لا للاستيلاء على البحيرة

بعد فتره من السبات على جبهة مأساة المناصير, خرجت علينا وحده السدود بأنباء عن عقود يجرى توقيعها لاستثمارات سمكية في بحيرة سد مروى. في البداية نتساءل عن اى وجه حق لهذه الوحدة في تملك البحيرة والتصرف فيها, ان البحيرة التي تمتد فوق رفات قرى المناصير الهالكة ونخيلهم هي دون شك ملك شرعي لأولئك المتضررين. انه وفى ظل الوضع الراهن, فان من حق وحده السدود ان تتحدث عن تطوير الزراعة وزراعة الانسجة والثقافة والاثار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والامن الغذائي وكل ما طاب لها من شعارات لخدمه اهدافها في الاستحواذ والتملك. ان هذه الوحدة قد درجت على اطعام الشعب السوداني صباحا مساء, بأكاذيب فضحتها الايام, عن الطاقة الموعودة والتنمية الزراعية التي سيحدثها سد مروى, وبلغ الامر ان كبار المسؤولين قد تورطوا في الاعلان عن المعجزة وان الفقر سينتهى في السودان باكتمال السد. فلنرى الان محصول تلك الماكينة الدعائية ? لا كهرباء ولا زراعة والفقر يتمطى ويتمدد في كل السودان. قبل سنوات كتب عدد من الاقلام المخلصة منبهين الى تطاول هذه الوحدة وافراطها في امتلاك الصلاحيات، لم يفد ذلك شيئا ,بل ان العكس قد حدث, وتمددت الوحدة لتبتلع وزاره الري والهيئة القومية للكهرباء ومدت ارجلها حتى مناشط حفر الابار الجوفية وحصاد المياه.
فلتعربد هذه الوحدة بما يرضى سادتها ولكن الحذر ثم الحذر من مواصلة الاعتداء على المناصير وحقوقهم. ان العقود التي ابرمت مع الشركات حول البحيرة يجب ان تلغى فورا وبقرار رئاسي وان يعاد الحق الى اصحابه. اما تنمية مصائد الاسماك فهذه قد اصبحت الوسيلة الاولى لكسب العيش في المنطقة. وعلى الحكومة ان تنظم تعاونيات للمواطنين وتجهزها بما يلزم من اليات ومعينات صيد واجهزه تبريد وزوارق حتى تقف على أرجلها وينتفع منها ضحايا الاغراق التعسفي. هكذا نرجو ان تكون مسؤولية الدولة نحو رعاياها وليس المباركة والاشراف على نهبهم.
لا شك ان قيام وحده السدود بتوقيع عقود لشركة برازيلية واخرى سودانية متعددة الأنشطة يمثل قمة في الاستعداء والاستخفاف بالمواطنين اصحاب الحق. ولا شك ان المناصير سيهبون كرجل واحد للدفاع عن حقوقهم بعد ان عبث بهم الخراصون مرات سابقة، ويسندهم في ذلك القانون والعرف. ان الغاء تلك العقود المشؤومة ومساءلة من مهدوا وروجوا لها يجب ان يتم بأقصى سرعة. لقد قال قيس بن جروه الطائي حين تعرض قومه لظلم
فأقسمت جهدا بالمنازل من منى
وما خب في بطحائهن درادقه
لئن لم تغير بعض ما قد فعلتم
لانتحين العظم ذو انا عارقه
و “ذو” بمعنى “الذي” في لغة طي. ارجو ان تتخذ الاجراءات الكفيلة بإبطال تلك العقود واعاده الحق الى اهله المناصير والسلام.
جعفر زرقاني
[email][email protected][/email]