نعيب زماننا والعيب فينا

نهى محمد الأمين أحمد
لا بد من تسليط الضوء على الحقيقة المجردة
سبب بلاء هذا البلد هو أهله، هم أبناؤه وليس سواهم،
لا ترموا اللوم على أحد، أنتم المشكلة، أنتم أس الدمار ومعول الهدم، شعب غريب، متعدد الألوان، السحنات، المعتقدات، اللهجات العادات، هذه التعددية التي كان من الممكن أن تكون أميز وأفضل صفات هذا الشعب، لو تقبل الجميع اختلافهم واستفادوا منه ليكملوا نقائص بعضهم، ولكن بدلا من ذلك كان نتاج هذه التعددية التشرزم، القبلية والعنصرية البغيضة، أي قبيلة تظن أنها الأفضل ولا تقبل نقاشا في أفضليتها، العنصرية التي تمارس في السودان لا تقل أبدا عن تعنصر البيض على السود في مجتمعات الغرب، وربما كانت أشد فظاعة، فعلى الأقل في هذه الدول أصبحت العنصرية ممنوعة بحكم القانون ويعاقب كل من تسول له نفسه ممارستها،
مجتمع كامل تأخذه العزة بالإثم، يكرر في أخطائه بذات الصلف والهنجهية، في تغييب كامل لما يعرف بالدروس المستفادة،
بدأ هذا البلد الذي حباه الله بكم هائل من الموارد الطبيعية، بدأ في التدهور منذ فجر الاستقلال، وكان العامل المشترك هو غياب الوطنية، المحبة والانتماء لهذا الوطن، لم يجد الزمان برجل رشيد يعتلي سدة الحكم بهدف النهوض بهذا البلد والسير به للإمام، كل من تولى أمره سيطرت عليه المصالح الشخصية أو الحزبية، والأجندات الخاصة، تسيدت ال (أنا) الموقف على مر العصور، الديمقراطيات كانت ضعيفة للغاية، بأحزاب ظلت تعاني على الدوام من المراهقة السياسية بالرغم من عمرها الطويل بحساب السنين، لذلك كانت الفترات المدنية قصيرة، لم تخدم البلد، ولا فكرت في المواطن، وكانت مشغوووولة بسفاسف الأمور، يسفر ذلك عن وضع في غاية الهشاشة، جراء التدهور الاقتصادي المستمر، يضيق العيش بالناس، ليجد العسكر السلطة لقمة سائغة فيقفزوا ويركبوا على صهوتها بانقلاب إثر إنقلاب، ويظل الصراع على السلطة دائرا، والسلطة من وجهة نظر الجميع، لم تكن في يوم من الأيام تكليفا يحاسبون عليه، ورسالة يؤدونها، بل هي وسيلة لتحقيق رغبات شخصية في الثراء وجني المال والتمتع بالصلاحيات في السيطرة على الآخرين وإشباع شهوة التسلط،
هذا البلد الثري بموارده المتكاملة، من أرض وماء، ثروات طبيعية مهولة، حيوانات، معادن نفيسة، أسماك، وسلع نادرة، يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، حتى قبل هذه الحرب اللعينة، بينما تتنافس الدول القريبة والبعيدة على حد سواء في الاستفادة من ثرواته المهولة، تتم سرقة خيرات هذا البلد بالتواطؤ والدعم الكامل من ذوي الأمر فيه، وهم يتعاملون مع هذه الثروات كأنها ملكهم الخاص، يبيعونه ويقبضون الثمن، الضمير غائب على الدوام،
وليس من مثال موجع لذلك، أكثر من جبل عامر الذي وهبه المخلوع لدقلو، ضاربا بذلك نموذجا للسفه والوضاعة لا يعلى عليه، فقط ليستمر هو جالسا على كرسي الحكم للأبد، وكانت عطية من لا يملك لمن لا يستحق، هذا الجبل الذي لو وجهت عوائد ذهبه لتعمير هذا البلد بدأ بدارفور وهي الأحق بعوائد الذهب بموقعها الجغرافي، لازدهر السودان بكلياته، حضره وريفه،
ولو يممنا شرقا، نجد كما من الثروات المعدنية في تلال البحر الأحمر، والبلد يزخر بالثروات الطبيعية في كل بقاعه، وعندما تم اقتراحه من الأمم المتحدة كسلة غذاء العالم، لم يكن ذلك من فراغ بل كان بموجب دراسات وإحصاءات بالأرقام،
وظل الشعب المسكين يعاني على الدوام من غياب الإدارة الرشيدة التي تسعى للمصلحة العامة، معايش الناس وحياتهم، حصولهم على احتياجاتهم،
ما حدث كان على النقيض تماما، انشغل الساسة بالمناصب، والصراعات على الكراسي، وكل من واتته الفرصة باع واشترى في ثروات هذا الوطن كما يشاء، اغتنوا، علموا أبناءهم في جامعات العالم، اشتروا العقارات وكنزوا العملات والذهب في البنوك العالمية، وتركوا غالبية أبناء هذا الوطن يعانون شظف العيش، ويحيط بهم الثالوث القاتل (الفقر- الجهل- المرض)،
العمالة، الارتزاق وانعدام الوطنية هي لعنات هذا البلد، وسيظل يرزح هكذا تحت طائلة المآسي ما لم يأت من أبنائه رجال شرفاء، نزيهون، راشدون، يحبون هذا الوطن، ويهمهم أن ينهض ويزدهر، ليس لديهم أية مآرب أخرى، يقيمون دولة العدل والمساواة، يطردون الدول العميلة والخونة المستفيدون من خيراته، ولا شك أن موارد هذا البلد، لو أحسنت إدارتها واستخدامها، فهو مؤهل أن يكون في مقدمة الدول،
يا ليت قومي يعلمون،،،
حقا مصيبتنا في انه لم يغيض الله لهذا الوطن قائد رشيد يقوده وينهض به نحو مرافئ التقدم والرقي فابتلانا برؤساء جمعوا بين ضيق الافق وسؤ الخلق والي ان يظهر من بين ابناء هذا الشعب من يحمل علي عاتقه معول هدم كل اخفاقات الماضي واجتثاث مابه من فساد وتخلف سنظل في انتظار هذا المخلص