النور موسى مسؤول التسجيلات في ذلك الوقت، وبعد أسبوع تم بث الأغنية، ثم بعدها أرسل له مدير الإذاعة لكي يحضر ويأخذ الخطابات المتوالية من الجمهور لتشجيعه على مواصلة المشوار، وكانت أغلب الخطابات تتحدث عن جمال صوته وجودة أدائه وعمق ورصانة كلماته.. وهكذا أعطاه الجمهور شهادة بالنجاح إلا أن مشهداً آخر جدير بالمتابعة وهو التزامن ما بين إجازة صوت إبراهيم عوض وإجازة اتفاقية الحكم الذاتي، فالسودانيون صاروا على موعد مع مصير جديد يغنيه فنان مختلف لم يفوت الفرصة واستخدم ذكاءه، فكان أن غنى (أبسمي يا أيامي) ليصبح بعدها أنشودة عذبة على كل الشفاه..
كسرة فرح جديد
بعد إجازة صوته، مثّل إبراهيم عوض نقلة مختلفة في مسيرة الغناء السوداني، فهو لم يكن كغيره من الفنانين الذين انتهجوا منحى تقليد السابقين، فقد جاء بلونيته الخاصة وطريقته المختلفة في الغناء..
ذكر البروفيسور الفاتح الطاهر في كتابه (تاريخ الموسيقى في السودان) عن الفنان إبراهيم عوض مايلي: (إبراهيم عوض حين بدأ الغناء لم يقلد أحداً، بل على العكس، حافظ على استقلاله بأسلوبه الخاص بالغناء، وبذلك فقد أسس مدرسة جديدة في فن الغناء السوداني تتميز بالحيوية والحماس العاطفي.. ولعب دوراً كبيراً في إثراء الغناء بعد تبلور أغنية الكسرة بصفتها نوعاً مستقلاً بعد أن كانت تُؤدى في الماضي مع نهاية الأغنية الأساسية، ويعود الفضل في ذلك إلى المذيع صلاح أحمد محمد صالح والفنان عثمان حسين اللذين وقفا مع فكرة الفصل التام بين الأغنية الأساسية والكسرة).. وفي ندوة بجامعة الخرطوم في أواسط العام 1956 اشترك فيها عدد كبير من الفنانين بينهم أحمد المصطفى وعبد العزيز محمد داؤود، رفض المشاركون في البداية أفكار صلاح أحمد محمد صالح، إلا أنهم توصلوا بعد نقاش طويل إلى إقرار فصل الكسرة عن الأغنية الأساسية، وهكذا استطاع إبراهيم عوض المتميز بصوته الجميل والمعبر كمؤدٍ للأغاني الخفيفة الراقصة أن ينتصر للكسرة ولمنهجه الجديد في العملية الإبداعية. حيث أصبح واقعاً في النهاية ليجيء دور إبراهيم عوض بأغانيه الخفيفة التي سرت في كل اتجاه ونموذجاً لها: (أبيت الناس.. وحبيبي جنني.. ولو بعدي برضيه) لتصبح الأغنية الخفيفة نقطة تحول في مسيرة إبراهيم عوض الغنائية، ليرددها الشعب السوداني بأسره، وظل بعدها إبراهيم عوض حريصاً على التجديد والتجويد في كل شيء خاصة الألحان والآلات الموسيقية الحديثة المتطورة على الأوركسترا السودانية، ويعتبر من أوائل الفنانين الذين أدخلوا آلة (البنقز) على يد الموسيقي خميس جوهر الذي درس الموسيقى في القاهرة. كما أدخل إبراهيم عوض آلة (الأكورديون) عبر الموسيقار عبد اللطيف خضر. هُوجم إبراهيم عوض واتهمته الصحافة السودانية بأنه يريد أن يحول الأغنية السودانية إلى أغنية جاز, لكنه صمد حتى النهاية، بل تواصل تحديثه بإدخال آلتي (الجيتار والأورغ)..
الذري بتسريحته المختلفة
لقب الفنان الذري أطلقه عليه المرحوم رحمي سليمان، فقد تزامن ظهوره وصعوده بسرعة الصاروخ في سلم المجد مع تداعيات ظهور القنبلة الذرية، كما أن انطلاقته بتلك السرعة كانت أشبه بهذه الحالة التي كان يعيشها العالم في ذلك الوقت، يضاف لذلك حالة التأثر التي بدت على الشباب وتقليدهم لإبراهيم عوض، والمقابلة تبرز بالقدرة على التأثير في الجانبين.
يا وسيم الطلعة.. أبقى حاذر أوعى.. ونص الأغنية يتواءم ومؤديها بدرجة كبيرة، فقد كان إبراهيم عوض من أكثر الفنانين اهتماماً بأناقتهم وبتسريحة شعر خاصة أطلق عليها تسريحة إبراهيم عوض أو بـ(البقودية) وتعود قصتها إلى أنه وفي أثناء عمله في ورشة ناصر بشير لصناعة أبواب الحديد والجملونات، وكانت عملية استخدام الزيت (الرجيع) ملازمة لطبيعة عمله، ودون قصد منه كان يقوم بحك شعره ومسحه، ونتيجة لاختلاط الشعر بذلك الزيت أصبح غزيراً بصورة ملفتة، وكان وقتها مولعاً بحضور الأفلام الغربية في سينما الوطنية أم درمان، واقتبس تلك التسريحة من خلال أحد أبطال تلك الأفلام وقام بهندسة الشعر وعمل (الشقة) الشهيرة كشهرة صاحبها.
تذكار عزيز
في يوم الثلاثاء الموافق 23 مايو للعام 2006 كتب القدر نهاية المسيرة للفنان الذري إبراهيم عوض بعد نصف قرن من الغناء والمشاركة في إمتاع الشعب والغناء للحب وللوطن (أعز مكان وطني السودان) ولحسانه ولأفراحه ما جعل أعداداً كبيرة من الجماهير تشيع الراحل إلى مثواه الأخير في مقابر البكري مروراً من حي العرب، وتعدد مآثره وتتبعه صامتة إلا من حزنها عليه وتقديرها لما قدمه..
عوض قنديل.. الضوء الأخضر الذي سار خلفه حتى الكبار أمثال وردي.. ظل يغذي الأغنية السودانية بالدرر والروائع وجواهر الأغنيات.. كيمائياً أغنياته مثل الذرة لا تفنى ولا تستحدث من عدم.. وفيزياء صوته يصل حد المرونة.. وتأريخياً ظل يسهم في مسيرة الأغنية السودانية .
بدأ بعبد الرحمن الريح (هيجتني الذكرى) حتى وصل إلى سيف الدين الدسوقي، وبرحيله رحل (جمال دنيانا.. وتذكار عزيز.. ومين قساك.. وأنفاس الزهر).. رحلت مع الطيف، ولكن بقيت خالدة في الوجدان تسمح بمرور حبات الرمل وقطرات الندى في زمن التغول والكساد. إبراهيم عوض ظل أنيقاً مرتباً، مزج الفنان بالجمال والأناقة.. وارتبط مع الناس بهذا التميز.
وفي المتعة بقية
رحل إبراهيم عوض الذري، وبقيت جزئيات الإبداع تملأ كل الأمكنة، رصيد من الأغنيات تجاوز الـ150 أغنية، ورصيد من الألحان أيضاً، وحكاية ترافقك في كل خطواتك.. في الحافلات، الصوت الخارج من المسجل يخبرك أن هنا فناناً اسمه إبراهيم عوض.. في حفلة، ضجيج الحلة.. يجبرك الفنان الشاب أن تعقد مقارنة بين صوته وصوت إبراهيم عوض، فأغنيات الطرب ماركة مسجلة باسمه حين تحاول إقناع محبوبتك بما يدور في دواخلك، فإن طريقك يعبر بشارع إبراهيم عوض: (ما تسمع كلام.. ما تصدق وشاية.. مهما يقولوا ليك حكاية بعد حكاية.. ديل حساد وحاتك غايرين من هوايا) وحين تضيق بك الواسعة، فإن دواءك مكتوب عند إبراهيم عوض نهايته.. (أنا ما قادر أقول.. أنا ما قادر أصرح) فالذري أكبر من الكلمات، وإن رحل بجسده، فإنه سيظل في وجدان كل الشعب السوداني من خلال أغنياته المستقرة في الأفئدة.. له الرحمة.!
مازن إبراهيم عوض:
الفنان الذري تحول من المنشار إلى المزمار بأمر عبد الرحمن الريح
في زيارة كريمة سجلتها (اليوم التالي) لأسرة الفنان الذري إبراهيم عوض استقبلنا ببشاشة الدكتور مازن نجل الفنان الراحل إبراهيم عوض فقدم لنا إضاءات عن الأسرة وجذورها التي تعود لمنطقة الفلاشاب بأسوان في جمهورية مصر الشقيقة، وقد كان جده عبد المجيد يعمل في التجارة بين مصر والسودان وتزوج الجد من مدينة شندي ومن بعدها تزوج من مدينة رفاعة فطاب المقام لأسرة عبد المجيد واستقرت في أم درمان وبالتحديد في حي العرب حي الكنوز.. يحظى منزل عبد المجيد جد الفنان إبراهيم عوض بمكانة خاصة في حي العرب وقد سبقت شهرته الفنان الذري حيث تميز المنزل الكبير بتعدد بواباته فللمنزل 11 باباً، وبخلاف هذا المنزل الذي يقع في مربع كامل، للأسرة منزل أيضاً في مصر حيث جذور الأسرة هناك، وتحرص الأسرة بحسب مازن على قضاء الإجازات في المنزل الكبير بالمحروسة، وكشف مازن عن التواصل الحميم مع كل جذور الأسرة في مصر وشندي ورفاعة كما كشف عن العلاقة التي تربط هذه الأسرة بالإمام محمد أحمد المهدي وقال إن الصادق المهدي إمام الأنصار وزعيم حزب الأمة تحدث عن تلك العلاقة، وتحدث مازن بإعجاب شديد عن والده المكافح الذي ضحى بمستقبله الدراسي وترك المدرسة من مرحلة الكتاب لما تعرض والده الذي كان يعمل في ورشة لإصابة حرمته من مصدر رزقه الوحيد فترك الفنان إبراهيم عوض المدرسة وتصدى للمهمة الصعبة وعمل في ورشة والده وتولى مسؤولية الصرف على الأسرة بكاملها.. وانتقل مازن بعد ذلك للحديث عن التحول الكبير في حياة إبراهيم عوض من المنشار إلى المزمار وقال: “في تلك الورشة تعرف عليه الشاعر الكبير عبد الرحمن الريح وقد أعجب أيما إعجاب بالصوت الجميل الذي كان يدندن به أثناء عمله في الورشة فعرض عليه أن يقدم له عددا من الأعمال ليؤديها”، وأردف: “لعل حظ الوالد السعيد جعله يتعرف على شاعر مبدع ومرهف ونقي بقامة العملاق عبد الرحمن الريح الذي قدمه للوسط الفني بأعماله دون أن يعتمد على أعمال غيره، الأمر الذي جعل انطلاقة الوالد قوية ولم يخبُ نجمه من الانطلاقة الأولى عام 1951 وحتى تاريخ وفاته”.
معاناة كبيرة
في تلك الفترة كان الولوج للوسط الفني يمر منعطفات خطيرة عندما كان الفن في نظر الأسر الطريق الأقرب لمجتمع “الصعاليك” ولم يسلم إبراهيم عوض من تلك النظرة القاسية ـ بحسب ابنه مازن ـ لكنه احتمل كل الأذى وعمل بجد واجتهاد لا ليصبح فناناً يشار إليه بالبنان لكن ليغير نظرة الناس للفن حتى أكسب الفن احترامه وفتح الطريق أمام عدد من زملائه لتجاوز تلك النظرة القاسية والدخول بطريقة سلسلة للوسط الفني الذي أصبح بفضل إبراهيم عوض وجيله الرائع منطقة منزوعة الألغام لكل صاحب موهبة يرغب في تقديم فنه للمجتمع..
وعاد مازن بذكرياته لحكايات البدايات الأولى التي سردها له والده وقال: “عانى والدي بشدة حتى ينتصر لموهبته وفنه، فعندما بدأ الوالد ترديد الأغنيات التي قدمها له الأستاذ عبد الرحمن الريح لم يكن والده يعلم أن ابنه تسلل من ورشته إلى مجتمع الفن بكل الصورة السيئة المرسومة له في أذهان الكثيرين في ذلك الوقت” ويمضي مازن: “الصدفة وحدها جعلت والدي يقع في الورطة عندما كان والده يستمع إلى المذياع فإذا به يسمع ابنه إبراهيم عوض يغني في الإذاعة وبلا تردد قام جدي بطرده من المنزل وبقى والدي لفترة طويلة في المنفى الإجباري بجريمة أنه امتهن الفن الذي كان في نظر كل الأسر في ذلك الوقت جريمة لا تغسل الأسرة عارها إلا بطرد الابن المنفلت الذي يكسر عادات وتقاليد الأسر التي تحارب الفن وأهل الفن”.
وساطة الجموعية تعيده للمنزل
مضى مازن في حديث الذكريات عن معاناة والده في محطة البدايات الأولى للغناء وقال: “مثل غيره احترم الفنان إبراهيم عوض قرار طرده من المنزل لكنه لم يرضخ لضغوط الأسرة ومضى قدماً في درب الغناء المحفوف بالمخاطر إلى أن تدخل محمد علي ناظر قبيلة الجموعية في تلك الفترة وتحدث مع الجد بضرورة السماح لإبراهيم عوض بالعودة إلى المنزل لكنه عاد دون أن يتنازل عن الطريق الذي اختطه لنفسه”.
على طريقة الجد
لم يختلف إبراهيم عوض عن والده الذي حاول بشتى السبل منعه من الغناء بحسب الدكتور مازن الذي قال: “والدي لم يحرمنا من الغناء لنفس السبب الذي من أجله حرمه والده من الغناء لكن كانت نصيحته الغالية بالنسبة لنا أن نركز أكثر على الجانب الأكاديمي وأنه على استعداد لتحمل كل تبعات مشوارنا الأكاديمي وقد وفقنا الله أن نحقق أغلى أمانيه فكان التوفيق حليف كل أفراد الأسرة في الجانب الأكاديمي”.
حسن إبراهيم عوض:
والدي حرمني من الغناء في الدورة المدرسية
انتقلنا بعد ذلك بالحديث مع ابنه حسن الذي تناول أفراد الأسرة بالتفصيل، ومن الوظائف التي يشغلها أبناء الراحل إبراهيم عوض يتضح لنا صحة حديث ابنه مازن حول أن الراحل كان مهموماً بالمشوار الأكاديمي لأبنائه حيث ابتدر حديثه: “أسرة الفنان إبراهيم عوض تضم ابنه الأكبر عوض وهو كابتن طيران ومازن طبيب يعمل في الإمارات، وهشام صيدلي، ومجتبى طبيب أسنان، والابن الأصغر محمد طبيب صيدلي”.. حسن تحدث للصحيفة عن محاولته السير على درب الوالد والاتجاه نحو الغناء لأنه كان صاحب صوت جميل بشهادة أصدقاء الراحل وأفاد: “تم اختياري من قبل أساتذتي للمشاركة بالغناء في الدورة المدرسية بعد أن أجمع الأساتذة على جمال صوتي لكن المفاجأة أن والدي رفض بشدة مجرد مشاركتي بالغناء في الدورة المدرسية وقال إن شعاره لكل أبنائه الشهادة الأكاديمية قبل الغناء”.. حسن احترم رغبة والده وركز كل جهده في الجانب الأكاديمي وقال إنه يغني في بعض المناسبات الخاصة مع شقيقه عوض الذي يتمتع بموهبة كبيرة في الغناء.. وعن حدود تلك المشاركات وهل وصلت إلى مرحلة إحياء حفلة قال: “ليس لهذه الدرجة لكن مثلاً في بعض الحفلات التي يردد فيها فرفور وعاصم البنا أغاني الراحل يطلبان أن نشاركهما الغناء أنا وشقيقي عوض وكنا لا نرفض طلبهما خاصة وأنني أحفظ كل أغاني والدي عن ظهر قلب..
تمسك بحي العرب حتى وفاته
حسن الطبيب الذي يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية تحدث عن الارتباط الحميم لوالده بالبيت الكبير في حي العرب وقال: “كان لدينا منزل جاهز في بيت المال تم تجهيزه على أحدث طراز لكنه رفض بإصرار أن يخرج من منزل الأسرة لأن علاقته الحميمة بأهل الحي خاصة عبد الرحمن الريح كانت تصده عن التوجه إلى منزل الأسرة الجديد في بيت المال، وقد تمسك إبراهيم عوض بالبقاء في منزل الأسرة الكبير بحي العرب حتى وفاته.
مجتبى إبراهيم عوض:
غالبية الأبناء أطباء من أجل رغبة الوالد
انتقلنا بعد ذلك بالحديث مع الدكتور مجتبى إبراهيم عوض الذي تحدث عن تعدد الأطباء في الأسرة وقال إن غالبية أبناء الفنان الراحل إبراهيم عوض اتجهوا نحو الطب تنفيذاً لرغبة والدهم الذي كان ينظر للطب باعتبارها مهنة إنسانية تقدم خدمة جليلة للمجتمع، وأضاف: “كذلك خالنا الدكتور بدر الدين كان له أثر كبير في اتجاه غالبية أبناء إبراهيم عوض نحو مهنة الطب” وتحدث مجتبى عن العلاقات الحميمة للوالد في السودان ومصر، مشيراً إلى أن والده كان يتمتع بعلاقة حميمة مع سعادة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية، مجتبى تحدث عن أخلاق الوالد وقال إنه كان عفيف اليد واللسان لذلك أحسن تربية أولاده الذين وجدوا الطريق إلى الحياة أمامهم مفروشاً بالورد بفضل العلاقات الحميمة لوالدهم التي وجدوها أين ما اتجهوا.
الدكتور محمد إبراهيم عوض:
كان يرفض بشدة أن نرافقه في حفلاته
بالنسبة للدكتور محمد إبراهيم عوض النجل الأصغر للفنان الذري لم يخرج عن إجماع الأسرة الكبير على مهنة الطب تحدث عن اجتهاد الوالد الكبير من أجل نجاح أبنائه في المجال الأكاديمي وقال: “الوالد كان يرصد حوافز ضخمة للمتفوقين في الدراسة ويباعد بيننا والغناء لدرجة أنني طلبت منه بحكم أنني الابن الأصغر في الأسرة أن أذهب معه إلى بعض الحفلات الخاصة التي كان يغني فيها لكنه كان يرفض بشدة ويتعامل مع مثل هذه الأمور بحسم”، وأردف: “في بعض الأحايين كان يسمح لابنه عوض أن يذهب معه إلى بعض الحفلات الخاصة التي يغني فيها” محمد كشف عن كرم الوالد الذي كان يحرمه من عداد الحفلة وقال إن غالبية حفلات الأعراس التي غنى فيها كان ينفق مردودها في دعوة فاخرة لكل عريس وعروس غنى لهما في ليلة فرحهما في منزل الأسرة الكبير بحي العرب، الأمر الذي جعل علاقته تتوطد بعدد كبير من الأسر التي غنى لها.. ورأى محمد أن والده وجد نفسه في حي يتنفس فناً حيث سكن جواره عبد الرحمن الريح وسيف الدين الدسوقي والتاج مصطفى وعدد كبير من الفنانين.
جار الذري في الحي:
نقل الأغنية السودانية من الحقيبة إلى الحداثة
سجلت (اليوم التالي) زيارة إلى الأستاذ نصر الدين إبراهيم جار الفنان إبراهيم عوض الذي تحدث عن الراحل وعن النقلة الكبيرة التي أحدثها في مسيرة الأغنية السودانية ذاكراً أن إبراهيم عوض نقل الأغنية السودانية من مرحلة الحقيبة إلى الغناء الحديث، وأضاف: “الآن كل فنان في بداية سلم النجومية يتعامل بغرور وتعال، رحم الله إبراهيم عوض فقد بلغ من النجومية والشهرة ما لم يبلغه من قبله ولا من بعده لكنه كان كلما ازداد نجومية ازداد تواضعاً، كانت أياديه بيضاء على الجميع وكان كريماً وسخياً وغنى في معظم أفراح أهل الحي بالمجان لذلك ستبقى ذكراه العطرة باقية فينا ما بقينا في البسيطة
اليوم التالي
وينحدر عوض من أسرة تمثل خليطاً لتمازج المصريين بالسودانيين. حيث ما يزال بعض أهله في منطقة أسوان،
اسرة ابراهيم عوض تنتمي لقبيلة الكنوز وهي قبيله نوبيه وقبائل النوبه اصلها في السودان وفرعها في مصر يرزح تحت الاحتلال المصري
سيبونا من الافك بتاعكم دا ,, قال تمازج المصريين بالسودانيين يا سلام
اتمني ان يمزجك الله بخلاطه مع مصريي المنوفيه ودمياط كما تمنيت
طبعا البداية خلوة الشريف عمر السوري شيخ الطريقة التجانية وهى كانت مجانية ثم بعد ذلك مدرسة العناية والتى كانت للاستاذ الصحفى اللامع والذى توفى شابا وهو جعفر السورى ابن الشريف عمر واخيه عبد الله السوري شيخ الطريقة التجانية وقبلها المستشار السياسى للامام الهادى المهدى وايضا اخيهم الاستاذ الرياحى السورى رحمة الله عليهم وان قصة الخمسة عشر قرشا ولكن فى لقاء مع الفنان ابراهيم عوض مع صحيفة الخرطوم عندما كانت تصدر من القاهرة ان المبلغ كان شلنا وعندم سالته ان المبلغ ليس هو الحائل ولكنكان ابراهيم عوض بيزوغ ويساعد والده فى الحدادة ويغنى وليس كان ذلك مشكلة لجعفر السوري لانه هو من اوائل المساهمين فى تأسيس اتحاد الفنانين وهو من ادخل احمد المصطفى للفن راجع حلقة اسماء فى حياتنا مع احمد المصطفى ستجد ذلك وايضا من الفنانين من درس فى مدرسة العناية التاج مصطفى بعد ذلك سرعان ما اغلقت المدرسة نظرا لضغط الناس على الشريف عمر السوري كرجل دين وابنه جعفر يفتح مدرسة تدرس الحساب واللغة الانجليزية وغيرها من المواد فاضطر الابناء باغلاق المدرسة هذا للعلم ارجو النشر لتوضيح الحقيقة الله يرحمهم جميعا