نكهة العيد بالوفاء للمرأة !!! (٢ – ٢)

دنيا دبنقا
نور الدين بريمة
أيم والله نحن معاشر الرجال .. كثيرون منّا أو جلنا إن لم يكن أغلبنا .. يحبون الأنثى ، حتى النخاع الشوكي ، ولا يأْبى حبها منهم ، إلا من كان مريضًا أو مكابرًا أو مُزدريًا ، أو من به عوَرٌ لم يدرك قيمتها ، وهي تبادله حبًا بحب ! وشوقًا بشوق ! ولهفةً بلهفة ! ، وأينما ووقتما تلاقى النصفان ، تستنهض فيهما هذه المثل والقيم الروحانية ، فيبحث الرجل عن المرأة ، مثلما تبحث المرأة عن الرجل ، فربما يجدان بعضهما في الحل والترحال ، وفي السرّاء والضرّاء ، كيف لا والأنثى تضمّد الجِراح ، وتشْفي المرض ، ولها من المعالي والقيم التي مكنتها من تربية وصناعة الرجل ، فحقًا الأنثى مدرسةٌ إن أعددْتها أعددْت شعبًا طيب الأعراق.
نعم إن الأم هي الأنثى التي تصنع الحياة ، بل هي للحياة ، لأنها أجادت وأحسنت صناعتها ولولاها لما كانت لهذه الحياة طعمٌ ولا مذاق ، ولا لونٌ ولا رائحة ، فالشعراء تباروا في خطب ود هذه الأنثى ، مثلما إستطاع شاعرنا الصادق الرضي ، صناعة أنثاه أو فتاته.. من دخان سجائره ، لتلمّ عن وجهه غبار الإغتراب ، وكي تقيَه من مكابدة النزيف ، هكذا كانت صناعة ود الرضي ، ثم زاد في إجادتها لمّا أبان : أنه سوف يصنع له حبيبة ، تفهم الوطن الذي يشقى به ، ويخصها بالشعر والحمى ، يسمّيها (نضال) ليقول : إن هذا الإسم أقرب من دمي.
نعم .. مرت أيام صبانا وعمرنا لهوًا وشدوًا ، لكنها أيضًا مزحومة بعنفوان وصولجان النضال ، مشحونة بحبه المسكون بالثورة – أي الثورة- التي علّمتنا كيف نسلك دروبها شديدة الظُلمة .. شائكة الوُعورة ، قدّمنا فيها ما قدّمنا من أرواح ودماء ودموع!!!، ونضالات وتضحيات جسام ، عشنا خلالها إنتكاسات وإنتصارات ، لكنّا توشحنا بحب الأنثى كما الثورة ، وقيمها التي إستلهمناها من قرائح الشعراء والفنانين ، الذين نثروها وتغنّوا بها قمحًا وتمنّي ، ثم ألهبوا بها مشاعرنا نزالًا ونضالًا ، ملؤوها ألمًا وأملًا!! وهزيمة وإنتصارًا!! وحبًا للوطن!!.
فآه من هذه المشاعر الأنثوية وآه من سيرها النضرة!!، لأنها أرجعتنا كرّتين إرتددْنا عبرها إلي زمان الهوى ورمين الورد، نرتّل فيها صحائف الهزيمة تارة والإنتصار تارة أخرى، فيا أيتها الأنثى الحبيبة: الأم.. الزوجة.. الأخت.. الإبنة، إن الحب لم يكن فقط يومًا وردة حمراء أو صفراء أو بنفسجيّة أو … نقدمها لكِ يوم عيدك ، بل الحب يعني إحترامًا وتقديسًا لحقك في أن تكوني أنثى ، وتحقيقًا لحريتك وسلامتك وعدالتك ، لأنك تمثلين سلامًا للأمة وعدالتها وحريتها، وتسهمين كذلك في تعزيز هدوئها النفسي وإستقرارها الأسري ، وتعايشها ووئامها المجتمعي.
وبالطبع هذا ليس ببعيد المنال خاصة إذا ظللننا جميعًا أوفياء لإحترام الأنثى وللروابط التي جمعت بيننا ، نتشارك فيها أحلامنا وآلامنا .. بأحلامهنّ وآلامهنّ!! وجراحنا بجراحهنّ!!، بل نتسامر بهذا العبق الأنثوي، لأنها تمثل أيقونة ثورة ديسمبر المجيدة ، تحفّز المناضلين حينًا، وتهاجم العدو حينًا آخر وأيقونة أخرى تُنتهك حقوقها، ولا غروّ في أنها تتفوّق علينا بتلك المعاني ، وتتهافت وتتدافع نحو مشاعر المحبة الصادقة لهذا النضال ، ولذلك علينا أن نعتدّ بحب ثورتنا الأنثى ، ونقول : نحن بنريدك (الأنثى والثورة) زي ريدة الحمامة لوليدها.
ولابد من تقبّل شكواها وأنينها بل وتحمّل نوباتها ، لأن قلوبنا مفتونة بحبها، فالأنثى حقًا هي الثورة .. والثورة هي الأنثى، وبهما قد مُنحْنا الحياة بمعانيها الجميلة، اللهم نسأله أن نجني ثمار نضالنا، ويلهمنا حبها، ويديم علينا جميعًا نعمة الإستقرار الأسري والعاطفي والإجتماعي، وأن تتحقق العدالة ويعم السلام في ربوع سوداننا الحبيب، لننعم بالحرية والدولة المدنية، ونسأله من فضله أن يرزقنا العفّة والأمانة والصدق والإحسان ، وحب الخير وبغض الشر عن الناس، وكل عام وأنثانا أكثر محبّة، وثورتنا أكثر ثمارًا وصمودًا، وكل عام والمرأة بألف خير.